╝
▬وَأَقْسَمُوا
بِاللَّهِ جَهْدَ أَيْمَانِهِمْ لَئِن جَاءهُمْ نَذِيرٌ
لَّيَكُونُنَّ أَهْدَى مِنْ إِحْدَى الْأُمَمِ
[فاطر : 42]
عقائد
وثوابت إسلامية يجب تأصيلها
إعداد
الفريق
الإسلامي للنَّقد الكِتابي
تمَّ
في يوم الأربعاء 10 شعبان 1434هـ, المُوافق 19 يونيو
2013م
فهرس
المُحتويات
عقائد
وثوابت إسلامية يجب تأصيلها
? المسألة الأولى: عقيدة الولاء والبراء
قبل
كلّ شيء: ▬وَلَن تَرْضَى عَنكَ الْيَهُودُ وَلاَ النَّصَارَى حَتَّى تَتَّبِعَ
مِلَّتَهُمْ
أوَّلاً:
أدلَّة عقيدة الولاء والبراء من القُرآن الكريم
ثانياً:
أدلَّة عقيدة الولاء والبراء من السُّنَّة النَّبوية الشَّريفة
حُكم
تهنئة غير المُسلمين في أعيادهم الدِّينية
الولاء
والبراء عند المسيحيين
التَّعليق
على مسألة محبَّة الأعداء
نُصُوص
مُعاملة المسيحي للكافر في الكتاب المُقدَّس
التَّعاليم
المسيحية في مسألة أعياد غير المسيحيين
نُصُوص
التَّلون في دعوة غير المسيحي في الكتاب المُقدَّس
? المسألة الثانية: عقيدة أنَّ الدِّين عند الله
الإسلام
? المسألة الثالثة: عقيدة اتِّباع الشَّريعة
الإسلامية
? المسألة الرابعة: عقيدة المُسلم في الكُتُب السَّماوية
السَّابقة
? المسألة الأولى: عقيدة الولاء
والبراء
نبدأ
بقول الله عزَّ وجلَّ: ▬وَلَن تَرْضَى عَنكَ
الْيَهُودُ وَلاَ النَّصَارَى حَتَّى تَتَّبِعَ مِلَّتَهُمْ قُلْ إِنَّ هُدَى اللّهِ هُوَ الْهُدَى وَلَئِنِ
اتَّبَعْتَ أَهْوَاءهُم بَعْدَ الَّذِي جَاءكَ مِنَ الْعِلْمِ مَا لَكَ مِنَ اللّهِ
مِن وَلِيٍّ وَلاَ نَصِيرٍ♂ [البقرة :
120]
هذه
الآية يجب أن تجعل كلّ مُسلمٍ مُتيقِّناً بأنَّه لا يُمكن للمسيحي أو لليهودي أن
يُحبّ المُسلم إذا كان مُلتزماً بإيمانه ودينه وعقيدته. ولن يحصل المُسلم ولا حتى على الرِّضا, والرِّضا أقلّ بكثير من
الحُبّ, إلَّا إذا وافق ملَّة اليهودية أو المسيحية بشكلٍ من الأشكال.[[1]]
وعندما يحدث ذلك والعياذ بالله, فإنَّ المُسلم سيفقد
مُوالاة الله ونُصرته له. وكيف يُفلح إنسانٌ خذله الله
عزَّ وجلَّ وترك موالاته ونصرته؟!
هذه
الآية القُرآنية حسمت المسألة بخُصُوص أن يُحبّني غير المُسلم, أو على الأقل أن
يرضى عنِّي, ولكن هُناك آية قُرآنية يتمّ استخدامها دائماً في الإعلام كدليل على
أنَّ النَّصارى يُحبُّون المُسلمين, فهل القرآن مُتناقض؟
يقول
الله عزَّ وجلَّ في كتابه الكريم: ▬لَتَجِدَنَّ أَشَدَّ النَّاسِ عَدَاوَةً لِّلَّذِينَ
آمَنُواْ الْيَهُودَ وَالَّذِينَ أَشْرَكُواْ وَلَتَجِدَنَّ أَقْرَبَهُمْ
مَّوَدَّةً لِّلَّذِينَ آمَنُواْ الَّذِينَ قَالُوَاْ إِنَّا نَصَارَى ذَلِكَ
بِأَنَّ مِنْهُمْ قِسِّيسِينَ وَرُهْبَاناً وَأَنَّهُمْ لاَ
يَسْتَكْبِرُونَ♂ [المائدة : 82]
هذه
الآية دائماً ما تُقطع من سياقها لتُستخدم في سياق آخر
مُختلف[[2]].
يُريدون أن يُضلِّلوا المُسلمين ويقولون إنَّ هذه الآية
الكريمة مُنطبقة على المسيحيين الذين رغم رفضهم الإسلام, إلَّا أنَّهم أقرب الناس
مودَّة للمُسلمين. هذا التَّفسير من أبطل الباطل, فهذه الآية الكريمة تتكلَّم عن
المسيحيين الذين لا يستكبرون عن قُبُول الحقّ, الذي هو الإسلام, والإذعان له,
واتِّباعه[[3]].
تستطيع أن تفهم هذا بمُجرَّد قراءة الآية والآيات التي
تليها:
▬لَتَجِدَنَّ أَشَدَّ النَّاسِ عَدَاوَةً لِّلَّذِينَ
آمَنُواْ الْيَهُودَ وَالَّذِينَ أَشْرَكُواْ وَلَتَجِدَنَّ أَقْرَبَهُمْ
مَّوَدَّةً لِّلَّذِينَ آمَنُواْ الَّذِينَ قَالُوَاْ إِنَّا نَصَارَى ذَلِكَ
بِأَنَّ مِنْهُمْ قِسِّيسِينَ وَرُهْبَاناً وَأَنَّهُمْ لاَ
يَسْتَكْبِرُونَ (82) وَإِذَا سَمِعُواْ مَا أُنزِلَ إِلَى الرَّسُولِ تَرَى
أَعْيُنَهُمْ تَفِيضُ مِنَ الدَّمْعِ مِمَّا عَرَفُواْ مِنَ الْحَقِّ يَقُولُونَ
رَبَّنَا آمَنَّا فَاكْتُبْنَا مَعَ الشَّاهِدِينَ (83) وَمَا لَنَا لاَ نُؤْمِنُ بِاللّهِ وَمَا جَاءنَا مِنَ
الْحَقِّ وَنَطْمَعُ أَن يُدْخِلَنَا رَبَّنَا مَعَ الْقَوْمِ الصَّالِحِينَ
(84) فَأَثَابَهُمُ اللّهُ بِمَا
قَالُواْ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِن تَحْتِهَا الأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا وَذَلِكَ
جَزَاء الْمُحْسِنِينَ (85) وَالَّذِينَ كَفَرُواْ وَكَذَّبُواْ بِآيَاتِنَا
أُوْلَـئِكَ أَصْحَابُ الْجَحِيمِ (86)♂ [سورة المائدة]
وهكذا
نكون قد حسمنا القضية. فلا يوجد أي مسيحي أو نصراني يُحبّ الذين آمنوا من المُسلمين
إلَّا إذا كان من الذين لا يستكبرون عن قُبُول الحقّ المذكور في الإسلام. أمَّا الذين لا يقبلون الإسلام ديناً, ولا يرضون بمحمد ☺ نبياً
ورسولاً, فهؤلاء لن يرضوا عنَّا إلَّا إذا اتَّبعنا ملَّتهم[[4]].
ونعوذ بالله عزَّ وجلَّ من ذلك.
بعد
الانتهاء من عرض ما سبق, يجب علينا الآن أن نطرح سؤالاً في غاية الأهمية: هل يجوز
للمُسلم أن يُحبّ غير المُسلم, سواء كان من المسيحيين, أو من اليهود, أو من
البهائيين, أو من البوذيين ... إلخ؟[[5]]
الجواب:
لا يجوز للمؤمن إلَّا أن يُحبّ المؤمن, ولا يجوز للمؤمن إلَّا أن يتودَّد للمؤمن,
ولا يجوز أبداً أن يُحبّ المؤمن غير المؤمن أو أن يتودَّد إليه. كلّ حبّ, وأي حبّ يجب أن يكون أساسه الإيمان بالله عزَّ وجلَّ,
وبرسوله محمد ☺, وحبّ الله عزَّ وجلَّ, وحبّ رسوله ☺, فلا يُعقل أن يُحبّ المؤمن
شخصاً لا يحبّ أحبّ ما تُحبّ.
عقيدة
الولاء والبراء عند المُسلمين عليها أدلَّة كثيرة جداً من الكتاب والسُّنَّة, نعرض
لكم بعضها:
﴿لَا تَجِدُ قَوْماً يُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ
يُوَادُّونَ مَنْ حَادَّ اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَلَوْ كَانُوا آبَاءهُمْ أَوْ أَبْنَاءهُمْ أَوْ
إِخْوَانَهُمْ أَوْ عَشِيرَتَهُمْ أُوْلَئِكَ كَتَبَ فِي قُلُوبِهِمُ الْإِيمَانَ
وَأَيَّدَهُم بِرُوحٍ مِّنْهُ وَيُدْخِلُهُمْ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِن تَحْتِهَا
الْأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ وَرَضُوا عَنْهُ
أُوْلَئِكَ حِزْبُ اللَّهِ أَلَا إِنَّ حِزْبَ اللَّهِ هُمُ
الْمُفْلِحُونَ♂ [المجادلة : 22][[6]]
﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ لاَ تَتَّخِذُواْ
آبَاءكُمْ وَإِخْوَانَكُمْ أَوْلِيَاء إَنِ اسْتَحَبُّواْ الْكُفْرَ عَلَى
الإِيمَانِ وَمَن يَتَوَلَّهُم مِّنكُمْ فَأُوْلَـئِكَ هُمُ
الظَّالِمُونَ♂ [التوبة : 23][[7]]
﴿لاَّ يَتَّخِذِ الْمُؤْمِنُونَ الْكَافِرِينَ أَوْلِيَاء
مِن دُوْنِ الْمُؤْمِنِينَ وَمَن يَفْعَلْ ذَلِكَ فَلَيْسَ مِنَ اللّهِ فِي شَيْءٍ
إِلاَّ أَن تَتَّقُواْ مِنْهُمْ تُقَاةً وَيُحَذِّرُكُمُ اللّهُ نَفْسَهُ وَإِلَى
اللّهِ الْمَصِيرُ♂ [آل عمران : 28]
﴿قَدْ كَانَتْ لَكُمْ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ فِي إِبْرَاهِيمَ
وَالَّذِينَ مَعَهُ إِذْ قَالُوا لِقَوْمِهِمْ إِنَّا بُرَاء مِنكُمْ وَمِمَّا
تَعْبُدُونَ مِن دُونِ اللَّهِ كَفَرْنَا بِكُمْ وَبَدَا بَيْنَنَا وَبَيْنَكُمُ
الْعَدَاوَةُ وَالْبَغْضَاء أَبَداً حَتَّى تُؤْمِنُوا بِاللَّهِ
وَحْدَهُ♂ [الممتحنة : 4]
﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَتَّخِذُوا عَدُوِّي
وَعَدُوَّكُمْ أَوْلِيَاء تُلْقُونَ إِلَيْهِم بِالْمَوَدَّةِ وَقَدْ كَفَرُوا
بِمَا جَاءكُم مِّنَ الْحَقِّ♂ [الممتحنة : 1]
﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ لاَ تَتَّخِذُواْ الْيَهُودَ
وَالنَّصَارَى أَوْلِيَاء بَعْضُهُمْ أَوْلِيَاء بَعْضٍ وَمَن يَتَوَلَّهُم
مِّنكُمْ فَإِنَّهُ مِنْهُمْ إِنَّ اللّهَ
لاَ يَهْدِي الْقَوْمَ الظَّالِمِينَ
(51)
فَتَرَى
الَّذِينَ فِي قُلُوبِهِم مَّرَضٌ يُسَارِعُونَ فِيهِمْ يَقُولُونَ نَخْشَى أَن
تُصِيبَنَا دَآئِرَةٌ فَعَسَى اللّهُ أَن يَأْتِيَ بِالْفَتْحِ أَوْ أَمْرٍ مِّنْ
عِندِهِ فَيُصْبِحُواْ عَلَى مَا أَسَرُّواْ فِي أَنْفُسِهِمْ
نَادِمِينَ
(52)
وَيَقُولُ الَّذِينَ آمَنُواْ أَهَـؤُلاء
الَّذِينَ أَقْسَمُواْ بِاللّهِ جَهْدَ أَيْمَانِهِمْ إِنَّهُمْ لَمَعَكُمْ
حَبِطَتْ أَعْمَالُهُمْ فَأَصْبَحُواْ خَاسِرِينَ (53) يَا أَيُّهَا
الَّذِينَ آمَنُواْ مَن يَرْتَدَّ مِنكُمْ عَن دِينِهِ فَسَوْفَ يَأْتِي اللّهُ
بِقَوْمٍ يُحِبُّهُمْ وَيُحِبُّونَهُ أَذِلَّةٍ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ أَعِزَّةٍ
عَلَى الْكَافِرِينَ يُجَاهِدُونَ فِي سَبِيلِ اللّهِ وَلاَ يَخَافُونَ لَوْمَةَ
لآئِمٍ ذَلِكَ فَضْلُ اللّهِ يُؤْتِيهِ مَن يَشَاءُ
وَاللّهُ وَاسِعٌ عَلِيمٌ (54)
إِنَّمَا وَلِيُّكُمُ اللّهُ وَرَسُولُهُ
وَالَّذِينَ آمَنُواْ الَّذِينَ
يُقِيمُونَ الصَّلاَةَ وَيُؤْتُونَ الزَّكَاةَ وَهُمْ رَاكِعُونَ (55) وَمَن
يَتَوَلَّ اللّهَ وَرَسُولَهُ وَالَّذِينَ آمَنُواْ فَإِنَّ حِزْبَ اللّهِ هُمُ
الْغَالِبُونَ
(56)
يَا
أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ لاَ تَتَّخِذُواْ الَّذِينَ اتَّخَذُواْ دِينَكُمْ
هُزُواً وَلَعِباً مِّنَ الَّذِينَ أُوتُواْ الْكِتَابَ مِن قَبْلِكُمْ
وَالْكُفَّارَ أَوْلِيَاء
وَاتَّقُواْ اللّهَ إِن كُنتُم مُّؤْمِنِينَ
(57)♂
[سورة المائدة][[8]]
﴿لُعِنَ الَّذِينَ كَفَرُواْ مِن بَنِي إِسْرَائِيلَ عَلَى
لِسَانِ دَاوُودَ وَعِيسَى ابْنِ مَرْيَمَ ذَلِكَ بِمَا عَصَوا وَّكَانُواْ
يَعْتَدُونَ (78) كَانُواْ لاَ
يَتَنَاهَوْنَ عَن مُّنكَرٍ فَعَلُوهُ لَبِئْسَ مَا كَانُواْ يَفْعَلُونَ
(79) تَرَى كَثِيراً مِّنْهُمْ
يَتَوَلَّوْنَ الَّذِينَ كَفَرُواْ لَبِئْسَ مَا قَدَّمَتْ لَهُمْ أَنفُسُهُمْ أَن
سَخِطَ اللّهُ عَلَيْهِمْ وَفِي الْعَذَابِ هُمْ خَالِدُونَ (80)♂ [سورة
المائدة][[9]]
قَالَ رَسُولُ اللَّهِ ☺: «أَوْثَقُ عُرَى الْإِيمَانِ
الْحَبُّ فِي اللَّهِ وَالْبُغْضُ فِي اللَّهِ».[[10]]
قَالَ رَسُولُ
اللَّهِ ☺: «ثَلاَثٌ مَنْ كُنَّ فِيهِ وَجَدَ
حَلاَوَةَ الإِيمَانِ: أَنْ يَكُونَ اللَّهُ وَرَسُولُهُ أَحَبَّ إِلَيْهِ مِمَّا
سِوَاهُمَا، وَأَنْ يُحِبَّ المَرْءَ لاَ يُحِبُّهُ إِلَّا لِلَّهِ، وَأَنْ
يَكْرَهَ أَنْ يَعُودَ فِي الكُفْرِ كَمَا يَكْرَهُ أَنْ يُقْذَفَ فِي
النَّارِ».[[11]]
قَالَ
رَسُولُ اللَّهِ ☺: «المَرْءُ مَعَ مَنْ أَحَبَّ».[[12]]
قَالَ رَسُولُ اللَّهِ ☺: «أَنْتَ مَعَ مَنْ
أَحْبَبْتَ».[[13]]
قَالَ
رَسُولُ اللَّهِ ☺: «لَا تُصَاحِبْ إِلَّا
مُؤْمِنًا، وَلَا يَأْكُلْ طَعَامَكَ إِلَّا تَقِيٌّ».[[14]]
قَالَ
رَسُولُ اللَّهِ ☺: «الْمَرْءُ عَلَى دِينِ
خَلِيلِهِ، فَلْيَنْظُرْ أَحَدُكُمْ مَنْ يُخَالِلُ».[[15]]
من
كلّ هذه الأدلَّة الشَّرعية السابقة, اتَّضح أنَّه يجب على المؤمن أن لا يُحبّ
إلَّا المؤمن, ولا يجوز للمؤمن أن يحبّ غير المؤمن الذي يخالف أمر الله عزَّ وجلَّ,
وأمر رسوله ☺, ويترك التَّوحيد ليقع في الشِّرك والكُفر, فمثل هذا عدوّ لله عزَّ
وجلَّ, ولرسوله ☺, وكيف لمن يُحبّ الله عزَّ وجلَّ, ويُحبّ رسوله ☺, أن يُحبّ من
يُعاديهما؟!
حُكم
تهنئة غير المُسلمين
في أعيادهم الدِّينية
الدَّليل
الأقوى الذي على أساسه أفتى المُسلمون بحُرمة تهنئة الكُفّار في أعيادهم هو قول
الله عزَّ وجلَّ في كتابه الكريم:
▬وَالَّذِينَ لَا يَشْهَدُونَ الزُّورَ وَإِذَا مَرُّوا
بِاللَّغْوِ مَرُّوا كِرَاماً♂ [الفرقان :
72][[16]]
وفي
النِّهاية, إليكم مجموعة من المُقتطفات المأخوذة من الفتاوى التي تُبيِّين حُرمة
تهنئة غير المُسلمين في أعيادهم الدِّينية:
[التَّحريم
واردٌ فيمَن أظهر لهم أيّ شكل من أشكال المُشاركة والمُوافقة، كالهدية، والتَّهنئة
القولية، والإجازة عن العَمَل، وصُنع الطَّعام، والذَّهاب إلى أماكن الألعاب,
ونحوها من عادات العيد، والنِّيَّة
المُخالفة لظاهر اللَّفظ لا تنقل الحُكم إلى الجواز،
فظاهر هذه الأعمال كافٍ في القول بالتَّحريم. ومعلومٌ
أنَّ أكثر النّاس المُتساهلين في هذه الأُمُور لا يقصدون مُشاركة النَّصارى في
شركهم، وإنَّما يدفعهم إليها المُجاملة حيناً، والحياء أحياناً أُخرى، ولكنَّ
المُجاملة على الباطل لا تجوز، بل الواجب إنكار المُنكر والسَّعي في
تغييره.][[17]]
[فإن
قال قائل: «إنَّ أهل الكتاب يُهنِّئوننا بأعيادنا, فكيف لا نُهنِّئهم بأعيادهم
مُعاملةً بالمثل, وردًّا للتَّحية, وإظهاراً لسماحة الإسلام» ... إلخ،
فالجواب: أن يُقال: إنَّ هنئونا بأعيادنا, فلا يجوز أن نُهنِّئهم
بأعيادهم لوُجُود الفارق، فأعيادنا
حقّ من ديننا الحقّ،
بخلافِ
أعيادهم الباطلة,
التي
هي من دينهم الباطل،
فإن هنَّئونا على الحقّ فلن نُهنِّئهم على الباطل. ثمَّ إنَّ أعيادهم لا تنفكّ عن
المعصية والمُنكر, وأعظم ذلك تعظيمهم للصَّليب، وإشراكهم بالله تعالى، وهل هُناك
شِركٌ أعظمٌ من دعوتهم لعيسى ♠ بأنَّه إلهٌ, أو ابنُ إلهٍ, تعالى اللهُ عمَّا
يقولون عُلُواً كبيراً، إضافةً إلى ما يقع في احتفالاتهم بأعيادهم من هتك للأعراض,
واقترافٍ للفواحش, وشرب للمُسكرات, ولهو ومُجُون، ممّا هو مُوجب لسَخَط اللهِ
ومقته، فهل يليق بالمُسلم المُوحِّد بالله ربّ العالمين أن يُشارك, أو يُهنِّئ
هؤلاء الضّالين بهذه المناسبة!][[18]]
[وأمَّا
قولهم: «مُجاملةً، وليس إقرارًا»؛ فهي مُجاملة على حساب الدِّين, تدخل في
قوله تعالى: ▬وَدُّوا
لَوْ تُدْهِنُ فَيُدْهِنُونَ♂
(القلم:9)، ومُخالفةً لقوله تعالى: ▬وَلا
تَرْكَنُوا إِلَى الَّذِينَ ظَلَمُوا فَتَمَسَّكُمُ النَّارُ وَمَا لَكُمْ مِنْ
دُونِ اللَّهِ مِنْ أَوْلِيَاءَ ثُمَّ لا تُنْصَرُونَ♂
(هود:113)، ومُخالفةً لقوله تعالى: ▬ثُمَّ
جَعَلْنَاكَ عَلَى شَرِيعَةٍ مِنَ الأَمْرِ فَاتَّبِعْهَا وَلا تَتَّبِعْ أَهْوَاءَ
الَّذِينَ لا يَعْلَمُونَ♂
(الجاثية:18).]
[فمن
أعجب ما يقرأ المرء ويسمع: «الاستدلال بدليل على عكس المقصود منه»؛ فإنَّ
دُخُول النبي ☺ على يهود في يوم اجتماعهم في عيدهم؛ كان لدعوتهم إلى الله، وأمرهم
بالشَّهادتين، وليس في الحديث حرفٌ واحدٌ من التَّهنئة؛ وإلَّا
لسعد اليهود بالزيارة,
كما
يسعد النَّصارى اليوم بمثل ذلك،
وما كرهوه كما هو نص الحديث. فلو دخلوا عليهم وأمروهم بالشَّهادتين، والتَّوبة إلى
الله مِن القول بميلاد الرَّب, أو صلبه وقيامته من الأموات؛ فبها ونعمت،
وسنذهب
معهم يومها؛
ولو
كان يوم عيد،
بل يكون الدُّخُول عليهم يوم العيد مِن جِنْس قول الله عن موسى ♠: ▬قَالَ
مَوْعِدُكُمْ يَوْمُ الزِّينَةِ وَأَنْ يُحْشَرَ النَّاسُ ضُحًى♂
[طه:59].][[19]]
[أعياد المُشركين تتضمَّن تعظيمًا لعقائدهم
الكُفرية:
كميلاد الرَّب وموته وصلبه, والعياذ بالله، فتهنئتهم بها شرّ من التَّهنئة على
الزِّنا وشُرب الخمر، وأقلّ أحوالها التَّشبُّه بهم، وقد قال النَّبي ☺: «من
تشبَّه بقومٍ فهو منهم» (رواه أبو داود، وصححه الألباني).][[20]]
[قال
شيخ الإسلام ابن تيمية في كتابه: «اقتضاء الصِّراط المُستقيم مخالفة
أصحاب الجحيم»: «مُشابهتهم في بعض أعيادهم توجب سُرُور قُلُوبهم، بما هُم
عليه من الباطل، ورُبَّما أطمعهم ذلك في انتهاز الفُرَص واستذلال الضُّعفاء».
انتهى كلامه رحمه الله. ومن فعل
شيئاً من ذلك فهو آثم سواء فعله مُجاملةً، أو تودُّداً، أو حياءً, أو لغير ذلك من
الأسباب؛ لأنَّه من المُداهنة في دين الله، ومن
أسباب تقوية نُفُوس الكُفّار وفخرهم بدينهم.
والله المسئول أن يُعِزّ المُسلمين بدينهم، ويرزقهم
الثَّبات عليه، وينصرهم على أعدائهم، إنَّه قويٌّ عزيز.][[21]]
لا
تعتقد أنَّ هذه المعاني موجودة فقط عند المُسلمين, بل إنَّها موجودة أيضاً عند
المسيحيين, مأخوذة من نُصُوص كتابهم المُقدَّس, وقالها آباء كنيستهم في كتاباتهم,
وموجودة أيضاً ضمن قوانينهم الكنسية.
نجد
في إنجيل متَّى 5/43-48
(43 سَمِعْتُمْ أَنَّهُ قِيلَ:
تُحِبُّ قَرِيبَكَ وَتُبْغِضُ عَدُوَّكَ. 44 وَأَمَّا
أَنَا فَأَقُولُ لَكُمْ: أَحِبُّوا أَعْدَاءَكُمْ. بَارِكُوا لاَعِنِيكُمْ.
أَحْسِنُوا إِلَى مُبْغِضِيكُمْ وَصَلُّوا لأَجْلِ الَّذِينَ يُسِيئُونَ إِلَيْكُمْ
وَيَطْرُدُونَكُمْ[[22]]
45 لِكَيْ تَكُونُوا أَبْنَاءَ أَبِيكُمُ الَّذِي فِي
السَّمَاوَاتِ فَإِنَّهُ يُشْرِقُ شَمْسَهُ عَلَى الأَشْرَارِ وَالصَّالِحِينَ
وَيُمْطِرُ عَلَى الأَبْرَارِ وَالظَّالِمِينَ[[23]].
46 لأَنَّهُ إِنْ أَحْبَبْتُمُ الَّذِينَ يُحِبُّونَكُمْ
فَأَيُّ أَجْرٍ لَكُمْ؟ أَلَيْسَ الْعَشَّارُونَ
أَيْضاً يَفْعَلُونَ ذَلِكَ[[24]]؟
47 وَإِنْ سَلَّمْتُمْ عَلَى إِخْوَتِكُمْ فَقَطْ فَأَيَّ
فَضْلٍ تَصْنَعُونَ؟ أَلَيْسَ الْعَشَّارُونَ أَيْضاً
يَفْعَلُونَ هَكَذَا؟ 48 فَكُونُوا أَنْتُمْ كَامِلِينَ كَمَا أَنَّ أَبَاكُمُ الَّذِي
فِي السَّمَاوَاتِ هُوَ كَامِلٌ.)
هذه
المجموعة من النُّصُوص من أهمّ ما يتمّ اقتباسه من الكتاب المُقدَّس كدليل على أعظم
درجات الحُبّ التي يجب أن تكون عند المسيحي. طبعاً هُم
يفهمون أنَّ هذه النُّصُوص تعني أن يُحبّ المسيحي كلّ الناس, حتى الأعداء! وهكذا
استخدم مؤسِّس الحركة هذه النُّصُوص أكثر من مرَّة, وقال في ما معناه: «إذا كان
الكتاب المُقدَّس يُعلِّمني أن أُحبّ عدوّي, فكم بالأحرى أخي وشقيقي المُسلم
...».
هذه
النُّصُوص لا تعني ما يفهمه الغالبية العُظمى من المسيحيين, ولكن هذه النُّصُوص
تعالج إشكالية اجتماعية كانت في بني إسرائيل, ألا وهي أنَّ كلّ طائفة أو مجموعة
يهودية تُحبّ فقط أتباع طائفتها وجماعتها ولا تُحبّ أتباع الطَّوائف الأُخرى
وتعتبرهم أعداء. فجاء المسيح ♠ ليُصحِّح هذه النَّظرة
العُنصرية التي هي معروفة عند اليهود إلى اليوم, ليُبيِّن لهم أنَّه يجب عليكم أن
تُحبِّوا كلّ إخوانكم من بني إسرائيل حتى لو كان بينك وبينه عداوة! ولكن هل نفهم هذا الكلام المنسوب للمسيح ♠ على أنَّه يجبّ على
المسيحي أن يُحبّ أعداءه, حتى لو كانوا أعداءً لله عزَّ
وجلَّ؟!
طرح
أحدهم هذا السُّؤال على البابا شنودة الثالث: «هل يجوز أن نُصلِّي من أجل الشَّيطان من واقع قول السيد
المسيح: "أحبُّوا أعداءكم ..." لكي لا يكون في قلبنا حقد
ضِدّ أحد, ولا حتى الشَّيطان؟!», فأجاب:
[حقًّا
يُمكنك أن تُحبّ أعداءك, ولكن
لا تُحبّ أعداء الله[[25]],
والشَّيطان عدوّ الله. وإن كان الرَّب قد قال: «من أحب
أباً أو أُمًّا أكثر منِّي فلا يستحقني» (متَّى10/37), وهي محبَّة طبيعية, فكم
بالأولى الشَّيطان؟! لا
يُمكن أن نُحبّه,
ولا
أن نُصلِّي لأجله.
(...) إذن, نفهم
وصية السيد المسيح بمفهومها السَّليم,
ونفهم
المحبَّة بمفهومها السَّليم داخل محبَّة
الله,
وداخل
مشيئته[[26]].][[27]]
أيضاً
سأل أحدهم سؤالاً آخر للبابا شنودة الثالث يقول: «هل في كلّ الحالات نُطبِّق وصية "باركوا لاعنيكم"
(متَّى5/44), حتى على الذين ماتوا في خطاياهم؟»,
فأجاب:
[أوَّلاً:
هُناك فرق بين العلاقات الشخصية والنِّظام العام وسلام
الكنيسة. في العلاقات الشَّخصية, علينا أن نُبارك لاعنينا حَسَب الوصية, وكما قال
بولس الرسول: «نُشتَم فنُبارِك» (كورينثوس الأولى4/12). أمَّا
في الأُمُور العامَّة وسلام الكنيسة فغير ذلك[[28]].
إنَّ السيد المسيح احتمل شتائم كثيرة, ولكنَّه
من أجل سلام الكنيسة لم يُبارك الكتبة والفريسيين,
بل قال: «ويل لكم أيُّها الكتبة والفريسيون المراؤون» (متَّى23), وشبَّههم
بالقادة العِميان. وهكذا
لم يُبارك كهنة اليهود,
بل شبَّههم بالكرَّامين الأردياء, وقال لهم: «إنَّ ملكوت يُنزع منكم ويُعطى
لأُمَّة تصنع ثماره» (متَّى21). وبنفس الوضع تصرَّف مع الصدُّوقيين
والناموسيين. وسلك
رُسُل المسيح وأتباعه نفس الأسلوب.
القدِّيس
بولس الرَّسول لم يُبارك «باريشوع» الذي كان يقاوم
كلمة الله,
بل قال له: «أيُّها المُمتلئ كلّ غِشّ, وكلّ خُبث, يابن إبليس, يا عدوّ كلّ بِرّ, ألا تزال تُفسد سُبُل الله
المُستقيمة. فالآن هو ذا يدُ اللهِ عليك فتكون أعمى ...» (أعمال13/9-11).
والقدِّيس
اسطفانوس أوَّل الشَّمامسة لم يُبارك اليهود الذين اجتمعوا
لرجمه[[29]],
والذين أقاموا شُهُوداً كذبة يقولون: «هذا الرَّجل يتكلَّم بكلامِ تجديفٍ على
موسى وعلى الله» (أعمال6/13), بل أنَّه وبَّخهم قائلاً: «يا قُساة الرِّقاب,
وغير المختونين بالقُلُوب والآذان, أنتم دائماً تُقاومون الرُّوح القُدُس, كما كان
آباؤكم كذلك أنتم, أيُّ الأنبياء لم يضطهده آباؤكم, وقد قتلوا الذين سبقوا فأنبأوا
بمجيء البار» (أعمال7/51-52). لذلك يا إخوتي, لا نُفسِّر بطريقة الآية الواحدة,
فهي طريقة خاطئة.][[30]]
إذن,
في النِّهاية, المُسلم قطعاً ولا شكّ عدوّ لله من وجهة نظر المسيحي, لا يُمكن أن
يُحبّه المسيحي, ولا أن يُصلِّي لأجله. لاحظ أيضاً أنَّه يجب على المسيحي أن يفهم
أي نُصُوص أُخرى بنفس طريقة الفهم التي أوضحها البابا شنودة للنُّصُوص التي في
إنجيل متَّى.
على
سبيل المثال: النَّص الموجود في يوحنا 15/12
(هَذِهِ هِيَ وَصِيَّتِي أَنْ تُحِبُّوا
بَعْضُكُمْ بَعْضاً كَمَا أَحْبَبْتُكُمْ). فالمقصود بـ
«بعضكم بعضاً»: تلاميذ المسيح ♠ وأتباعه, أي المسيحيين حسب اعتقاد أيّ
مسيحي, وبنفس الفهم السابق, لا يُمكن أن يُحب المسيحي من هو عدوّ لله.
نجد
في الكتاب المُقدَّس نُصُوصاً أُخرى تتكلَّم عن كيفية مُعاملة المسيحي لغير
المؤمنين, أو الكُفّار, أو الهراطقة[[31]].
فنجد على سبيل المثال في رسالة يوحنا الثانية 1/9-11 (9
كُلُّ مَنْ تَعَدَّى, وَلَمْ يَثْبُتْ فِي
تَعْلِيمِ الْمَسِيحِ فَلَيْسَ لَهُ اللهُ. وَمَنْ يَثْبُتْ فِي تَعْلِيمِ الْمَسِيحِ فَهَذَا لَهُ
الآبُ وَالابْنُ جَمِيعاً. 10
إِنْ
كَانَ أَحَدٌ يَأْتِيكُمْ وَلاَ يَجِيءُ بِهَذَا التَّعْلِيمِ، فَلاَ تَقْبَلُوهُ
فِي الْبَيْتِ، وَلاَ تَقُولُوا لَهُ سَلاَمٌ.[[32]]
11 لأَنَّ مَنْ يُسَلِّمُ عَلَيْهِ يَشْتَرِكُ فِي أَعْمَالِهِ
الشِّرِّيرَةِ.)[[33]]
وإليكم
بعض أقوال المُفسِّرين لهذه النُّصُوص:
نجد في «التَّفسير التَّطبيقي للكتاب
المُقدَّس»: [يُوصِي يوحنا المؤمنين
ألَّا يُضيِّفوا
المُضلِّلين[[34]]، وألَّا
يعملوا ما قد يُشجِّع المُهرطقين على نشر أكاذيبهم، بالإضافة إلى أنَّ مُجرَّد دعوة المؤمن لهم واستقباله لهم في
بيته معناه موافقته على أعمالهم وأقوالهم. وقد يبدو من القسوة والجفاء أن تصد إنساناً، حتى لو كان
يُنادي بهرطقة، لكن يجب أن تكون أمانتنا لله
أفضل من رقتنا وكياستنا نحو الناس![[35]] ولا يدين
يوحنا ضيافة غير المؤمنين, لكنَّه يُدين
بالحريّ مُساندة من خصَّصوا أنفسهم لمُقاومة تعاليم الله
الحقيقية[[36]]. لاحظ أن يوحنا يُضيف هُنا أنَّ من يُسلِّم على مُعلِّم مُضلِّل,
أو يُسانده, إنَّما يُشاركه في أعماله الشِّريرة.][[37]]
أيضاً في «تفسير القُمُّص تادرس
يعقوب مالطي»:
[مع
أنَّ الرِّسالة مُوجَّهة إلى سيِّدة، والنِّساء معروفات بالحرج والخجل، لكنَّه يطلب
بحَزْم ألَّا تقبل من يدَّعي الإرشاد, ويأتي كمُعلِّم, ويأتينا بغير ما هو
حقّ[[38]].
بل
ولا نُسلِّم عليه حتى لا نشترك معه في جريمته (خَطْف النُّفُوس البسيطة من
الحظيرة).[[39]]
يقول
البابا ثاوفيلس: «إن جاءك إنسان وليس
له إيمان الكنيسة لا نطلب له النَّجاح».[[40]]
يقول
البابا أليكسندروس الإسكندري عن الآريوسيين[[41]]:
«لا
تقبلوا أحدًا منهم
ولو أنَّهم يأتونكم بإلحاح واندفاع».
القدِّيس
أثناسيوس الإسكندري: «إن جاءكم أحدٌ ومعه تعاليم مُستقيمة
قولوا
له سلام واقبلوه كأخ[[42]].
ولكن إن تظاهر أنَّه يعترف بالإيمان الحقيقي, وظهر أنَّه
مُشتركٌ مع آخرين, انصحوه ليهجر مثل هذا الاجتماع. فإن
وعد بذلك عاملوه كأخ،
وأمَّا
إذا أخذ الأمر بروح مُضادَّة فتجنّبوه».
القديس
اكليمنضس السَّكندري: «يمنعنا
الحقّ من أن نُسلِّم على مثل هؤلاء الناس أو نستضيفهم[[43]]،
وذلك في ظُرُوفٍ غير لائقة. وهو أيضًا يُحذِّرنا من
الدُّخُول في جِدال أو حوار مع أناس غير قادرين أن يقبلوا أمور الله، لئلَّا ننسحب
من التَّعليم الحقيقي بالجِدال الحاذق الذي له مظهر الحقّ[[44]].
لذلك أظنّ أنَّه من الخطأ أن نُصلِّي مع مثل هؤلاء الناس,
لأنَّه
في أثناء الصَّلاة توجد لحظات للتَّحية وتبادل السَّلام[[45]]».
القدِّيس
باسيليوس الكبير: «واضح
أنَّ الذين يُقيمون صداقات مع أناسٍ ينطقون باطلاً على الله،
والذين
يأكلون معهم لا يحبون الرَّب الذي خلقهم ويُقويهم[[46]].
عوض أن يكتفوا بهذا الطَّعام ينقادون إلى التَّجديف على
من يعولهم».
هيلاري
أسقف آرل:
«يوحِّد يوحنا قادة الكنائس في سلام، لأنَّها
أخوات في إيمان الكنيسة[[47]],
وبنات لله بالعماد».][[48]]
بعد هذا الكلام القوي الخاصّ بعقيدة
الولاء والبراء عند المسيحيين! إليكم نُصُوص أُخرى تحمل أيضاً معاني أُخرى لعقيدة
الولاء والبراء عند المسيحيين:
كورينثوس
الثانية 6/14-18 (14
لاَ
تَكُونُوا تَحْتَ نِيرٍ مَعَ غَيْرِ الْمُؤْمِنِينَ[[49]]،
لأَنَّهُ أَيَّةُ خِلْطَةٍ لِلْبِرِّ وَالإِثْمِ؟
وَأَيَّةُ شَرِكَةٍ لِلنُّورِ مَعَ الظُّلْمَةِ؟
15
وَأَيُّ اتِّفَاقٍ لِلْمَسِيحِ مَعَ بَلِيعَالَ؟[[50]]
وَأَيُّ نَصِيبٍ لِلْمُؤْمِنِ مَعَ غَيْرِ الْمُؤْمِنِ؟
16
وَأَيَّةُ مُوَافَقَةٍ لِهَيْكَلِ اللهِ مَعَ الأَوْثَانِ؟[[51]]
فَإِنَّكُمْ أَنْتُمْ هَيْكَلُ اللهِ الْحَيِّ، كَمَا
قَالَ اللهُ: «إِنِّي سَأَسْكُنُ فِيهِمْ وَأَسِيرُ بَيْنَهُمْ، وَأَكُونُ لَهُمْ
إِلَهاً وَهُمْ يَكُونُونَ لِي شَعْباً. 17
لِذَلِكَ اخْرُجُوا مِنْ وَسَطِهِمْ وَاعْتَزِلُوا، يَقُولُ الرَّبُّ. وَلاَ
تَمَسُّوا نَجِساً فَأَقْبَلَكُمْ[[52]]،
18
وَأَكُونَ لَكُمْ أَباً وَأَنْتُمْ تَكُونُونَ لِي بَنِينَ وَبَنَاتٍ» يَقُولُ
الرَّبُّ الْقَادِرُ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ.)
نجد
تعليقاً رائعاً في «التَّفسير التَّطبيقي للكتاب المُقدَّس» على هذه
النُّصُوص: [يحثّ الرسول بولس المؤمنين على عَدَم
تكوين صِلات وثيقة مع غير المؤمنين,
لأنَّ هذا قد يضعف من التزامهم أو أمانتهم
أو معاييرهم المسيحية.[[53]] (...) لقد
أراد الرسول بولس أن يكون المؤمنون مؤثرين في شهادتهم لغير المؤمنين عن المسيح،
ولكن يجب عليهم عَدَم تكوين علاقات شخصية
وثيقة أو في إطار العَمَل يُمكن أن تجعلهم يتساهلون في
إيمانهم[[54]]. فعلاقات
العَمَل مثلاً يجب أن تدفع إلى تجنب صراعات المصالح، كذلك يجب على المؤمنين تجنب المواقف التي تضطرهم إلى اختلال
ولائهم[[55]].][[56]]
نجد
أيضاً في «تفسير تادرس يعقوب ملطي» على هذا النَّص كلاماً رائعاً:
[يُحذِّرهم الرسول من الشَّركة مع الأشرار غير
المؤمنين. يَعْتَبِر «الصَّداقة مع غير
المؤمنين» نيرًا[[57]]،
خلالها يثقل المؤمن أذنيه بنير كلمات مُعثرة[[58]]،
وعينيه بنير مناظر تُفسد
أعماقه[[59]]، وهكذا كلّ
حواسه تنحني لتحمل ما لا يليق بها كحواسٍ مُقدَّسة للرَّب.][[60]]
أعتقد
أنَّنا بهذا نكون قد استوفينا أهمّ معاني الولاء والبراء التي يجب أن يلتزم بها
المُسلم, ولكنَّها موجودة أيضاً عند المسيحي في كتابه المُقدَّس, وتفاسير آبائه
وكتاباته. نرجو من كلّ مسيحي أن لا يُنكر علينا بعد هذا.
إذا
تخيَّلت أنَّ المسيحيين يُجيزون الاحتفال بأعياد غير المسيحيين, أو تهنئة غير
المسيحيين, أو مُجرَّد الاجتياز بمواضع أعياد غير المسيحيين من الخارج, فأنتَ
واهمٌ. وعلى كلّ مُسلم يعتقد أنَّ فتاوى حُرمة تهنئة غير
المُسلمين بأعيادهم الدِّينية فتاوى مُتشدِّدة مُتعصِّبة, تسعى إلى الفُرقة والفتنة
الطَّائفية أن يقرأ هذا الكلام المذكور في مرجع من أهم مراجع التَّقليد
الكنسي:
نجد
في «الدّسقولية»[[61]]
ما يلي:
[أسرعوا
ولا تتأخَّروا عن كنيسة الله أبداً. فإن أنتم رفضتموها،
ومضيتم
إلى هيكل الأمم،
أو
إلى مجامع اليهود ومجمع المُخالفين[[62]]،
فما
هو الجواب الذي تُجيبون لله به في يوم الدَّينونة؟[[63]]
لأنَّكم
رفضتم كلام الله الحي المُحيي القادر على خلاصكم من العذاب
الأبدي،
ومضيتم
إلى بيت شيطاني،
وموضع
قاتلي الرَّب وكنيسة الأشرار[[64]]،
ولم تسمعوا من قال: «إني أبغضت كنيسة الأشرار، ولم أدخل مع مخالفي الناموس، ولم
أجلس في موضع حكم فارغ، ولم أجلس مع المنافقين» (مز26: 4، 5)، وأيضاً: «طوبى
للرَّجل الذي لم يسلك في مشورة المنافقين، ولم يقف في طريق الخاطئين، ولم يجلس في
مجالس المستهزئين، بل إرادته في ناموس الرَّب، وفي سُننه يتلو ليلاً ونهاراً»
(مز1: 1، 2). أمَّا أنت فتركت جماعة المؤمنين, وكنيسة
الله وناموسه, والتفت إلى أشباه اللُّصُوص، وعددت
الذين هُم نجسين عند الله أطهاراً[[65]]،
وخالطت (وشاركت) الذين فرقك (فرزك) الله منهم. وليس هذا
فقط, بل وسعيت إلى محافل الحنفاء، وأسرعت بالمضي إلى مجامعهم مُشتهياً،
لأنَّك
بعد هذا صرت كواحد منهم[[66]],
تسمع
كلاماً لا منفعة فيه مما لا يجب أن نقوله،
لأنَّه
بغيض مملوء من كلّ نجاسة[[67]].
ألم تسمع إرميا النبي إذ يقول: «لم أجلس في مجلس المستهزئين خوفاً من وجهك»
(ار15: 17)؟ وأيوب أيضاً يقول: «أنِّي لم أمشِ مع المُنافقين المُستهزئين قطّ,
بل أنا موزون بميزان العدل» (اي 31: 5، 6).][[68]]
ونجد
أيضاً في «الدّسقولية» كلام أقوى بكثير في نفس
الموضوع:
[لا
يليق بالنَّصارى[[69]]
أن يمضوا إلى مجمع الأُمم، أو إلى الملاعب، أو الحوانيت، أو
حيث يجتمع غير المؤمنين[[70]].
تحفَّظوا أيضاً من أن تتفرَّغوا لما فيه هلاككم. أي أن تجتمعوا مع الأُمم في مجامعهم. فإنَّه
هلاكٌ لكم وغِواية[[71]].
ليست لله شركة مع الشياطين (2كو 6: 15)، فإنَّه
يُعَد كواحد منهم ويرث اللَّعنة[[72]].
اهربوا من نظر ما لا يُفيد، وهو ملاعب الأُمم، ومواضع
الصِّراع الذي للحنفاء (الوثنيين). (...) يجب الآن أن يهرب المؤمنون من الحنفاء ومن
المنافقين واليهود وجميع
المُخالفين له (الهراطقة الباقين) لينالوا النَّجاة
لأنفسهم[[73]].
لأنَّنا إذا تفرَّغنا لمُداومتهم (لملازمتهم) ونفاقهم، وإذا
اختلطنا معهم في أعيادهم التي يُكملونها لأصنامهم[[74]]،
فإنَّ هذا يجب أن نهرب منه، ومن مواضع أعيادهم وولائمهم التي يصنعونها فيها.
لأنَّه
لا يليق بمؤمن الاجتياز بمواضع أعيادهم من الخارج[[75]]
إلَّا إن كان يشتهي أن يبتاع عبداً ويحيي نفسه، أو أن يشتري شيئاً آخر يليق بثبات
حياته. انتهوا
عن جميع محافل الأُمم الأصنام وأعيادهم وصلواتهم وخيالهم ومحاربة أمراضهم ومن كلّ
مناظر الأصنام.][[76]]
نجد
أيضاً في كتاب «مجموعة الشَّرع الكنسي» نقلاً لبعض قوانين المجامع الكنسية
في نفس الموضوع:
[القانون 70:
فليسقط[[77]]
أي أسقف, أو قس, أو شماس, أو إكليريكي, يصوم أو يُعيِّد مع اليهود,
أو
يقبل منهم أي نوع من هدايا العيد[[78]],
كالخبز الفطير أو غيره، وأمَّا
العاميّ فليُقطع[[79]]
من الشَّركة.][[80]]
وهذا ما نقله القُمُّص كيرلُّس الأنطوني
ضمن قوانين مجمع اللاذقية: [لا يجوز اتِّخاذ
السَّبت عُطلة كاليهود. ولا يُعيِّد مسيحي
معهم, أو
يأخذ شيئاً من طعامهم في عيدهم.][[81]]
ونجد أيضاً في
كتاب «مجموعة الشَّرع الكنسي» ما يلي: [القانون 71:
أيّ مسيحي يُقدِّم زيتاً إلى هيكل وثني, أو إلى مجمع لليهود في عيدهم,
أو يُوقد هُناك
مصباحاً[[82]], فليقطع من
الشركة.][[83]]
أعتقد أنَّ
كلّ ما يخصّ أعياد غير المسيحيين بالنِّسبة للمسيحيين قد أصبح واضحاً الآن. المُسلم
عليه أن يُدرك أنَّ المسيحي عنده كلّ معاني عقيدة الولاء والبراء الموجودة عند
المُسلم تقريباً. هذه المعاني موجودة عند المسيحي في كتابه المُقدَّس, وفي كتابات
آبائه وشُرُوحاتهم لنُصُوص الكتاب المُقدَّس, وفي قوانينه الكنسية. السؤال الهام الآن هو: لماذا إذاً لا يلتزم المسيحي بكلّ هذه
المعاني عندما يتعامل مع المُسلم؟! الإجابة عند بولس![[84]]
هُناك
نُصُوص في غاية الأهمية تُعتبر عُمدة في مسألة الدَّعوة عند
المسيحيين.
كورينثوس
الأولى 9/19-23 (19
فَإِنِّي إِذْ كُنْتُ حُرّاً مِنَ الْجَمِيعِ اسْتَعْبَدْتُ
نَفْسِي لِلْجَمِيعِ لأَرْبَحَ الأَكْثَرِينَ.
20
فَصِرْتُ لِلْيَهُودِ كَيَهُودِيٍّ
لأَرْبَحَ الْيَهُودَ, وَلِلَّذِينَ تَحْتَ النَّامُوسِ كَأَنِّي
تَحْتَ النَّامُوسِ
لأَرْبَحَ الَّذِينَ تَحْتَ النَّامُوسِ 21
وَلِلَّذِينَ بِلاَ نَامُوسٍ كَأَنِّي
بِلاَ نَامُوسٍ - مَعَ أَنِّي لَسْتُ بِلاَ نَامُوسٍ لِلَّهِ بَلْ تَحْتَ نَامُوسٍ
لِلْمَسِيحِ
- لأَرْبَحَ الَّذِينَ بِلاَ نَامُوسٍ. 22
صِرْتُ لِلضُّعَفَاءِ كَضَعِيفٍ
لأَرْبَحَ الضُّعَفَاءَ. صِرْتُ
لِلْكُلِّ كُلَّ شَيْءٍ لأُخَلِّصَ عَلَى كُلِّ حَالٍ قَوْماً.
23
وَهَذَا
أَنَا أَفْعَلُهُ لأَجْلِ الإِنْجِيلِ لأَكُونَ شَرِيكاً
فِيهِ.)
معاني
النُّصُوص واضحة لا تحتاج إلى تفسير, يتعامل مع اليهودي كيهودي, يتعامل مع الذين
تحت الناموس كأنه مثلهم, أيضاً بنفس الطَّريقة اليوم, المسيحيون يتعاملون مع
المُسلمين كأنَّهم مُسلمين, أو بالأحرى, كأنَّنا مسيحيين! فنحن لهم إخوة وأشقاء! كيف جاز للمسيحي أن يقول
هذا؟! للنُّصُوص السابقة.
أيضاً
هُناك نصّ عجيب منسوب للمسيح ♠ يحمل نفس المعنى تقريباً في متَّى 10/16يقول: «هَا أَنَا أُرْسِلُكُمْ كَغَنَمٍ فِي وَسَطِ ذِئَابٍ,
فَكُونُوا حُكَمَاءَ كَالْحَيَّاتِ, وَبُسَطَاءَ
كَالْحَمَامِ».
نقول
مرَّة أخرى أنَّ على المُسلم أن يحترس من تعامل المسيحي معه, فقد يُظهر له شيئاً,
لا لشيءٍ إلَّا ليجذب المُسلم للمسيحية, ليقول المُسلم: «زميلي المسيحي في
العَمَل أفضل من أيّ مُسلم!», هذه المقالة في غاية الخطورة, فلا يُمكن للكافر
أن يكون أفضل من المُسلم المؤمن الذي يعرف الله حقّ المعرفة, لأنَّ رأس الأخلاق
وأهمّها الخُلُق مع الله تعالى، والأدب معه, وترك عبادة ما سواه، وهذا مُتحقِّق في
المُسلمين دون الكافرين.
◄
للمزيد من المعلومات حول هذه المسألة الأولى
? المسألة الثانية: عقيدة أنَّ الدِّين عند الله
الإسلام
القِصَّة باختصار:
الإنسان مخلوق ليعبد الله عزَّ وجلَّ[[85]]
وعبادة
الله عزَّ وجلَّ تكون أولاً بأن نعرفه, ونعرف أسماءه وصِفاته[[86]]
ثمَّ
أن نعرف كيف نعبده على الوجه الذي يُريده الله عزَّ وجلَّ[[87]]
هذا
هو الإسلام, الدِّين الوحيد المقبول عند الله عزَّ وجلَّ
يوم القيامة[[88]]
وهو
الدِّين الذي جاء به جميع الأنبياء[[89]]
وهو
الفِطرة التي يولد عليها كلّ طفل[[90]]
وكلّ
الأديان الأُخرى ناتجة عن انحراف البشرية عن دين الله عزَّ وجلَّ, وذلك بسبب
الشَّيطان.[[91]]
فيجب
على كلّ مُسلمٍ أن يتيقَّن من أنَّ الإسلام هو دين الرَّحمن, وأنَّ ما عداه من
الشَّيطان, وأنَّه الطَّريق الوحيد المؤدِّي لله عزَّ وجلَّ, وأنَّه الدِّين الوحيد
الذي يحتوي على العقائد الإلهية الحقيقية, والإيمان الصَّحيح الذي يجب أن يؤمن به
كلّ مخلوق فيما يخصّ الله عزَّ وجلَّ, وملائكته, وكُتُبه, ورُسُله, واليوم الآخر,
والقَدَر.
? المسألة الثالثة: عقيدة اتِّباع الشَّريعة
الإسلامية
قبل أن نُؤصِّل لوجوب اتِّباع الشَّريعة
الإسلامية, علينا أن نفهم أولاً ما هي الشَّريعة!
الشَّريعة
باختصار هي كلّ ما جاء عن الله عزَّ وجلَّ, سواء في كتابه, أو عن طريق نبيه ☺,
فيدخل في تعريفها التَّوحيد والعقيدة, وسائر الأحكام من الفرائض, والحُدُود,
والأمر, والنَّهي. فالشَّريعة هي الطَّريق والمنهج الذي
وضعه الله عزَّ وجلَّ ليقود الإنسان إلى كلّ ما يُرضي الله عزَّ وجلَّ, أي العبادة
الصَّحيحة, سواء كان ذلك في باب العقائد (أُصُول الدِّين), أو في باب الأحكام
والفرائض (فُرُوع الدِّين).[[92]]
إذن, يدخل تحت
باب الشَّريعة كلّ أمرٍ من أُمُور الدِّين, سواء كان مذكوراً في كتاب الله عزَّ
وجلَّ, أو صحَّ عن النَّبي محمد ☺. ويجب أن يفهم المُسلم
أنَّ كلَّ ما تكلَّم به النَّبي ☺ هو من الدِّين والشَّريعة.
قال
الله عزَّ وجلَّ في كتابه الكريم: ▬وَمَا يَنطِقُ عَنِ الْهَوَى (3) إِنْ هُوَ
إِلَّا وَحْيٌ يُوحَى (4) عَلَّمَهُ شَدِيدُ الْقُوَى (5)♂ [سورة النَّجم].
أيضاً
يجب أن يفهم المُسلم أنَّ كلّ ما صحَّ عن صحابة رسول الله ☺ فهو من الدِّين[[93]],
فقد زكَّاهم الله عزَّ وجلَّ في كتابه, وبيَّن لنا أنَّ الذين اتَّبعوهم بإحسان
نالوا رضاه, وبيَّن لنا أيضاً أنَّ إيمانهم هو الهُدى.[[94]]
وقد
زكَّاهم رسول الله ☺, وأمرنا باتِّباعهم, والاقتداء بهم.[[95]]
ولا
يجوز لمُسلمٍ أن يفصل نفسه عن أفضل هذه الأُمَّة بعد نبيها محمد ☺, فإنَّ البُعد عن
اتِّباع الصَّحابة ╚ هو سبب كلّ بدعة, وكلّ ضلالة, وكل انحراف.[[96]]
إذن,
إذا ثبت أنَّ الصَّحابة ╚ لم يقوموا أبداً بتهنئة النَّصارى في أعيادهم, فإنَّه
ينبغي علينا أن نقتدي بهم لأنَّ حياة الصَّحابة ╚ هو التَّطبيق العملي للإسلام,
ويجب علينا اتِّباعهم والاقتداء بهم خُصُوصاً إذا ثبت لنا أنَّ هذه الأفعال مبنية
على فهم مُعيَّن لهم لبعض الآيات القرآنية أو الأحاديث النَّبوية
الشَّريفة.
ولا
يجوز للمسيحي أبداً, تحت أيّ مُسمَّى, أو لأي سبب من الأسباب, أن يتدخلَّ في شأنٍ
من شئون ديننا, ولا أن يعترض على حُكمٍ من أحكام شريعتنا, فإنَّ هذا يُعَدّ بمثابة
تدخُّل دولة خارجية في شئون مصر الدَّاخلية.
والآن
إليكم مُختصر لرسالة الشيخ ابن باز رحمه الله
بعُنوان: «وُجُوب تحكيم شرع الله ونبذ ما خالفه»[[97]]
قال
الله عزَّ وجلَّ في كتابه الكريم: ▬وَمَا خَلَقْتُ
الْجِنَّ وَالْإِنسَ إِلَّا لِيَعْبُدُونِ♂ [الذاريات :
56]
وتمام
العبودية لله عزَّ وجلَّ يقتضي الانقياد التَّام لله عزَّ وجلَّ, أمراً ونهياً,
واعتقاداً, وقولاً وعملاً. وأن تكون حياة المرء قائمة على
شريعة الله، يحلّ ما أحلَّ اللهُ, ويُحرِّم ما حرَّم اللهُ، ويخضع في سُلُوكه
وأعماله وتصرُّفاته كلّها لشرع الله.[[98]]
فمن
خضع لله سُبحانه, وأطاعه, وتحاكم إلى وحيه، فهو العابد له، ومن خضع لغيره، وتحاكم
إلى غير شرعه، فقد عبد الطَّاغوت، وانقاد له.[[99]]
والعبودية
لله وحده, والبراءة من عبادة الطَّاغوت والتَّحاكُم إليه، من مُقتضى شهادة أن لا
إله إلَّا الله وحده لا شريك له، وأنَّ محمداً عبده ورسوله، فالله سُبحانه هو ربّ
الناس، وإلههم، وهو الذي خلقهم, وهو الذي يأمرهم وينهاهم، ويُحييهم ويميتهم،
ويُحاسبهم ويُجازيهم، وهو المُستحِقّ للعبادة دون كلّ ما
سواه.
قال
تعالى: ▬أَلا لَهُ الْخَلْقُ
وَالْأَمْرُ♂ [الأعراف :
54]
فكما
أنَّه الخالق وحده، فهو الآمر سبحانه، والواجب طاعة أمره.
وقد
حكى الله عن اليهود والنَّصارى أنَّهم اتَّخذوا أحبارهم ورُهبانهم أرباباً من دون
الله، لمَّا أطاعوهم في تحليل الحرام وتحريم الحلال، قال الله تعالى: ▬اتَّخَذُوا أَحْبَارَهُمْ وَرُهْبَانَهُمْ أَرْبَابًا مِنْ
دُونِ اللَّهِ وَالْمَسِيحَ ابْنَ مَرْيَمَ وَمَا أُمِرُوا إِلا لِيَعْبُدُوا
إِلَهًا وَاحِدًا لا إِلَهَ إِلا هُوَ سُبْحَانَهُ♂ [التوبة :
31].
إذا
عُلِمَ أنَّ التَّحاكُم إلى شرع الله من مقتضى شهادة أن لا إله إلَّا الله، وأنَّ
محمداً عبده ورسوله، فإنَّ التَّحاكم إلى الطَّواغيت, والرُّؤساء, والعرَّافين,
ونحوهم يُنافي الإيمان بالله عزَّ وجلَّ، وهو كفرٌ وظلمٌ وفِسْقٌ.[[100]]
وبيّن
تعالى أنَّ الحُكم بغير ما أنزل الله حُكم الجاهلين، وأنَّ الإعراض عن حُكم الله
تعالى سبب لحُلُول عقابه، وبأسه الذي لا يُرَدّ عن القوم الظالمين.[[101]]
العبد
يجب عليه الانقياد التام لقول الله تعالى، وقول رسوله ☺، وتقديمهما على قول كلّ
أحدٍ، وهذا أمرٌ معلومٌ من الدِّين بالضَّرورة.
وممّا
تقدَّم يتبيَّن أنَّ تحكيم شرع الله, والتَّحاكم إليه, ممّا أوجبه الله ورسوله،
وأنَّه مُقتضى العُبُودية لله, والشَّهادة بالرِّسالة لنبيه محمد ☺، وأنَّ الإعراض
عن ذلك, أو شيء منه, مُوجبٌ لعذاب الله وعقابه, وهذا الأمر سواء بالنِّسبة لما
تُعامل به الدَّولة رعيتها، أو ما ينبغي أن تدين به جماعة المسلمين في كلّ مكان
وزمان.
? المسألة الرابعة: عقيدة المُسلم في
الكُتُب السَّماوية السَّابقة
المُسلم يؤمن بأنَّ الله عزَّ وجلَّ
أنزل كُتُباً على رُسُله.[[102]]
ولكنَّ
الله عزَّ وجلَّ لم يتعهَّد بحفظ هذه الكُتُب السَّماوية, بل استحفظ بني إسرائيل
عليها, ولكنَّهم لم يحفظوها, فكما أنَّهم قتلوا أنبياءهم, فإنَّهم قد حرَّفوا
كُتُبهم.[[103]]
وفي
النِّهاية, بعث اللهُ عزَّ وجلَّ نبيه محمداً ☺, وأنزل عليه القُرآن الكريم,
وتعهَّد بحفظ القرآن الكريم من كلّ ما قد يعتريه من سوء.[[104]]
وهكذا
نؤمن أنَّ القرآن الكريم هو الكتاب الوحيد المحفوظ بحفظ الله عزَّ وجلَّ له, وأنَّ
كلّ الكُتُب السَّماوية السَّابقة أصابها التَّحريف بيد الذين كانوا مُستحفظين
عليها.[[105]]
فلا يجوز
للمسيحي بعد كلّ هذا أن يزعم أنَّ الكتاب المُقدَّس معصوم ولم يُحرَّف, فإنَّ هذا
يُعَدّ طعناً في عقيدة المُسلم الرَّاسخة بخُصُوص تحريف الكُتُب السَّماوية
السَّابقة.[[106]]
الحمد
لله الذي بنعمته تتمّ الصَّالِحات
[1] تأمَّل هذه المجموعة من الاقتباسات
لأقوال عُلماء المُسلمين حول هذه الآية:
قال
الإمام الطَّبري رحمه الله: [يعني
بقوله جل ثناؤه: ▬وَلَنْ تَرْضَى عَنْكَ
الْيَهُودُ وَلا النَّصَارَى حَتَّى تَتَّبِعَ مِلَّتَهُمْ♂، وليست اليهود، يا
محمد، ولا النَّصارى براضية عنك أبداً، فدع طَلَب ما يرضيهم ويُوافقهم، وأقبل على طَلَب رِضا
الله في دعائهم إلى ما بعثك الله به من الحقّ، فإنَّ الذي تدعوهم إليه من ذلك لهو
السَّبيل إلى الاجتماع فيه معك على الألفة والدِّين القيم.] (أبو جعفر محمد بن جرير الطَّبري (ت 310 هـ): جامع البيان في
تأويل القُرآن, تحقيق: أحمد محمد شاكر, مؤسَّسة الرِّسالة, الطَّبعة الأولى،
المُجلَّد الثاني, صـ562). هذا الكلام يُوضِّح أنَّ
الاجتماع مع اليهود والنَّصارى على الألفة والمودَّة والمحبَّة لن يكون إلَّا بترك
اليهود والنَّصارى لدينهم الباطل, واعتناق دين الله الحقّ, الذي هو
الإسلام.
قال
الإمام عبد الكريم القشيري رحمه الله: [لا تُبالِ برضاء الأعداء بعد ما حصل لك رضانا، فإنَّهم لا
يرضون عنك إلَّا بمُتابعة أديانهم.] (عبد الكريم بن هوازن بن عبد
الملك القشيري (ت 465 هـ): لطائف الإشارات, الهيئة المصرية العامَّة للكتاب,
الطَّبعة الثالثة, المُجلَّد الأول, صـ118)
قال
شيخ الإسلام ابن القيم رحمه الله: [ثمَّ نبَّه على عَدَم الْمصلحَة فِي مُوَافقَة أهل الْكتاب,
وَأَن ذَلِك لَا يعود باستصلاحهم, وَلَا يُرْجَى مَعَه إِيمَانهم, وَأَنَّهُمْ لن
يرْضوا عَنهُ حَتَّى يتَّبع مِلَّتهم, وَضمن هَذَا تَنْبِيه لطيف على أَنَّ
مُوافقتهم فِي الْقبْلَة لَا مصلحَة فِيهَا, فَسَوَاء وافقتهم فِيهَا أَو خالفتهم,
فَإِنَّهُم لن يرْضوا عَنْك حَتَّى تتَّبع مِلَّتهم.] (شمس الدِّين
ابن قيم الجوزية (ت 751 هـ): مفتاح دار السعادة, دار الكُتُب العلمية
ببيروت, المُجلَّد الثاني, صـ30)
قال
العلَّامة السَّعدي رحمه الله: [يخبر
تعالى رسوله، أنَّه لا يرضى منه اليهود ولا النَّصارى، إلَّا باتِّباعه دينهم،
لأنَّهم دُعاةٌ إلى الدِّين الذي هُم عليه، ويزعمون أنَّه الهُدى، فقل لهم:
▬إِنَّ هُدَى اللَّهِ♂ الذي أُرسلت به ▬هُوَ الْهُدَى♂.
وأمَّا ما أنتم عليه، فهو الهوى بدليل قوله
▬وَلَئِنِ اتَّبَعْتَ أَهْوَاءَهُمْ بَعْدَ
الَّذِي جَاءَكَ مِنَ الْعِلْمِ مَا لَكَ مِنَ اللَّهِ مِنْ وَلِيٍّ وَلا
نَصِيرٍ♂. فهذا فيه النَّهي العظيم عن
اتِّباع أهواء اليهود والنَّصارى، والتَّشبُّه بهم فيما يختصّ به دينهم، والخِطاب
وإن كان لرسول الله ☺, فإنَّ أُمَّته داخلة في ذلك، لأنَّ الاعتبار بعُمُوم المعنى,
لا بخُصُوص المُخاطَب، كما أنَّ العِبرة بعُمُوم اللَّفظ، لا بخُصُوص
السَّبب.] (عبد الرحمن بن ناصر السعدي (ت
1376 هـ): تيسير الكريم الرحمن في تفسير كلام المنان, مؤسسة الرِّسالة,
الطَّبعة الأولى, صـ64).
قال
العلَّامة محمد بن صالح العثيمين رحمه الله: [بيَّن اللهُ عزَّ وجلَّ أنَّ هؤلاء اليهود والنَّصارى قومٌ
ذوو عِناد؛ لا يُمكن أن يرضوا عنك مهما تألَّفتهم؛ ومهما
ركنتَ إليهم بالتألف - لا بالمودة - فإنَّهم لن يرضوا عنك حتى تتَّبع
مِلَّتهم.] (محمد بن صالح العثيمين (ت 1421هـ): تفسير الفاتحة
والبقرة, دار ابن الجوزي بالسعودية, الطَّبعة الأولى، المُجلَّد الثاني,
صـ29)
قال
الشيخ أبو بكر الجزائري حفظه الله: [يُخبر تعالى رسوله ☺, وأُمَّته تابعة له, أنَّ اليهود
والنَّصارى لن يرضوا عنه حتى يتَّبع مِلَّتهم الباطلة، وهي اليهودية أو
النَّصرانية، وفي هذا نهي عن اتِّباعهم.] (جابر أبو بكر الجزائري:
أيسر التفاسير لكلام العلي الكبير, مكتبة العُلُوم والحِكَم بالمدينة,
الطَّبعة الخامسة، صـ107)
قال
الدكتور غالب عواجي حفظه الله: [ولقد
أخبرنا الله عزَّ وجلَّ في كتابه الكريم أنَّ اليهود والنصارى لا يُمكن أن يرضوا عن
المُسلم حتى يتَّبع مِلَّتهم, ويتخلَّى عن دينه الإسلامي، فقال عزَّ وجلَّ عن ذلك
ومؤكدًا عليه: ▬وَلَنْ تَرْضَى عَنْكَ
الْيَهُودُ وَلا النَّصَارَى حَتَّى تَتَّبِعَ مِلَّتَهُمْ♂.] (د. غالب بن علي عواجي: المذاهب
الفكرية المعاصرة ودورها في المجتمعات وموقف المسلم منها, المكتبة العصرية
الذهبية بجدة, الطَّبعة الأولى, المُجلَّد الثاني, صـ709)
قال
الشيخ حماس الجلعود حفظه الله: [إنَّ
الله عزَّ وجلَّ يُخبرنا في هذه الآية على جِهة التّأكيد والدَّوام، أنَّ اليهود
والنَّصارى لن يصطلحوا معنا، ولن يُسالمونا أو يرضوا عنّا، حتى نتَّبع باطلهم، نحذو
حذوهم في شِركهم وكُفرهم وانحلالهم، فمن الغباء والجهل، بل من الكُفر، أن يُشكّ
الإنسان في أخبار الله عزَّ وجلَّ في طبيعة العِلاقة لكلٍّ من اليهود والنَّصارى
معنا، إنَّ من يظُنّ أنَّه يُمكن أن يقع خِلاف ما أخبر اللهُ به في شأن اليهود
والنَّصارى يكون غير مُسلم، إنَّه لا يُتصوَّر من مُسلم أن يعتقد أنَّه من المُمكن
أن يتحوَّل اليهود والنَّصارى إلى أُناس مُسالمين مُوادعين، مُناصرين لنا على الحقّ، إنَّ هذا التَّصوُّر
الخاطئ, والفهم الساذج, لا يصدر إلَّا عن إنسان مخدوع بأضاليل اليهود والنَّصارى،
مُعرِض عن تلاوة كتاب الله وتدبُّر آياته.] (حماس عبد الله الجلعود:
الموالاة والمعاداة في الشريعة الإسلامية,
دار اليقين للنشر والتوزيع, الطَّبعة الأولى، المُجلَّد الأول,
صـ76)
[2] البابا
شنودة نفسه ينهى عن استخدام «الآية الواحدة» بالنِّسبة للنُّصُوص الكتابية!
فلماذا يفعل بعض المُسلمين هذا عندما يُفسِّرون القرآن
الكريم؟! هذا هو كلام البابا شنودة: [في موضوع
الخلاص أيُّها الإخوة - كما في أي موضوع آخر - احترسوا جدًا من خُطُورة استخدام آية واحدة من الكتاب
المُقدَّس. إنَّ الكتاب المُقدَّس ليس هو مُجرَّد آية أو آيات، وإنَّما هو
روح مُعيَّنة تتمشَّى في الكتاب كلِّه. الشَّخص
الجاهل يضع أمامه آية واحدة،
أو أجزاء من آية، فاصلاً إيَّاها عن
ظُرُوفها ومُلابساتها,
وعن المعنى العامّ
كلِّه، أمَّا الباحث الحكيم، الذي
يتوخَّى الحقّ, فإنَّه يجمع كلّ النُّصُوص
التي تتعلَّق بموضوع بحثه،
ويرى على أي شيء تدُلّ.] (البابا شنودة الثالث: كتاب الخلاص في
المفهوم الأرثوذكسي, خُطُورة
استخدام الآية الواحدة)
[3] نصّ على ذلك غير واحد من كِبار
المُفسِّرين المُسلمين, وإليك بعض الاقتباسات من كتاباتهم:
قال
الإمام الطَّبري رحمه الله: [ولَتَجِدَنَّ أَقْرَبَ النَّاسِ مَوَدَّةً وَمَحَبَّةً
(...) لِلَّذِينَ صَدَقُوا اللَّهَ وَرَسُولَهُ مُحَمَّدًا ☺, ▬الَّذِينَ قَالُوا إِنَّا نَصَارَى ذَلِكَ بِأَنَّ مِنْهُمْ
قِسِّيسِينَ وَرُهْبَانًا وَأَنَّهُمْ لَا يَسْتَكْبِرُونَ♂ عَنْ قَبُولِ
الْحَقِّ وَاتِّبَاعِهِ وَالْإِذْعَانِ بِهِ. وَقِيلَ: إِنَّ هَذِهِ الْآيَةَ
وَالَّتِي بَعْدَهَا نَزَلَتْ فِي نَفَرٍ قَدِمُوا عَلَى رَسُولِ اللَّهِ ☺ مِنْ
نَصَارَى الْحَبَشَةِ، فَلَمَّا سَمِعُوا
الْقُرْآنَ أَسْلَمُوا وَاتَّبَعُوا رَسُولَ اللَّهِ ☺. وَقِيلَ: إِنَّهَا نَزَلَتْ فِي النَّجَاشِيِّ مَلِكِ الْحَبَشَةِ وَأَصْحَابٍ لَهُ أَسْلَمُوا
مَعَهُ.] (أبو جعفر محمد بن جرير الطَّبري (ت 310هـ): جامع البيان عن
تأويل آي القرآن (تفسير الطَّبري),
دار هجر للطباعة والنشر, الطَّبعة الأولى، المُجلَّد الثامن,
صـ594)
قال
الإمام السَّمرقندي رحمه الله: [قال
أكثر المُفسِّرين: إنَّ المُراد به النَّصارى الذين أسلموا، وفي سياق الآية دليل
عليه.] (أبو الليث نصر بن محمد السَّمرقندي (ت 373هـ): بحر العُلُوم,
دار الفكر ببيروت, المُجلَّد الأول, صـ411)
قال
الإمام الماوردي رحمه الله: [▬وَلَتَجِدَنَّ
أَقرَبَهُم مَّوَدَّةً لِّلَّذِينَ ءَامنواْ الَّذِينَ قَالُواْ إِنَّا
نَصَارى♂ ليس هذا على العُمُوم, وإنَّما هو
خاصّ, وفيه قولان: أحدهما: عنى بذلك
النَّجاشي وأصحابه لَمَّا
أَسْلَمُوا, قاله ابن عباس, وسعيد بن
جبير. والثاني: أنَّهم قومٌ من النَّصارى كانوا على الحقّ مُتمسِّكين بشريعة عيسى
♠, فَلَمَّا بُعِثَ محمد ☺ آمنوا
به, قاله قتادة. ▬ذَلِكَ بِأَنَّ مِنْهُمْ قِسِّيسِينَ
وَرُهْبَاناً♂ (...) ▬وَأَنَّهُمْ لاَ يَسْتَكْبِرُونَ♂ يعني عن
الإِذعان للحق إذا لزم,
وللحُجَّة إذا قامت.] (أبو الحسن علي بن محمد الماوردي (ت 450
هـ): النُّكَت والعُيُون (تفسير الماوردي), دار الكُتُب العلمية
ببيروت, المُجلَّد الثاني, صـ58).
قال
الإمام الحافظ ابن كثير رحمه الله: [وَقَوْلُهُ: ▬وَلَتَجِدَنَّ أَقْرَبَهُمْ مَوَدَّةً لِلَّذِينَ آمَنُوا
الَّذِينَ قَالُوا إِنَّا نَصَارَى♂ أَيِ:
الَّذِينَ زَعَمُوا أَنَّهُمْ نَصَارَى مِنْ
أَتْبَاعِ الْمَسِيحِ وَعَلَى مِنْهَاجِ إِنْجِيلِهِ ، فِيهِمْ مَوَدَّةٌ لِلْإِسْلَامِ وَأَهْلِهِ فِي
الْجُمْلَةِ، وَمَا ذَاكَ إِلَّا لِمَا فِي قُلُوبِهِمْ، إِذْ كَانُوا عَلَى دِينِ الْمَسِيحِ مِنَ الرِّقَّةِ
وَالرَّأْفَةِ، كَمَا قَالَ تَعَالَى:
▬وَجَعَلْنَا فِي قُلُوبِ الَّذِينَ
اتَّبَعُوهُ رَأْفَةً وَرَحْمَةً
[الْحَدِيدِ: 27]] (أبو الفداء إسماعيل بن كثير (ت 774 هـ): تفسير
القرآن العظيم, دار طيبة للنشر والتوزيع, الطَّبعة الثانية, المُجلَّد الثالث,
صـ167). الإمام يقصد أتباع المسيح ♠ الحقيقين الذين قال عنهم الله عزَّ وجلَّ في
كتابه الكريم: ▬فَلَمَّا أَحَسَّ عِيسَى مِنْهُمُ
الْكُفْرَ قَالَ مَنْ أَنصَارِي إِلَى اللّهِ قَالَ الْحَوَارِيُّونَ نَحْنُ
أَنصَارُ اللّهِ آمَنَّا بِاللّهِ وَاشْهَدْ بِأَنَّا مُسْلِمُونَ (52) رَبَّنَا
آمَنَّا بِمَا أَنزَلْتَ وَاتَّبَعْنَا الرَّسُولَ فَاكْتُبْنَا مَعَ
الشَّاهِدِينَ (53) [آل عمران],
وقال أيضاً: ▬وَإِذْ أَوْحَيْتُ إِلَى
الْحَوَارِيِّينَ أَنْ آمِنُواْ بِي وَبِرَسُولِي قَالُوَاْ آمَنَّا وَاشْهَدْ
بِأَنَّنَا مُسْلِمُونَ (111)
[المائدة], فهؤلاء لم يقولوا إنَّ المسيح ♠ ابنٌ مولود من الله والعياذ بالله, ولم
يؤمنوا بالثالوث, بل آمنوا بالإيمان الصحيح الموافق لما ذُكر عن المسيح ♠ في القرآن
الكريم, وهو أنَّه عبد الله ورسوله, فلما بُعث النَّبي محمد ☺, وسمعوا ما ذُكر عن
المسيح ♠ في القرآن الكريم, الذي يُوافق ما يعتقدونه, فاضت أعينهم من الدَّمع ممَّا
عرفوا من الحقّ المذكور في القرآن عن المسيح ♠, فآمنوا بالنَّبي محمد ☺, ودخلوا
الإسلام. فهؤلاء هم أقرب النَّاس مودَّة للذين آمنوا.
[4] طبعاً هذا هو مُراد أعضاء حركة «عايز أقول لك إنِّي بحبّك»
الذين يُمرِّرون الأفكار التَّنصيرية في كلّ وقفاتهم ولافتاتهم ومطوياتهم ولقاءاتهم
الفضائية.
[5] نقصد أنَّ القضية ليست مُتعلِّقة
بالمسيحيين فقط بسبب عداء بيننا وبينهم مثلاً, بل إنَّها عقيدة عامَّة عند المُسلم
تجاه كلّ غير المُسلمين بشكل عام.
[6] أقوال بعض عُلماء المُسلمين في تفسير هذه
الآية:
قال
الإمام أبو محمد الأندلسي رحمه الله: [علينا أَن نحب الْهدى لكل كَافِر لَا أَن نحب الْكَافِر
(...) والمودة هِيَ الْمحبَّة فِي اللُّغَة الَّتِي بهَا
نزل الْقُرْآن بِلَا خلاف من أحد من أهل اللُّغَة.] (أبو محمد علي بن
أحمد الأندلسي (ت 456 هـ): الفصل في الملل والأهواء والنحل, مكتبة الخانجي
بالقاهرة, المُجلَّد الرابع, صـ99)
قال
الإمام البغوي رحمه الله: [أَخْبَرَ
أَنَّ إِيمَانَ الْمُؤْمِنِينَ يَفْسَدُ بِمُوَادَّةِ الْكَافِرِينَ, وَأَنَّ مَنْ
كَانَ مُؤْمِنًا لَا يُوَالِي مَنْ كَفَرَ، وَإِنْ كَانَ مِنْ
عَشِيرَتِهِ.] (محيي السُّنَّة أبو محمد الحسين البغوي (ت 510 هـ):
معالم التنزيل في تفسير القرآن, دار إحياء التراث العربي ببيروت, الطَّبعة
الأولى، المُجلَّد الخامس, صـ50)
قال
الإمام الزَّمخشري رحمه الله: [▬لا تَجِدُ
قَوْماً♂ من باب التَّخييل. خيل أن من
المُمتنع المحال: أن تجد قوماً مؤمنين يُوالون المُشركين، والغَرَض به أنَّه لا
ينبغي أن يكون ذلك، وحقه أن يمتنع ولا يوجد بحال، مُبالغة في النَّهى عنه, والزَّجر
عن ملابسته، والتَّوصية بالتَّصلُّب في مُجانبة أعداء الله ومُباعدتهم, والاحتراس
من مُخالطتهم ومُعاشرتهم، وزاد ذلك تأكيداً وتشديداً بقوله: ▬وَلَوْ كانُوا آباءَهُمْ♂, وبقوله: ▬أُولئِكَ كَتَبَ فِي قُلُوبِهِمُ
الْإِيمانَ♂, وبمُقابلة قوله
▬أُولئِكَ حِزْبُ
الشَّيْطانِ♂ بقوله: ▬أُولئِكَ حِزْبُ اللَّهِ♂, فلا تجد شيئاً أدخل في الإخلاص من مُوالاة أولياء الله
ومُعاداة أعدائه، بل هو الإخلاص بعينه, ▬كَتَبَ فِي قُلُوبِهِمُ الْإِيمانَ♂, أثبته فيها بما وفقهم فيه, وشرح له صُدُورهم,
▬وَأَيَّدَهُمْ بِرُوحٍ
مِنْهُ♂, بلُطف من عنده حييت به
قُلُوبهم.] (أبو القاسم جار الله محمود الزمخشري (ت 538 هـ):
الكشاف عن حقائق غوامض التنزيل,
دار الكتاب العربي ببيروت, الطَّبعة الثالثة, المُجلَّد الرابع,
صـ497)
قال
الرازي رحمه الله: [الْمَعْنَى أَنَّهُ
لَا يَجْتَمِعُ الْإِيمَانُ مَعَ وِدَادِ أَعْدَاءِ اللَّه، وَذَلِكَ لِأَنَّ مَنْ
أحبّ أحداً امتنع أن يُحبّ مَعَ ذَلِكَ عَدُوَّهُ, وَهَذَا عَلَى وَجْهَيْنِ,
أَحَدُهُمَا: أَنَّهُمَا لَا يَجْتَمِعَانِ فِي الْقَلْبِ، فَإِذَا حَصَلَ فِي
الْقَلْبِ وِدَادُ أَعْدَاءِ اللَّه، لَمْ يَحْصُلْ فِيهِ الْإِيمَانُ، فَيَكُونُ
صَاحِبُهُ مُنَافِقًا. وَالثَّانِي: أَنَّهُمَا
يَجْتَمِعَان وَلَكِنَّه مَعْصِيَة وَكَبِيرَةٌ، وَعَلَى هَذَا الْوَجْهِ لَا
يَكُونُ صَاحِبُ هَذَا الْوِدَادِ كَافِرًا بِسَبَبِ هَذَا الْوِدَادِ، بَلْ كَانَ
عَاصِيًا فِي اللَّه.] (فخر الدين أبو عبد الله محمد الرازي
(ت606هـ): مفاتيح الغيب (التَّفسير الكبير), دار إحياء التُّراث
العربي ببيروت, الطَّبعة الثالثة, المُجلَّد التاسع والعشرون,
صـ499)
قال
الإمام القرطبي رحمه الله: [قَوْلُهُ
تَعَالَى: ▬لَا تَجِدُ قَوْماً يُؤْمِنُونَ
بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ يُوادُّونَ♂ أَيْ يُحِبُّونَ وَيُوَالُونَ مَنْ حَادَّ اللَّهَ
وَرَسُولَهُ.] (شمس الدين أبو عبد الله محمد القرطبي (ت671هـ):
الجامع لأحكام القرآن (تفسير القرطبي), دار الكُتُب المصرية
بالقاهرة, الطَّبعة الثانية، المُجلَّد السابع عشر, صـ307)
قال
شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله: [فأخبر أنَّك لا تجد مؤمناً يواد المُحادين لله ورسوله،
فإنَّ نفس الإيمان ينافي موادته، كما ينفي أحد الضدين الآخر. فإذا وُجِدَ الإيمان انتفى ضِدّه، وهو مُوالاة أعداء الله، فإذا
كان الرَّجل يُوالي أعداء الله بقلبه، كان ذلك دليلاً على أنَّ قلبه ليس فيه
الإيمان الواجب.] (تقي الدين أبو العباس أحمد ابن تيمية (ت 728 هـ):
الإيمان, المكتب الإسلامي بالأردن, الطَّبعة الخامسة،
صـ17)
وقال
أيضاً في موضعٍ آخر: [بيَّن سُبحانه أنَّ
الإيمان له لوازم وله أضداد موجودة, تستلزم ثُبُوت لوازمه وانتفاء أضداده ومن
أضداده مُوادة من حاد الله ورسوله.] (المرجع السابق, صـ130)
قال
الإمام الحافظ ابن كثير رحمه الله: [يَقُولُ تَعَالَى مُخْبِرًا عَنِ الْكُفَّارِ
الْمُعَانِدِينَ الْمُحَادِّينَ لِلَّهِ وَرَسُولِهِ، يَعْنِي: الَّذِينَ هُمْ فِي
حَدٍّ وَالشَّرْعُ فِي حَدٍّ، أَيْ: مُجَانِبُونَ
لِلْحَقِّ مُشَاقُّونَ لَهُ، هُمْ فِي نَاحِيَةٍ
وَالْهُدَى فِي نَاحِيَةٍ.] (أبو الفداء
إسماعيل بن كثير (ت774هـ): تفسير القرآن العظيم, دار طيبة للنشر والتوزيع,
الطَّبعة الثانية, المُجلَّد الثامن, صـ53), طبعاً هذا الوصف ينطبق على كلّ غير
المُسلمين, سواء كانوا مسيحيين أو أتباع أي دين آخر.
قال
الإمام سُليمان حفيد شيخ الإسلام محمد بن عبد الوهاب رحمهما لله:
[فأخبر تعالى: أنَّك لا تجد من يؤمن بالله
واليوم الآخر، يوادون من حاد الله ورسوله، ولو كان أقرب قريب. وأنَّ هذا مُنافٍ
للإيمان, مُضادّ له، لا يجتمع هو والإيمان إلَّا كما يجتمع الماء والنار.] (سليمان بن
عبد الله بن محمد بن عبد الوهاب (المتوفى: 1233هـ): الدَّلائل في حُكم مُوالاة
أهل الإشراك, مكتبة دار الهداية بالرياض, صـ56)
قال
العلَّامة السَّعدي رحمه الله: [أي: لا
يجتمع هذا وهذا، فلا يكون العبد مُؤمناً بالله واليوم الآخر حقيقةً، إلَّا كان
عاملاً على مُقتضى الإيمان ولوازمه، من محبة من قام بالإيمان وموالاته، وبُغض من لم
يقم به ومُعاداته، ولو كان أقرب الناس إليه. وهذا هو الإيمان على الحقيقة، الذي
وجدت ثمرته والمقصود منه، وأهل هذا الوصف هُم الذين كَتَبَ اللهُ في قلوبهم الإيمان
أي: رسمه وثبَّته وغرسه غرساً، لا يتزلزل، ولا تؤثِّر فيه الشُّبَه
والشُّكُوك.] (عبد الرحمن بن ناصر السَّعدي
(ت1376هـ): تيسير الكريم الرحمن في تفسير كلام المنان, مؤسسة الرسالة,
الطَّبعة الأولى, صـ848)
قال
الشيخ الشَّعراوي رحمه الله: [والود معناه ميل
القلب إلى من يُحبّه, والود يختلف عن المعروف. أنت تصنع معروفاً فيمن تُحبّ ومن لا
تُحبّ, ولكنَّك لا تود إلَّا من تُحبّ, لذلك قال الله تبارك وتعالى:
▬لاَّ تَجِدُ قَوْماً يُؤْمِنُونَ بالله
واليوم الآخر يُوَآدُّونَ مَنْ حَآدَّ الله وَرَسُولَهُ وَلَوْ كانوا آبَآءَهُمْ أَوْ أَبْنَآءَهُمْ أَوْ
إِخْوَانَهُمْ أَوْ عَشِيرَتَهُمْ♂
[المجادلة: 22]] (محمد متولي الشعراوي (ت1418هـ): تفسير
الشعراوي (الخواطر), مطابع أخبار اليوم, المُجلَّد الأوَّل,
صـ503)
وقال
في موضعٍ آخر: [ولم يفطن هؤلاء (المُستشرقين)
إلى أنَّ هُناك فارقاً بين الود والمعروف، فالود هو عَمَل القَلْب، فأنت تُحبّ
بقلبك، ولكن المعروف ليس من عَمَل القَلْب, لأنَّك قد تصنع معروفاً في إنسان لا
تعرفه، وقد تصنع معروفاً في عدوّك حين تجده في مأزق، ولكنَّك لا تُحبّه ولا تودّه.
إذن, فالمنهيّ عنه أن يكون بينك وبين من يُحادّون الله ورسوله حُبّ ومودَّة، أمَّا
المعروف فليس منهياً عنه؛ لأنَّ الله يُريد للنَّفس الإيمانية أن تعترف بفضل
الأُبوَّة، فإن وجدت أباك, وهو غير مؤمن, في مأزق, فاصنع معه معروفاً وساعده، لكن
عليك ألَّا تُطيعه فيما يُغضب الله؛ لأنَّ الحق سُبحانه وتعالى يريد أن يُربِّي في
النَّفس الإيمانية أن تحترم من له فضل عليها. (...) وذلك
حتى لا يكون مِقياس الحُبّ هو النَّسب أو القُربى، وإنَّما يكون القُرْب من الله
سبب الحُبّ، والبُعد عن الله سبب الكُره. فقضية الإيمان تَجُبُّ قضية
العاطفة.] (المرجع السابق, المُجلَّد
الثامن, صـ4990)
وقال
أيضاً في موضعٍ آخر: [المعروف غير الودّ؛
لأنَّ المعروف يصنعه الإنسان مع من يُحبّ، ومع من يكره، مع المؤمن ومع الكافر،
تُطعمه إذا جاع، وتسقيه إذا عطش، وتستره إنْ كان عرياناً، أمَّا المودَّة فلا تكون
إلَّا لمَنْ تُحبّ؛ لأنَّها عَمَل قلبيّ.] (المرجع السابق, المُجلَّد
الرابع عشر, صـ8459)
قال
الشيخ محمد سيد طنطاوي رحمه الله: [وقوله: ▬يُوادُّونَ♂ من
الموادة, بمعنى حُصُول المودَّة والمحبَّة. أي: لا تجد-
أيُّها الرَّسول الكريم- قوماً يؤمنون بالله واليوم الآخر حقّ الإيمان، يوالون
ويُحبُّون من حارب دين الله تعالى, وأعرض عن هدى رسوله.] (التفسير
الوسيط للقرآن الكريم, دار نهضة مصر بالقاهرة,
الطَّبعة الأولى, المُجلَّد الرابع عشر, صـ274)
قال
الإمام أبو بكر الجزائري حفظه الله: [يقول تعالى لرسوله: لا تجد أُناساً يؤمنون إيماناً صادقاً
بالله رباً وإلهاً, وباليوم الآخر, يُوادُّون بالمحبَّة والنُّصرة من حاد الله
ورسوله بمُخالفتهما في أمرهما ونهيهما, وما يدعوان إليه من توحيد الله, وطاعته,
وطاعة رسوله, ولو كانوا أقرب قريب إليهم من أبٍ أو ابن أو أخ أو
عشيرة.] (أيسر التفاسير لكلام العلي الكبير, مكتبة العُلُوم
والحِكَم بالمدينة المنورة، الطَّبعة الخامسة، المُجلَّد الخامس,
صـ299)
قد
أطلنا في النَّقل بسبب أهمية هذه العقيدة الإسلامية التي بها يكون الإنسان مؤمناً تمام الإيمان.
[7] قال الإمام الطَّبري رحمه الله:
[▬إِنِ اسْتَحَبُّوا الْكُفْرَ عَلَى
الْإِيمَانِ♂ يَقُولُ: إِنِ اخْتَارُوا
الْكُفْرَ بِاللَّهِ عَلَى التَّصْدِيقِ بِهِ وَالْإِقْرَارِ بِتَوْحِيدِهِ.
▬وَمَنْ يَتَوَلَّهُمْ
مِنْكُمْ♂ يَقُولُ: وَمَنْ يَتَّخِذَهُمْ
مِنْكُمْ بِطَانَةً مِنْ دُونِ الْمُؤْمِنِينَ، وَيُؤْثِرُ الْمُقَامَ مَعَهُمْ
عَلَى الْهِجْرَةِ إِلَى رَسُولِ اللَّهِ وَدَارِ الْإِسْلَامِ ▬فَأُولَئِكَ هُمُ الظَّالِمُونَ♂ يَقُولُ: فَالَّذِينَ يَفْعَلُونَ ذَلِكَ مِنْكُمْ هُمُ
الَّذِينَ خَالَفُوا أَمْرَ اللَّهِ، فَوَضَعُوا الْوَلَايَةَ فِي غَيْرِ
مَوْضِعَهَا وَعَصَوُا اللَّهَ فِي أَمْرِهِ.] (أبو جعفر محمد بن جرير الطَّبري (ت310هـ): جامع البيان عن
تأويل آي القرآن (تفسير الطَّبري),
دار هجر للطباعة والنشر, الطَّبعة الأولى، المُجلَّد الحادي عشر, صـ383,
384)
قال
الإمام أبو بكر الجزائري حفظه الله: [أولياء: جمع وليّ, وهو من تتولَّاه بالمحبَّة والنُّصرة,
ويتولاك بمثل ذلك.] (أيسر التفاسير لكلام العلي الكبير, مكتبة
العُلُوم والحِكَم بالمدينة المنورة، الطَّبعة الخامسة، المُجلَّد الثاني,
صـ352)
[8] تأمَّل معي أخي الكريم. هذه الآية التي تقول: ▬يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ مَن يَرْتَدَّ مِنكُمْ عَن
دِينِهِ فَسَوْفَ يَأْتِي اللّهُ بِقَوْمٍ يُحِبُّهُمْ وَيُحِبُّونَهُ♂,
وضعها الله عزَّ وجلَّ بعد الآيات التي يأمر فيها بالانتهاء عن مُوالاة اليهود
والنَّصارى, ثمَّ من بعد هذه الآية أمر اللهُ عزَّ وجلَّ بمُوالاة المؤمنين. نستطيع
أن نفهم من هذا أنَّ موالاة اليهود والنَّصارى تؤدِّي حتماً ولا شكَّ إلى الارتداد,
وهذا الذي نقصده من بيان أنَّ هذه الحركة تنصيرية, لأنَّها تؤدِّي إلى مُوالاة
المُسلمين للنَّصارى, ومُوالاة النَّصارى تؤدِّي إلى الارتداد والعياذ بالله! أيضاً
نفهم من هذه الآية الكريمة أنَّ موالاة اليهود والنَّصارى من الأسباب التي تؤدِّي
إلى أن يستبدلنا الله عزَّ وجلَّ بأقوام آخرين, لا يحبون إلَّا لله وفي الله, ولذلك
يُحبّهم الله عزَّ وجلَّ. فتدبَّر أخي الكريم هذه المعاني الهامَّة لتعرف أهمية
الولاء والبراء
[9] قال العلَّامة السَّعدي رحمه
الله: [▬تَرَى كَثِيرًا مِنْهُمْ يَتَوَلَّوْنَ الَّذِينَ
كَفَرُوا♂ بالمحبَّة والمُوالاة
والنُّصرة. ▬لَبِئْسَ مَا قَدَّمَتْ لَهُمْ
أَنْفُسُهُمْ♂ هذه البضاعة الكاسدة،
والصَّفقة الخاسرة، وهي سخط الله الذي يسخط لسخطه كلّ شيء، والخُلُود الدَّائم في
العذاب العظيم، فقد ظلمتهم أنفسهم حيث قدَّمت لهم هذا النُّزُل غير الكريم، وقد
ظلموا أنفسهم إذ فوَّتوها النَّعيم المقيم. ▬وَلَوْ كَانُوا يُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَالنَّبِيِّ وَمَا
أُنزلَ إِلَيْهِ مَا اتَّخَذُوهُمْ أَوْلِيَاءَ♂ فإنَّ الإيمان بالله وبالنَّبي وما أنزل إليه، يُوجب على
العبد مُوالاة ربّه، ومُوالاة أوليائه، ومُعاداة من كفر به وعاداه، وأوضع في
معاصيه، فشرطُ ولايةِ الله والإيمانِ به، أن لا يتَّخذ أعداء الله أولياء، وهؤلاء
لم يُوجد منهم الشَّرط، فدل على انتفاء المشروط. ▬وَلَكِنَّ كَثِيرًا مِنْهُمْ فَاسِقُونَ♂ أي: خارجون عن طاعة الله والإيمان به وبالنَّبي. ومن فسقهم مُوالاةُ أعداء
الله.] (عبد الرحمن بن ناصر السَّعدي
(ت1376هـ): تيسير الكريم الرحمن في تفسير كلام المنان, مؤسسة الرسالة,
الطَّبعة الأولى, صـ240)
[10] حديث حسن. مُسند أبي داود الطَّيالسي
(783), مُسند ابن أبي شيبة (321), مُسند أحمد (18524), مُسند الروياني (399), شُعَب
الإيمان (14).
قال
الإمام ابن رجب الحنبلي رحمه الله: [حبّ المساكين أصلُ الحبّ في الله تعالى، لأنَّ المساكين ليس
عندهم من الدُّنيا ما يُوجب محبّتهم لأجله، فلا يُحبون إلَّا لله عزَّ وجلَّ و
«الحب في الله من أوثق عرى الإيمان»، و «من علامات ذوي حلاوة
الإيمان»، وهو «صريح الإيمان»، وهو «أفضل الإيمان»، وهذا كلّه
مروي عن النَّبي ☺ (أنَّه وصف به الحبّ في الله تعالى)، ورُوِي عن ابن عباس ◙ أنَّه
قال: «به تنال ولاية الله، وبه يوجد طعم الإيمان».] (زين الدين ابن رجب الحنبلي (ت795هـ): اختيار الأولى في شرح
حديث اختصام الملأ الأعلى, مكتبة دار الأقصى بالكويت, الطَّبعة الأولى، صـ94,
95)
قال
العلَّامة الشيخ محمد بن صالح العثيمين رحمه الله: [أهل الخير, أهل العِلْم والإيمان والصَّلاح، ومحبتهم واجبة؛
لأنَّ أوثق عُرى الإيمان: الحُبّ في الله، والبُغض في الله، فإذا كان الإنسان
محبّته تابعة لمحبّةِ اللهِ، وبُغضه تابعاً لبُغضِ اللهِ (أي الذي يُبغضه الله)؛
فهذا هو الذي ينال ولاية الله عز وجل.] ( شرح رياض الصالحين,
دار الوطن للنشر بالرياض, المُجلَّد الثالث,
صـ240)
[11] صحيح
البُخاري (16, 21, 6041, 6941), صحيح مُسلم (43).
قال
الإمام ابن رجب الحنبلي رحمه الله: [فيجبُ على المؤمن محبّةُ الله, ومحبّةُ من يُحبّه الله, من
الملائكة والرُّسل والأنبياء والصِّدِّيقين والشُّهداء والصَّالحين عُمُوماً، ولهذا
كان مِنْ علامات وُجُود حلاوة الإيمان أنْ يُحِبَّ المرءَ لا يُحبُّه إلَّا لله،
ويُحرَّمُ مُوالاةُ أعداءِ الله. ومن يكرهه اللهُ
عموماً.] (ابن رجب الحنبلي (ت795هـ): جامع العُلُوم والحِكَم, دار السلام للطباعة والنشر والتوزيع, الطَّبعة
الثانية، المُجلَّد الثالث, صـ1152)
قال
الشيخ حمزة محمد قاسم حفظه الله: [أي
أن يُحبّ أخاه المُسلم محبّة خالصة ابتغاء مرضاة الله, لمزية دينية موجودة فيه، أو
فائدة شرعية يستفيدها منه، من عِلْم نافع, أو سُلُوك حَسَن، أو صلاح أو
عبادة.] (منار القاري شرح مُختصر صحيح البُخاري, مكتبة دار البيان بدمشق, المُجلَّد الأول,
صـ94)
[12] صحيح البُخاري (6168, 6169, 6170), صحيح مُسلم
(2640).
[13] صحيح البُخاري (3688, 6167, 6171, 7153), صحيح مُسلم
(2639).
[14] حسَّنه الألباني. سُنن أبي داود (4832), سُنن الترمذي (2395), صحيح
ابن حبان (554), الآداب للبيهقي (235), شرح السنة للبغوي
(3484).
تذكَّر
أيضاً قول الله عزَّ وجلَّ في كتابه الكريم: ▬وَيَوْمَ يَعَضُّ الظَّالِمُ عَلَى يَدَيْهِ يَقُولُ يَا
لَيْتَنِي اتَّخَذْتُ مَعَ الرَّسُولِ سَبِيلاً (27) يَا
وَيْلَتَى لَيْتَنِي لَمْ أَتَّخِذْ فُلَاناً خَلِيلاً (28) لَقَدْ
أَضَلَّنِي عَنِ الذِّكْرِ بَعْدَ إِذْ جَاءنِي وَكَانَ الشَّيْطَانُ لِلْإِنسَانِ
خَذُولاً (29)♂ [سورة
الفرقان]
[15] إسناده جيد, صحَّحه الإمام الذَّهبي.
مُسند أبي داود الطَّيالسي (2696), مُسند إسحاق بن راهويه (351), مُسند أحمد (8028,
8417), الإبانة الكبرى لابن بطة (354, 355, 356, 357), المستدرك على الصحيحين
للحاكم (7319, 7320), الآداب للبيهقي (234), شعب الإيمان (8990, 8992), شرح السنة
للبغوي (3486).
[16] إليكم مجموعة كبيرة من أقوال العُلماء حول هذه الآية الكريمة:
قال
الإمام الشَّافِعِي رحمه الله: [وفرض
اللَّه على السمع: أن يتنزه عن الاستماع إلى ما حرّم الله، وأن يغضي عما نهى اللَّه
عنه، فقال: ▬وَالَّذِينَ لَا يَشْهَدُونَ
الزُّورَ وَإِذَا مَرُّوا بِاللَّغْوِ مَرُّوا كِرَامًا♂ الآية، فذلك ما فرض اللَّه جل ذكره على السمع من التنزيه
عما لا يحل له، وهو عمله، وهو من الإيمان.] (أبو عبد الله محمد بن
إدريس الشافعي (ت204هـ): تفسير الإمام الشافعي, دار التدمرية بالسعودية,
المُجلَّد الثالث, صـ1161).
قال
الإمام الطَّبري رحمه الله: [وَأَصْلُ
الزُّورِ تَحْسِينُ الشَّيْءِ , وَوَصَفُهُ بِخِلَافِ صِفَتِهِ , حَتَّى يُخَيَّلَ
إِلَى مَنْ يَسْمَعُهُ أَوْ يَرَاهُ أَنَّهُ خِلَافَ مَا هُوَ بِهِ , وَالشِّرْكُ
قَدْ يَدْخُلُ فِي ذَلِكَ , لِأَنَّهُ مُحَسَّنٌ لِأَهْلِهِ , حَتَّى قَدْ ظَنُّوا
أَنَّهُ حَقٌّ , وَهُوَ بَاطِلٌ , وَيَدْخُلُ فِيهِ الْغِنَاءُ , لِأَنَّهُ أَيْضًا
مِمَّا يُحَسِّنُهُ تَرْجِيعُ الصَّوْتِ , حَتَّى يَسْتَحْلِيَ سَامِعُهُ سَمَاعَهُ
, وَالْكَذِبُ أَيْضًا قَدْ يَدْخُلُ فِيهِ , لِتَحْسِينِ صَاحِبِهِ إِيَّاهُ ,
حَتَّى يُظِنَّ صَاحِبَهُ أَنَّهُ حَقٌّ , فَكُلُّ ذَلِكَ مِمَّا يَدْخُلُ فِي
مَعْنَى الزُّورِ. فَإِذَا كَانَ ذَلِكَ كَذَلِكَ , فَأَوْلَى الْأَقْوَالِ
بِالصَّوَابِ فِي تَأْوِيلِهِ أَنْ يُقَالَ: وَالَّذِينَ لَا يَشْهَدُونَ شَيْئًا
مِنَ الْبَاطِلِ , لَا شِرْكًا , وَلَا غِنَاءً , وَلَا كَذِبًا وَلَا غَيْرَهُ ,
وَكُلُّ مَا لَزِمَهُ اسْمُ الزُّورِ , لِأَنَّ اللَّهَ عَمَّ فِي وَصَفِهِ
إِيَّاهُمْ , أَنَّهُمْ لَا يَشْهَدُونَ الزُّورَ , فَلَا يَنْبَغِي أَنْ يُخَصَّ
مِنْ ذَلِكَ شَيْءٌ إِلَّا بِحَجَّةٍ يَجِبُ التَّسْلِيمُ لَهَا , مِنْ خَبَرٍ أَوْ
عَقْلٍ.] (أبو جعفر محمد بن جرير الطَّبري
(ت310هـ): جامع البيان عن تأويل آي القرآن, دار هجر للطباعة والنشر, الطَّبعة الأولى،
المُجلَّد السابع عشر, صـ523)
ولا
شكَّ ولا ريب أنَّ احتفالات المسيحيين بأعيادهم الدِّينية, وقُدَّاساتهم التي
يُقيمونها, مليئة بأنواع وصُنُوف الشِّرك المُختلفة.
قال
الإمام السَّمرقندي رحمه الله: [▬وَالَّذِينَ لاَ
يَشْهَدُونَ الزُّورَ♂ يعني: لا يحضرون
مجالس الكذب والفحش والكفر, ▬وَإِذا
مَرُّوا بِاللَّغْوِ♂ يعني: مجالس اللهو
والباطل مَرُّوا كِراماً يعني: حلماء معرضين عنها.] (أبو الليث نصر
بن محمد السَّمرقندي (ت373هـ): بحر العُلُوم, دار الفكر ببيروت, المُجلَّد الثالث, صـ547).
طبعاً احتفالات المسيحيين بأعيادهم الدِّينية مليئة بأبشع أنواع الكذب, ألَا وهو
الكذب على الله سُبحانه وتعالى, سواء في أعياد الميلاد عندما يدَّعون أنَّ الله
سُبحانه وتعالى وُلِدَ من مريم عليها السلام فيما يُسمُّونه بالتَّجسُّد, أو في
أعياد القيامة عندما يدَّعون أنَّ الله سُبحانه وتعالى صُلِب, ومات, وقام من بين
الأموات في اليوم الثالث, أو غير ذلك من الكذب على الله الموجود في دين المسيحية,
وأعيادهم مبنية على هذا.
قال
الإمام أبو عبد الله المقدسي رحمه الله: [وَيُحَرَّمُ شُهُودُ عِيدٍ لِيَهُودَ أَوْ نَصَارَى،
لِقَوْلِهِ تَعَالَى ▬وَالَّذِينَ لا
يَشْهَدُونَ الزُّورَ♂ [الفرقان:
72].] (أبو عبد الله شمس الدين محمد بن
مفلح المقدسي (ت763هـ): كتاب الفُرُوع ومعه تصحيح الفُرُوع, مؤسسة الرسالة,
الطَّبعة الأولى, المُجلَّد الثامن, صـ373).
قال
الشيخ عبد الرحمن العاصمي رحمه الله: [وقد اشترط عمر، والصَّحابة، وسائر أئمّة المُسلمين أن لا
يظهروا أعيادهم في ديار المُسلمين، فكيف إذا أظهرها المُسلمون، قال عمر: «لا
تتعلموا رطانة الأعاجم ولا تدخلوا على المشركين في كنائسهم يوم عيدهم، فإنَّ
السُّخطة تنزل عليهم». وإذا كان كذلك, فكيف بمن يفعل
ما يسخط الله به عليهم، مما هو من شعائر دينهم، قال غير واحد من السلف في قوله
تعالى ▬وَالَّذِينَ لا يَشْهَدُونَ
الزُّورَ♂ قالوا: أعياد
الكُفّار.] (عبد الرحمن بن محمد العاصمي (ت1392هـ): حاشية الروض
المربع شرح زاد المستقنع, الطَّبعة الأولى, المُجلَّد الثالث,
صـ460).
قال
الشيخ عبد العزيز السَّلمان رحمه الله: [وقال ابن عمر: «من صنع نيروزهم ومهرجانهم وتشبه بهم حتى يموت حشر معهم»، وقال: لا
يحل للمسلمين أن يتشبهوا بهم في شيء مما يختص بأعيادهم لا من طعام، ولا لباس، ولا
اغتسال، ولا إيقاد نيران، ولا تعطيل عادة من معيشة أو عبادة أو غير ذلك لأجل ذلك
ولا تمكين الصبيان ونحوهم من اللعب الذي في الأعياد ولا إظهار زينة، وبالجملة ليس
لهم أن يخصوا أعيادهم بشيء من شعائرهم، بل يكون عيدهم عند المسلمين كسائر الأيام لا
يخصه المسلمون بشيء من خصائصهم؛ وأمّا تخصيصه بما تقدَّم ذكره فلا نزاع فيه بين
العلماء، بل قد ذهب طائفة من العلماء إلى كفر من يفعل هذه الأمور لما فيه من تعظيم
شعائر الكفر. وقال رحمه الله، وقد قال غير واحد من السلف
في قوله تعالى: ▬وَالَّذِينَ لاَ
يَشْهَدُونَ الزُّورَ♂ قالوا: أعياد
الكفار؛ فإذا كان هذا في شهودها من غير فعل فكيف بالأفعال التي هي من
خصائصها.] (أبو محمد عبد العزيز بن محمد السَّلمان (ت1422هـ):
الأسئلة والأجوبة الفقهية, المُجلَّد الثاني, صـ169,
170).
وقال
أيضاً في موضعٍ آخر: [ويحرم شُهُود عيد اليهود والنَّصارى وغيرهم من الكفار. قال الله تعالى: ▬وَالَّذِينَ
لاَ يَشْهَدُونَ الزُّورَ♂ قيل: هو أعياد
المشركين. وروى أبو الشيخ الأصبهاني بإسناده، عن عطاء بن دينار قال: قال عمر ◙:
«لا تعلموا رطانة الأعاجم، وأن تدخلوا على المشركين يوم عيدهم في كنائسهم».
وروى البيهقي بإسناد صحيح، عن عطاء بن دينار، قال: قال عمر ◙: «لا تعلموا رطانة
الأعاجم، ولا تدخلوا على المشركين في كنائسهم؛ فإن السخطة تنزل
عليهم».] (المرجع السابق, المُجلَّد
الثالث, صـ218).
قال
الشيخ حمود التويجري رحمه الله: [وأمّا
تهنئتهم وتعزيتهم فالأصحّ تحريم ذلك كما جزم به كثير من العُلماء, وعلَّلوا ذلك
بأنَّه يحصل المُوالاة, ويثبِّت المودّة, ولما فيه من تعظيم أعداء الله تعالى,
فيحرم لذلك, كما تحرم بداءتهم بالسَّلام والتَّوسيع لهم في الطَّريق. وممّا لا ريب
فيه أنَّه من مُوالاة أعداء الله وموادتهم ما يفعله بعض
الناس من الذَّهاب إلى أعداء الله تعالى في أيام عيدهم, فيدخلون عليهم في بُيُوتهم
وكنائسهم, ويُهنِّئونهم بأعيادهم الباطلة, وما هُم فيه من السُّرُور بها، ولقد ذكر
لنا أنَّ هذا يفعله كثير من المُنتسبين إلى العِلْم فضلاً عن العامَّة. وقد قيل في تفسير قوله تعالى: ▬وَالَّذِينَ لَا يَشْهَدُونَ الْزُّورَ♂ أنَّ المُراد به أعياد المُشركين. حكاه البغوي عن مجاهد،
وحكاه ابن كثير عن أبي العالية وطاووس وابن سيرين والضحاك والربيع بن أنس وغيرهم.
وروى أبو الشيخ الأصبهاني بإسناده عن عطاء بن يسار قال: قال عمر ◙: «إياكم
ورطانة الأعاجم وأن تدخلوا على المشركين يوم عيدهم في كنائسهم». وروى البيهقي
بإسناد صحيح عن عطاء بن دينار قال: قال عمر ◙: «لا تعلموا رطانة الأعاجم ولا
تدخلوا على المشركين في كنائسهم يوم عيدهم فإنَّ السُّخطة تنزَّل
عليهم».] (حمود بن عبد الله التويجري (ت1413هـ): تحفة الإخوان
بما جاء في الموالاة والمعاداة والحب والبغض والهجران, مؤسسة النور بالرياض,
الطَّبعة الأولى, صـ21)
وقال
في موضعٍ آخر: [قال عبد الملك بن حبيب: سئل
ابن القاسم عن الرُّكُوب في السُّفن التي تركب فيها النَّصارى إلى أعيادهم، فكره
ذلك مخافة نُزُول السَّخط عليهم بشركهم الذي اجتمعوا عليه. قال: وكره ابن القاسم
للمُسلم أن يهدي للنَّصراني شيئاً في عيدهم مُكافأةً له, ورآه من تعظيم عيده,
وعوناً له على كُفره, ألَا ترى أنَّه لا يحلّ للمُسلمين أن يبيعوا من النَّصارى
شيئاً من مصلحة عيدهم, لا لحماً ولا إداماً ولا ثوباً, ولا يعارون دابةً, ولا
يُعاونون على شيءٍ من عيدهم, لأنَّ ذلك من تعظيم شركهم, ومن عونهم على كفرهم،
وينبغي للسَّلاطين أن ينهوا المُسلمين عن ذلك, وهو قول مالك وغيره, لم أعلم اختلف
فيه. وأكل ذبائح أعيادهم داخل في هذا الذي اجتمع على كراهته, بل هو عندي أشدّ. هذا
كلّه كلام ابن حبيب المالكي نقله عنه شيخ الإسلام أبو العباس أحمد ابن تيمية رحمه
الله تعالى في كتاب «اقتضاء الصراط المستقيم», ونقل كلاماً كثيراً لأئمَّة
السَّلف في هذا المعنى, فليراجع, فإنَّه مُهمٌّ مفيدٌ لكلّ من كان الحقّ
ضالته.] (المرجع السابق,
صـ22)
وقد
نقل أيضاً عن شيخ الإسلام ابن القيِّم رحمه الله: [وقد قال ابن القيم رحمه الله تعالى في «أحكام
الذمّة»: «(فصل في تهنئتهم بزوجة, أو وَلَد. أو قُدُوم غائب, أو عافية, أو
سلامة من مكروه ونحو ذلك): وقد اختلفت الرِّواية في ذلك عن أحمد, فأباحها مرَّة
ومنعها أخرى, والكلام فيها كالكلام في التَّعزية والعِيادة, ولا فرق بينهما، ولكن
ليحذر الوُقُوع فيما يقع فيه الجُهّال, من الألفاظ التي تدُلّ على رِضاه بدينه, كما
يقول أحدهم: "متّعك الله بدينك", أو يقول له: "أعزَّك اللهُ", أو "أكرمك"، إلاّ أن
يقول: "أكرمك اللهُ بالإسلام", و "أعزّك به", ونحو ذلك، فهذا في التَّهنئة بالأقوال
المُشتركة. وأمّا التَّهنئة بشعائر الكُفر المُختصَّة به فحرام بالاتِّفاق، مثل أن
يُهنِّئهم بأعيادهم, وصومهم, فيقول: "عيدٌ مُباركٌ عليك"، أو "تهنأ بهذا العيد",
ونحوه، فهذا إن سَلِمَ قائله من الكُفر, فهو من المُحرَّمات, وهو بمنزلة التَّهنئة
بسُجُوده للصَّليب, بل ذلك أعظم إثماً عند الله, وأشدّ مقتاً من التَّهنئة بشُرب
الخمر, وقتل النَّفس, وارتكاب الفرج الحرام, ونحوه، وكثير ممَّن لا قدْر للدِّين
عنده يقع في ذلك, ولا يُدرك قُبْح ما فعل، فمن هنَّأ عبداً بمعصيةٍ أو بدعةٍ أو
كُفرٍ, فقد تعرَّض لمقتِ اللهِ وسَخَطه. وقد كان أهل الورع من أهل العِلْم
يتجنَّبون تهنئة الظَّلمة بالولايات, وتهنئة الجُهَّال بمنصب القضاء والتَّدريس
والإفتاء, تجنُّبا لمقت الله وسُقُوطهم من عينه». فانظر إلى حكايته الاتِّفاق على تحريم تهنئة أعداء الله تعالى
بأعيادهم الباطلة, وانظر إلى ما وقع فيه كثير من المُسلمين في زماننا لتعرف غُربة
الدِّين, والله المُستعان.] (المرجع
السابق, صـ23, 24)
[17] تهنئة النَّصارى في أعيادهم (موقع الإسلام سؤال وجواب) http://islamqa.info/ar/ref/106668
[18] حكم تهنئة وزيارة النصارى في كنائسهم في
أعيادهم (موقع إسلام ويب - مركز
الفتوى)
[19] جواب شبهة حول تهنئة المشركين
بأعيادهم (موقع صوت السَّلَف) http://www.salafvoice.com/article.php?a=6029
[20] تهنئة النصارى بأعيادهم، وهل تدخل في
البِرِّ (موقع صوت السَّلَف)
http://www.salafvoice.com/article.php?a=1056
[21] محمد بن صالح العثيمين (ت1421هـ):مجموع فتاوى ورسائل الشيخ محمد
بن صالح العثيمين, دار الوطن, الطَّبعة الأخيرة, المُجلَّد الثالث,
صـ46.
[22] هذه النُّصُوص في حدّ ذاتها لا يُمكن
تحقيقها على أرض الواقع. كيف أُبارك من يلعنني؟! كيف أُصلِّي لمن يطردني من بيتي أو وطني؟! تأمَّل فقط في حال
بعض المسيحيين الذين ما زالوا إلى اليوم يعتبرون الفتح الإسلامي لمصر احتلالاً من
العرب, وأنَّ المُسلمين ضُيُوف على المسيحيين في مصر ...
إلخ, فأين الصَّلاة والبركة؟
[23] قال تعالى: ▬مَّن كَانَ يُرِيدُ الْعَاجِلَةَ عَجَّلْنَا لَهُ فِيهَا
مَا نَشَاء لِمَن نُّرِيدُ ثُمَّ جَعَلْنَا لَهُ جَهَنَّمَ يَصْلاهَا مَذْمُوماً
مَّدْحُوراً (18) وَمَنْ أَرَادَ
الآخِرَةَ وَسَعَى لَهَا سَعْيَهَا وَهُوَ مُؤْمِنٌ فَأُولَئِكَ كَانَ سَعْيُهُم
مَّشْكُوراً (19) كُلاًّ نُّمِدُّ
هَـؤُلاء وَهَـؤُلاء مِنْ عَطَاء رَبِّكَ وَمَا كَانَ عَطَاء رَبِّكَ
مَحْظُوراً (20)♂ [الإسراء].
هذه
الآيات الكريمات تدُلّ على أنَّ الجنَّة للمؤمنين وأنَّ جهنَّم للكافرين, ولكن في
الدُّنيا, فإنَّ الله عزَّ وجلَّ يُعطي هؤلاء وهؤلاء من عطائه, فلا يمنع الكافر من
رزقه, ولكن هذا لا يمنع أنَّ الله لا يُحبّ الكافرين.
[24] لاحظ أنَّ العشَّارين كانوا يهوداً, ولكنَّهم كانوا مكروهين من
المُجتمع اليهودي لأنَّهم كانوا يعملون لحساب الرُّومان المُحتلِّين ويجمعون أموال
الضَّرائب من إخوانهم من إسرائيل, فكانوا بمثابة الخائنين العُملاء لجهات
أجنبية.
[25] من هُم أعداء الله بالنِّسبة للمسيحي؟
هل هُم الذين يقولون إنَّ المسيح لم يُصلب ولم يَمُت, لذا
فلم يقُم أصلاً من الأموات؟! هل هُم الذين يقولون إنَّ الله ليس الآب والابن
والرُّوح القُدُس, ويُنكرون الثالوث, ويقولون إنَّ عقيدة الثالوث كُفر بالله, وأنَّ
الذين يعتقدون بالثالوث سيمسّهم من الله عذاب أليم؟! هل هُم الذين يقولون إنَّ الله
لم يلد ابناً, ولم يكُن في يومٍ ما أباً, ويقولون أنَّ الذين يعتقدون بهذا قد كذبوا
على الله وكفروا به؟! هل هُم الذين يقولون إنَّ اليهود والنَّصارى قاموا بتحريف
التَّوراة والإنجيل ولم يحفظوا ما استحفظوا من كتاب الله؟! هل هُم الذين يقولون
إنَّ اليهود والنَّصارى مأواهم النَّار إن لم يتوبوا ويدخلوا الإسلام؟! إلى غير ذلك من اعتقادات راسخة عند المُسلم. إن لم يكُن المُسلم هو عدوّ الله أو عدوّ المسيحية من وجهة نظر
المسيحي, فلا يوجد عدوّ للمسيحية على وجه الأرض, فإنَّ المُسلم عدوّ كلّ باطل,
ينقده وينقضه حتى يُقيم الحقّ في الأرض. بعد كلّ هذا, كيف
للمسيحي أن يُحبّ عدوّ الله من وجهة نظره الذي هو
المُسلم؟
[26] هذا هو عين ما يعتقده المُسلم بالنِّسبة لعقيدة الولاء والبراء
عنده, فإنَّ المُسلم لا يُحبّ إلَّا لله, ولا يُحبّ إلَّا من يُحبّ الله, ولا يُحبّ
إلَّا من يؤمن بالله, مع التَّركيز على إيمان المُسلم القائل بأنَّه لا يوجد إيمان
صحيح بالله, ولا محبَّة صادقة لله, إلَّا وفق ما جاء عن الله في كتابه, وما جاء به
رسوله صلى الله عليه وسلم فيما صحَّ عنه. فإنَّ الإيمان
بالله أوَّلاً قبل كلّ شيء, ثمَّ تأتي المحبَّة وباقي الأعمال, سواء كانت أعمالاً
قلبية, أو أعمالاً بالجوارح والأركان.
[27] البابا شنودة الثالث: سنوات مع أسئلة الناس, أسئلة لاهوتية
وعقائدية (ب), الباب السادس: أسئلة حول الملائكة الأبرار والأشرار, صـ52,
53.
[28] المقصود بسلام الكنيسة أو سلام الحياة الروحية للمؤمنين, بمعنى
أنَّه لا توجد محبَّة بين المسيحي وبين من يُحارب عقائد الكنيسة, وإيمان الكنيسة,
ويُبيِّن بطلانها ... إلخ,
[29] لاحظ أنَّ كلّ الشخصيات المذكورة في إجابة البابا شنودة لم يكونوا
مسيحيين, وتجمعهم صِفة واحدة: مُعادة العقائد المسيحية, وهُنا يجب توضيح مسألة في
غاية الأهمية, ألَا وهي أنَّ الإسلام لا يُهاجم العقائد المسيحية لمُجرَّد
الهُجُوم, وإنَّما لأنَّ الحقّ واحد لا يتعدَّد, لا يُمكن أن يقف أيّ باطل بجانب
الحقّ الذي هو الإسلام, فكيف يجتمع القول بأنَّ الله واحدٌ, أحدٌ, فردٌ, صمدٌ, لم
يَلِد, ولم يُولد, ولم يكن له كُفُواً أحد, مع القول بأنَّ الله وَلَدَ المسيح,
وانبثق منه الرُّوح القُدُس؟! إلى آخره من عقائد مُتناقضة مُتباينة بين الإسلام
والمسيحية. وبما أنَّ العقيدة الإسلامية هي العقيدة الحقيقية الوحيدة, فلابُدَّ وأن
تكون أيّ عقيدة أُخرى مهدومة زهوقة أمام الإسلام. هذا هو معنى «لا إله إلَّا
الله», الإنكار والهدم والتَّخلية أوَّلاً, ثمَّ الإيمان والبناء والتَّحلية
بدون وجود أيّ مُخلَّفات باطلة على الساحة.
[30] البابا شنودة الثالث: سنوات مع أسئلة الناس, أسئلة خاصَّة بالكتاب
المُقدَّس, صـ155, 156.
[31] كلمة «هرطقة» كلمة من أصل يوناني تُستخدم كمُرادف للمعنى
الشَّرعي لكلمة «كافر» عند المُسلمين, فالمُهرطق هو من اختار الباطل أو
الاعتقاد الفاسد عن عَمْد. والهرطقة ضِدّ «الأرثوذكسية», والأرثوذكسية كلمة
من أصل يوناني تُستخدم كمُرادف للمعنى الشَّرعي لكلمة «مؤمن» عند المسلمين,
فالأرثوذكسي هو صاحب الإيمان السَّليم, الذي يسلك صِراط الله
المُستقيم.
[32] هُناك أيضاً نُصُوص مُشابهة ولكنَّها
تصِف الظُّرُوف المُقابلة, أي عندما يذهب المسيحي لبيت من لا يقبل التَّعاليم
المسيحية. النُّصُوص منسوبة للمسيح ♠, ونجدها في مرقس 6/10-11 (10 وَقَالَ لَهُمْ: «حَيْثُمَا دَخَلْتُمْ بَيْتاً
فَأَقِيمُوا فِيهِ حَتَّى تَخْرُجُوا مِنْ هُنَاكَ. 11
وَكُلُّ
مَنْ لاَ يَقْبَلُكُمْ وَلاَ يَسْمَعُ لَكُمْ فَاخْرُجُوا مِنْ هُنَاكَ وَانْفُضُوا
التُّرَابَ الَّذِي تَحْتَ أَرْجُلِكُمْ شَهَادَةً عَلَيْهِمْ. اَلْحَقَّ أَقُولُ لَكُمْ: سَتَكُونُ لأَرْضِ سَدُومَ
وَعَمُورَةَ يَوْمَ الدِّينِ حَالَةٌ أَكْثَرُ احْتِمَالاً مِمَّا لِتِلْكَ
الْمَدِينَةِ»).
[33] المقصود بـ «هذا التَّعليم», أي
التَّعاليم المسيحية. والتَّطبيق العملي لهذه النُّصُوص
عند المسيحيين من المُفترض أن تكون هكذا: إذا ذهب أيّ مُسلم للمسيحي في بيته, فلا
يجب على المسيحي أن يقبله في بيته, ولا حتَّى أن يُسلِّم عليه. فكيف يسمح المسيحي لنفسه أن يُخالف النُّصُوص الكتابية, وأن
يُخالف دينه بأن يقول للمُسلم: «أنا أُحبّك»؟! أليس هذا أعظم من مُجرَّد أن يقول له: «سلامٌ»؟! طبعاً النُّصُوص تصِف من له تعاليم مُخالفة للتَّعاليم المسيحية
بأنَّ «أعماله شرِّيرة»! لماذا؟ لأنَّه - من وجهة
نظر المسيحيين - ينشر الكُفر والفساد والشِّرك والتَّعاليم الباطلة بين الناس,
فيُفسد دينهم ودُنياهم! هذا التَّصوُّر ينطبق بشدَّة على المُسلمين أكثر من غيرهم
(هذا من وجهة نظر المسيحي, وإلَّا فإنَّ هذا هو تصوُّر المُسلمين للمسيحيين الذين
يُنصِّرون وينشرون تعاليم دينهم), فكلّ مُسلم على وجه الأرض مأمور بأن يُبلِّغ دين
الله, وبأن يُبلِّغ عن رسول الله ☺. قال الله عزَّ وجلَّ في كتابه الكريم:
▬قُلْ هَـذِهِ سَبِيلِي أَدْعُو إِلَى اللّهِ
عَلَى بَصِيرَةٍ أَنَاْ وَمَنِ اتَّبَعَنِي وَسُبْحَانَ اللّهِ وَمَا أَنَاْ مِنَ
الْمُشْرِكِينَ♂ [يوسف : 108], وأيضاً قوله تعالى: ▬وَمَنْ أَحْسَنُ قَوْلاً مِّمَّن دَعَا إِلَى اللَّهِ
وَعَمِلَ صَالِحاً وَقَالَ إِنَّنِي مِنَ الْمُسْلِمِينَ♂ [فصلت : 33],
وقوله تعالى: ▬ادْعُ إِلِى سَبِيلِ رَبِّكَ
بِالْحِكْمَةِ وَالْمَوْعِظَةِ الْحَسَنَةِ وَجَادِلْهُم بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ
إِنَّ رَبَّكَ هُوَ أَعْلَمُ بِمَن ضَلَّ عَن سَبِيلِهِ وَهُوَ أَعْلَمُ
بِالْمُهْتَدِينَ♂ [النحل : 125], وقوله تعالى: ▬كُنتُمْ خَيْرَ أُمَّةٍ أُخْرِجَتْ لِلنَّاسِ تَأْمُرُونَ
بِالْمَعْرُوفِ وَتَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنكَرِ وَتُؤْمِنُونَ بِاللّهِ وَلَوْ آمَنَ
أَهْلُ الْكِتَابِ لَكَانَ خَيْراً لَّهُم مِّنْهُمُ الْمُؤْمِنُونَ وَأَكْثَرُهُمُ
الْفَاسِقُونَ♂ [آل عمران : 110], وغيرها من الآيات الكثير. وفي الحديث
الذي رواه الإمام البُخاري في صحيحه (رقم 3461), عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرٍو،
أَنَّ النَّبِيَّ ☺، قَالَ: «بَلِّغُوا عَنِّي
وَلَوْ آيَةً». إذن, كلّ المُسلمين يأتون
للمسيحيين بتعاليم غير تعاليمهم, فيجب أن لا يقبلوهم في بيوتهم, ولا أن يقولوا لهم
سلامٌ! ولماذا يتعجَّب المسيحي من أنَّ المُسلم لا يبدأ
اليهود والنَّصارى بالسَّلام؟! أليس عنده في كتابه تعاليم
مُشابهة لما عند المُسلمين؟! لكنَّ المسيحي يتلوَّن - كما
سنُبيِّن لاحقاً - لا لشيء إلَّا لأجل جذب المُسلمين
للمسيحية.
[34] طبعاً المُسلم الذي يدعوا الناس للإسلام
يُصنَّف عند المسيحيين على أنَّه من المُضلِّلين.
[35] هذه هي المعاني التي يعتقدها المُسلم في عقيدة الولاء والبراء.
الحبّ في الله ولله, والبُغض في الله ولله. غير مُتصوَّر أن يُحبّ المُسلم عدوّ
الله!
[36] طبعاً النَّص لا يقول: «مُساندة», النَّص
يقول إنَّ المسيحي لا يجب أن يقبل من يأتي بتعاليم مُخالفة للمسيحية في بيته. وكما وضَّحنا سابقاً, فإنَّ كلّ مُسلم يدعو إلى الله عزَّ
وجلَّ, فلابُدَّ أن يتصوَّر المسيحيون أنَّ كلّ المُسلمين بمثابة مُعلِّمين
مُضلِّلين خصَّصوا أنفسهم لمُقاومة تعاليم المسيحية. وإن
كان هُناك الكثير من المُسلمين الذين لا يدعون إلى الله عزَّ وجلَّ ولو بأيسر وأبسط
الطُّرُق. نسأل الله الهداية للجميع.
[37] التَّفسير التَّطبيقي للكتاب
المُقدَّس, بيت تندل للنَّشر, يوحنا الثانية 1/10,
صـ2737.
[38] طبعاً الحقّ عند المسيحي هو العقائد والتَّعاليم المسيحية:
الثالوث, التَّجسُّد وألوهية المسيح, الصَّلب والفِداء, عصمة الكتاب المُقدَّس,
طُقُوس وأسرار الكنيسة السَّبعة ... إلى غير ذلك من المسائل الإيمانية المسيحية, ولمن أراد أن
يتوسَّع في دراسة هذه المواضيع بشكل مُقارن بين الإسلام والمسيحية فعليه أن يستمع
إلى هذه السَّلاسل العلمية, ويُفضَّل بهذا التَّرتيب:
1.
مدخل
إلى مُقارنة الأديان
http://alta3b.wordpress.com/blog/lect/moqarana
2.
فكرة
شاملة عن الكتاب المُقدَّس
http://alta3b.wordpress.com/2012/04/18/fekra
3.
العقائد
المسيحية الأرثوذكسية - الملزمة الأولى
http://alta3b.wordpress.com/2012/12/18/masdogma-1
4.
العقائد
المسيحية الأرثوذكسية - الملزمة الثانية
http://alta3b.wordpress.com/2012/12/19/masdogma-2
[39] طبعاً
هذه الجريمة يقع فيها كل مُسلم يدعو المسيحيين إلى الإسلام, فإذا أسلم أحد
المسيحيين وُصِف بأنَّه مخطوف! وأنَّ المُسلمين
خطفوه!
[40] وهل
للمُسلم إيمان الكنيسة؟! بل إنَّنا نكفر بإيمان الكنيسة, ونُدين هذا الإيمان,
ونُبطله, ونُفنِّده, ونُبيِّن بُطلانه وضلاله!
[41] الآريوسيون
هُم الذين قالوا إنَّ المسيح ♠ مخلوق من العَدَم, وهذا مُوافق لمُعتقد المُسلم
المبني على القرآن الكريم. قال الله عزَّ وجلَّ في كتابه الكريم: ▬إِذْ قَالَتِ الْمَلآئِكَةُ يَا مَرْيَمُ إِنَّ اللّهَ
يُبَشِّرُكِ بِكَلِمَةٍ مِّنْهُ اسْمُهُ الْمَسِيحُ عِيسَى ابْنُ مَرْيَمَ وَجِيهاً
فِي الدُّنْيَا وَالآخِرَةِ وَمِنَ الْمُقَرَّبِينَ (45) وَيُكَلِّمُ النَّاسَ فِي الْمَهْدِ وَكَهْلاً وَمِنَ
الصَّالِحِينَ (46) قَالَتْ رَبِّ
أَنَّى يَكُونُ لِي وَلَدٌ وَلَمْ يَمْسَسْنِي بَشَرٌ قَالَ كَذَلِكِ اللّهُ يَخْلُقُ مَا يَشَاءُ إِذَا قَضَى
أَمْراً فَإِنَّمَا يَقُولُ لَهُ كُن فَيَكُونُ (47)♂ [آل عمران],
وقال تعالى: ▬ذَلِكَ نَتْلُوهُ عَلَيْكَ مِنَ
الآيَاتِ وَالذِّكْرِ الْحَكِيمِ
(58) إِنَّ مَثَلَ عِيسَى عِندَ اللّهِ
كَمَثَلِ آدَمَ خَلَقَهُ مِن تُرَابٍ ثِمَّ
قَالَ لَهُ كُن فَيَكُونُ (59)
الْحَقُّ مِن رَّبِّكَ فَلاَ تَكُن مِّن
الْمُمْتَرِينَ (60)♂ [آل عمران],
وقال تعالى: ▬ذَلِكَ مِنْ أَنبَاء الْغَيْبِ
نُوحِيهِ إِلَيكَ وَمَا كُنتَ لَدَيْهِمْ إِذْ يُلْقُون أَقْلاَمَهُمْ أَيُّهُمْ
يَكْفُلُ مَرْيَمَ وَمَا كُنتَ لَدَيْهِمْ إِذْ يَخْتَصِمُونَ (44)
إِذْ قَالَتِ الْمَلآئِكَةُ يَا مَرْيَمُ إِنَّ
اللّهَ يُبَشِّرُكِ بِكَلِمَةٍ مِّنْهُ اسْمُهُ الْمَسِيحُ عِيسَى ابْنُ مَرْيَمَ
وَجِيهاً فِي الدُّنْيَا وَالآخِرَةِ وَمِنَ الْمُقَرَّبِينَ (45)
وَيُكَلِّمُ النَّاسَ فِي الْمَهْدِ وَكَهْلاً
وَمِنَ الصَّالِحِينَ (46) قَالَتْ
رَبِّ أَنَّى يَكُونُ لِي وَلَدٌ وَلَمْ يَمْسَسْنِي بَشَرٌ قَالَ كَذَلِكِ اللّهُ يَخْلُقُ مَا يَشَاءُ إِذَا قَضَى أَمْراً
فَإِنَّمَا يَقُولُ لَهُ كُن فَيَكُونُ
(47)♂ [النساء : 44-47]. طبعاً الآريوسيون عند المسيحيين الآن كُفَّار
هراطقة خارجون عن مِلَّة المسيحية بإجماع الكنائس الثلاثة الكُبرى: الأرثوذكسية,
والكاثوليكية, والبروتستانتية, والأحكام التي تنطبق على الآريوسيين تنطبق على
المُسلمين لأنَّ المُسلمين يقولون أيضاً بأنَّ المسيح ♠ مخلوقٌ وليس مولوداً من
الله سُبحانه وتعالى.
[42] هذا كلام في غاية الأهمية. متى يكون أخاً؟ عندما يأتي ومعه تعاليم
مُستقيمة, أي ومعه التعاليم المسيحية, حينئذٍ فقط يكون أخاً. هُناك نُصُوص أُخرى تُعطي نفس معنى أنَّ الأُخوَّة في
الإيمان فقط, والمحبَّة للإخوة الذين يحملون إيماناً واحداً, مثل ما نجده في
تسالونيكي الأولى 4/9-10
(9 وَأَمَّا
الْمَحَبَّةُ
الأَخَوِيَّةُ فَلاَ حَاجَةَ لَكُمْ
أَنْ أَكْتُبَ إِلَيْكُمْ عَنْهَا، لأَنَّكُمْ أَنْفُسَكُمْ مُتَعَلِّمُونَ مِنَ اللهِ أَنْ
يُحِبَّ بَعْضُكُمْ بَعْضاً.
10 فَإِنَّكُمْ تَفْعَلُونَ ذَلِكَ أَيْضاً لِجَمِيعِ
الإِخْوَةِ الَّذِينَ فِي مَكِدُونِيَّةَ كُلِّهَا. وَإِنَّمَا أَطْلُبُ إِلَيْكُمْ
أَيُّهَا الإِخْوَةُ أَنْ تَزْدَادُوا أَكْثَرَ).
فلماذا يُنكر المسيحي على المُسلم الذي يقول بقول الله عزَّ وجلَّ: ▬إِنَّمَا الْمُؤْمِنُونَ إِخْوَةٌ♂ [الحجرات :
10], بصيغة استثناء وحَصْر, أيّ أنَّه لا تُوجد أُخوَّة إلَّا بين المؤمنين. وكيف
يُخالف المسيحي تعاليم أعظم آباء المسيحية فيقول للمُسلم: «يا أخي», و
«يا شقيقي», و «كلّ أبّ مُسلم أبي», و «كلّ أخ مُسلم أخي»,
إلى آخره من هذا الكلام المُخالف أصلاً لتعاليم آبائه وكنيسته
ودينه؟!
[43] ونحن أيضاً نقول: «يمنعنا الإسلام والإيمان بالله من أن نُحبّ
كل من يُعاديهما, وأو لا يتَّبعهما». نقول: «يا
مسيحي, أنا لا أُحبّك, لأنَّ الله عزَّ وجلَّ أحبّ إليَّ». «لأنَّ رسول الله
محمداً ☺ أحبّ إليَّ». «لأنَّ الإسلام أحبّ
إليَّ». وقد أمرني ربِّي في كتابه, ورسولي ونبيِّ
محمد ☺ في ما صحَّ عنه من حديثه, أن لا أُحبّ إلَّا مؤمناً, وأن لا أُحبّ إلَّا لله
وفي الله. لا تتعجَّب من مقالتي هذه, لأنَّ كتابك
المُقدَّس, وتعاليم آبائك, يقولان بمثل مقالتي, فلا تُنكر عليَّ ما تجد له ما
يُشابهه في دينك.
[44] هذا هو السَّبب الذي يجعل المسيحي يرفض
أن يتكلَّم مع المُسلم في الأمور الدِّينية, لأنَّه يخاف أن ينسلخ من المسيحية إلى
الإسلام.
[45] يُريد أن يمتنع ولو عن لحظات بسيطة قد
يحدث فيها تحية أو سلام!
[46] كلام في غاية الخُطُورة والأهمية. كيف بعد هذا الكلام
يُنكر المسيحي على المُسلم الذي لا يقبل أن يكون له صديق مسيحي؟! تأمَّل أخي المُسلم الذي لا تجد حرجاً من أن تُصادق الكافر. هل
حُبّ الله عندك أعظم من أيّ شيء؟ كيف تجد محبَّة في قلبك لكافرٍ ينطق باطلاً على الله؟! هذا الكلام يقوله الأب
باسيليوس الكبير, ولكنَّه يحمل نفس معاني عقيدة الولاء والبراء عند المُسلمين.
المُسلم يعتقد قطعاً ولا شكَّ أنَّ المسيحي ينطق باطلاً
على الله, بل أنَّ هذا مذكورٌ صراحة في كتاب الله عزَّ وجلَّ. تأمَّل قوله تعالى:
▬أَلَمْ تَرَ إِلَى الَّذِينَ أُوْتُواْ نَصِيباً
مِّنَ الْكِتَابِ يُدْعَوْنَ إِلَى كِتَابِ اللّهِ لِيَحْكُمَ بَيْنَهُمْ ثُمَّ
يَتَوَلَّى فَرِيقٌ مِّنْهُمْ وَهُم مُّعْرِضُونَ (23) ذَلِكَ
بِأَنَّهُمْ قَالُواْ لَن تَمَسَّنَا النَّارُ إِلاَّ أَيَّاماً مَّعْدُودَاتٍ
وَغَرَّهُمْ فِي دِينِهِم مَّا كَانُواْ
يَفْتَرُونَ (24) فَكَيْفَ إِذَا جَمَعْنَاهُمْ لِيَوْمٍ لاَّ رَيْبَ فِيهِ
وَوُفِّيَتْ كُلُّ نَفْسٍ مَّا كَسَبَتْ وَهُمْ لاَ يُظْلَمُونَ (25)♂ [آل عمران]
وقوله
تعالى: ▬يَا أَيُّهَا النَّاسُ قَدْ جَاءكُمُ
الرَّسُولُ بِالْحَقِّ مِن رَّبِّكُمْ فَآمِنُواْ خَيْراً لَّكُمْ وَإِن
تَكْفُرُواْ فَإِنَّ لِلَّهِ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ وَكَانَ اللّهُ
عَلِيماً حَكِيماً (170) يَا أَهْلَ
الْكِتَابِ لاَ تَغْلُواْ فِي دِينِكُمْ وَلاَ تَقُولُواْ عَلَى اللّهِ إِلاَّ
الْحَقِّ إِنَّمَا الْمَسِيحُ عِيسَى
ابْنُ مَرْيَمَ رَسُولُ اللّهِ وَكَلِمَتُهُ أَلْقَاهَا إِلَى مَرْيَمَ وَرُوحٌ
مِّنْهُ فَآمِنُواْ بِاللّهِ وَرُسُلِهِ وَلاَ
تَقُولُواْ ثَلاَثَةٌ انتَهُواْ خَيْراً لَّكُمْ إِنَّمَا اللّهُ إِلَـهٌ وَاحِدٌ سُبْحَانَهُ أَن يَكُونَ
لَهُ وَلَدٌ لَّهُ مَا فِي السَّمَاوَات وَمَا فِي الأَرْضِ وَكَفَى بِاللّهِ
وَكِيلاً (171)♂ [النساء]
وقوله
تعالى: ▬لَقَدْ كَفَرَ الَّذِينَ قَالُواْ إِنَّ
اللّهَ هُوَ الْمَسِيحُ ابْنُ مَرْيَمَ
وَقَالَ الْمَسِيحُ يَا بَنِي إِسْرَائِيلَ اعْبُدُواْ اللّهَ رَبِّي وَرَبَّكُمْ
إِنَّهُ مَن يُشْرِكْ بِاللّهِ فَقَدْ حَرَّمَ اللّهُ عَلَيهِ الْجَنَّةَ
وَمَأْوَاهُ النَّارُ وَمَا لِلظَّالِمِينَ مِنْ أَنصَارٍ (72) لَّقَدْ
كَفَرَ الَّذِينَ قَالُواْ إِنَّ اللّهَ ثَالِثُ ثَلاَثَةٍ وَمَا مِنْ إِلَـهٍ إِلاَّ إِلَـهٌ وَاحِدٌ
وَإِن لَّمْ يَنتَهُواْ عَمَّا يَقُولُونَ
لَيَمَسَّنَّ الَّذِينَ كَفَرُواْ مِنْهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ (73) أَفَلاَ
يَتُوبُونَ إِلَى اللّهِ وَيَسْتَغْفِرُونَهُ وَاللّهُ غَفُورٌ
رَّحِيمٌ (74) مَّا الْمَسِيحُ ابْنُ مَرْيَمَ إِلاَّ رَسُولٌ قَدْ خَلَتْ
مِن قَبْلِهِ الرُّسُلُ وَأُمُّهُ صِدِّيقَةٌ كَانَا يَأْكُلاَنِ الطَّعَامَ
انظُرْ كَيْفَ نُبَيِّنُ لَهُمُ الآيَاتِ ثُمَّ
انظُرْ أَنَّى يُؤْفَكُونَ (75)♂ [المائدة]
وقوله
تعالى: ▬وَقَالَتِ الْيَهُودُ عُزَيْرٌ ابْنُ
اللّهِ وَقَالَتْ النَّصَارَى الْمَسِيحُ ابْنُ اللّهِ ذَلِكَ قَوْلُهُم بِأَفْوَاهِهِمْ يُضَاهِؤُونَ قَوْلَ الَّذِينَ كَفَرُواْ مِن قَبْلُ
قَاتَلَهُمُ اللّهُ أَنَّى يُؤْفَكُونَ
(30)♂ [التوبة]
وقوله
تعالى: ▬قَالُواْ اتَّخَذَ اللّهُ
وَلَداً سُبْحَانَهُ هُوَ الْغَنِيُّ لَهُ
مَا فِي السَّمَاوَات وَمَا فِي الأَرْضِ إِنْ
عِندَكُم مِّن سُلْطَانٍ بِهَـذَا أَتقُولُونَ عَلَى اللّهِ مَا لاَ
تَعْلَمُونَ (68) قُلْ إِنَّ الَّذِينَ يَفْتَرُونَ عَلَى اللّهِ الْكَذِبَ لاَ
يُفْلِحُونَ (69) مَتَاعٌ فِي الدُّنْيَا ثُمَّ إِلَيْنَا مَرْجِعُهُمْ ثُمَّ
نُذِيقُهُمُ الْعَذَابَ الشَّدِيدَ بِمَا كَانُواْ يَكْفُرُونَ (70)♂ [يونس]
وقوله
تعالى: ▬الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي أَنزَلَ عَلَى
عَبْدِهِ الْكِتَابَ وَلَمْ يَجْعَل لَّهُ عِوَجَا (1) قَيِّماً
لِّيُنذِرَ بَأْساً شَدِيداً مِن لَّدُنْهُ وَيُبَشِّرَ الْمُؤْمِنِينَ الَّذِينَ
يَعْمَلُونَ الصَّالِحَاتِ أَنَّ لَهُمْ أَجْراً حَسَناً (2) مَاكِثِينَ
فِيهِ أَبَداً (3) وَيُنذِرَ الَّذِينَ قَالُوا اتَّخَذَ اللَّهُ
وَلَداً (4) مَّا لَهُم بِهِ مِنْ عِلْمٍ وَلَا لِآبَائِهِمْ كَبُرَتْ
كَلِمَةً تَخْرُجُ مِنْ أَفْوَاهِهِمْ إِن يَقُولُونَ إِلَّا
كَذِباً (5)♂ [الكهف :
1-5]
وقوله
تعالى: ▬وَقَالُوا اتَّخَذَ الرَّحْمَنُ
وَلَداً (88) لَقَدْ جِئْتُمْ شَيْئاً إِدّاً (89) تَكَادُ
السَّمَاوَاتُ يَتَفَطَّرْنَ مِنْهُ وَتَنشَقُّ الْأَرْضُ وَتَخِرُّ الْجِبَالُ
هَدّاً (90) أَن دَعَوْا لِلرَّحْمَنِ وَلَداً (91) وَمَا
يَنبَغِي لِلرَّحْمَنِ أَن يَتَّخِذَ وَلَداً (92) إِن كُلُّ
مَن فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ إِلَّا آتِي الرَّحْمَنِ
عَبْداً (93) لَقَدْ أَحْصَاهُمْ وَعَدَّهُمْ عَدّاً (94) وَكُلُّهُمْ
آتِيهِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ فَرْداً
(95)♂ [مريم : 88-95]
وقوله
تعالى: ▬بَلْ أَتَيْنَاهُم بِالْحَقِّ وَإِنَّهُمْ
لَكَاذِبُونَ (90) مَا اتَّخَذَ اللَّهُ مِن وَلَدٍ وَمَا كَانَ مَعَهُ مِنْ
إِلَهٍ إِذاً لَّذَهَبَ كُلُّ إِلَهٍ بِمَا خَلَقَ وَلَعَلَا بَعْضُهُمْ عَلَى
بَعْضٍ سُبْحَانَ اللَّهِ عَمَّا يَصِفُونَ (91) عَالِمِ
الْغَيْبِ وَالشَّهَادَةِ فَتَعَالَى عَمَّا يُشْرِكُونَ (92)♂ [المؤمنون : 91-92]. الله المُستعان, ولا حول ولا قوَّة إلَّا
بالله.
[47] عبارة
أُخرى تُوضِّح أنَّ الأُخوَّة فقط بين الذين يحملون إيمان
الكنيسة.
[48] القُمُّص
تادرس يعقوب ملطي: من تفسير وتأمُّلات الآباء الأوَّلين, كنيسة مار جرجس
باسبورتنج, رسالة يوحنا الثانية 1/10-11, صـ6, 7.
[49] أي
كلّ غير المسيحيين, سواء كانوا يهوداً أو من الوثنيين, وطبعاً هذه الأحكام تنطبق
حالياً على المُسلمين.
[50] كلمة «بليعال» من أصل عبري تعني
حرفياً «من لا قيمة له», وهي كلمة تُطلق على
الشَّيطان.
[51] هذه هي أوصاف المسيحي المؤمن في مُقابل المُسلم غير المؤمن. فالمؤمن بِرّ ونور وهيكل الله, ولكنَّ المُسلم غير المؤمن
يُعتبر إثماً وظُلمة وشيطاناً لا قيمة له وأوثاناً! في
القرآن الكريم, الله عزَّ وجلَّ قطعاً ولا شكَّ يُفضِّل المؤمن على الكافر. تأمل
قول الله عزَّ وجلَّ: ▬فَلَا تَهِنُوا وَتَدْعُوا
إِلَى السَّلْمِ وَأَنتُمُ
الْأَعْلَوْنَ وَاللَّهُ مَعَكُمْ وَلَن
يَتِرَكُمْ أَعْمَالَكُمْ♂ [محمد : 35], وقوله تعالى: ▬وَلاَ تَهِنُوا وَلاَ تَحْزَنُوا وَأَنتُمُ الأَعْلَوْنَ إِن كُنتُم
مُّؤْمِنِينَ♂ [آل عمران : 139], وقوله تعالى: ▬أَفَنَجْعَلُ الْمُسْلِمِينَ كَالْمُجْرِمِينَ
(35) مَا لَكُمْ كَيْفَ تَحْكُمُونَ
(36)♂ [القلم], وقوله تعالى: ▬أَفَمَن
كَانَ مُؤْمِناً كَمَن كَانَ فَاسِقاً لَّا يَسْتَوُونَ♂ [السجدة : 18],
وغيرها من الآيات القُرآنية الكثيرة التي فيها بيان تفضيل المؤمن على الكافر. أيضاً
هُناك آيات أُخرى كثيرة فيها ذمّ للكافر. تأمَّل قول الله
عزَّ وجلَّ: ▬وَلَقَدْ ذَرَأْنَا لِجَهَنَّمَ
كَثِيراً مِّنَ الْجِنِّ وَالإِنسِ لَهُمْ قُلُوبٌ لاَّ يَفْقَهُونَ بِهَا وَلَهُمْ
أَعْيُنٌ لاَّ يُبْصِرُونَ بِهَا وَلَهُمْ آذَانٌ لاَّ يَسْمَعُونَ بِهَا
أُوْلَـئِكَ كَالأَنْعَامِ بَلْ هُمْ أَضَلُّ
أُوْلَـئِكَ هُمُ الْغَافِلُونَ♂ [الأعراف : 179], أيضاً قول الله
عزَّ وجلَّ: ▬أَمْ تَحْسَبُ أَنَّ أَكْثَرَهُمْ
يَسْمَعُونَ أَوْ يَعْقِلُونَ إِنْ هُمْ إِلَّا
كَالْأَنْعَامِ بَلْ هُمْ أَضَلُّ سَبِيلاً♂ [الفرقان : 44], وقوله
تعالى: ▬مَثَلُ الَّذِينَ حُمِّلُوا التَّوْرَاةَ
ثُمَّ لَمْ يَحْمِلُوهَا كَمَثَلِ الْحِمَارِ
يَحْمِلُ أَسْفَاراً بِئْسَ مَثَلُ
الْقَوْمِ الَّذِينَ كَذَّبُوا بِآيَاتِ اللَّهِ وَاللَّهُ لَا يَهْدِي الْقَوْمَ
الظَّالِمِينَ♂ [الجمعة : 5], وقوله تعالى: ▬وَاتْلُ عَلَيْهِمْ نَبَأَ الَّذِيَ آتَيْنَاهُ آيَاتِنَا
فَانسَلَخَ مِنْهَا فَأَتْبَعَهُ الشَّيْطَانُ فَكَانَ مِنَ
الْغَاوِينَ (175) وَلَوْ شِئْنَا لَرَفَعْنَاهُ بِهَا وَلَـكِنَّهُ أَخْلَدَ
إِلَى الأَرْضِ وَاتَّبَعَ هَوَاهُ فَمَثَلُهُ
كَمَثَلِ الْكَلْبِ إِن تَحْمِلْ عَلَيْهِ يَلْهَثْ أَوْ تَتْرُكْهُ
يَلْهَث ذَّلِكَ مَثَلُ الْقَوْمِ
الَّذِينَ كَذَّبُواْ بِآيَاتِنَا فَاقْصُصِ الْقَصَصَ لَعَلَّهُمْ
يَتَفَكَّرُونَ (176)♂ [الأعراف :
176], فلماذا يعترض المسيحي على مثل هذه الآيات وهو عنده في كتابه نفس
المفاهيم؟!
[52] المقصود أنَّ المسيحي مُقدَّس طاهر, فهو
هيكل الله الحيّ, والله يسكن فيه!, وأنَّ غير المؤمن
(المُسلم على سبيل المثال) وثنٌ نجسٌ, فلا يجوز للمسيحي المؤمن المُقدَّس الطاهر
الذي يسكنه الله أن تكون له شركة أو صِلة مع غير المؤمن النَّجس. لماذا يعترض
المسيحي إذاً على قول الله عزَّ وجلَّ: ▬يَا
أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ إِنَّمَا الْمُشْرِكُونَ نَجَسٌ فَلاَ يَقْرَبُواْ
الْمَسْجِدَ الْحَرَامَ بَعْدَ عَامِهِمْ هَـذَا♂ [التوبة : 28], وهو
عنده في كتابه نفس المعاني؟! من الجدير بالذِّكر أنَّ المسيحي مُشرك لقوله تعالى:
▬اتَّخَذُواْ أَحْبَارَهُمْ وَرُهْبَانَهُمْ
أَرْبَاباً مِّن دُونِ اللّهِ وَالْمَسِيحَ ابْنَ مَرْيَمَ وَمَا أُمِرُواْ إِلاَّ
لِيَعْبُدُواْ إِلَـهاً وَاحِداً لاَّ إِلَـهَ إِلاَّ هُوَ سُبْحَانَهُ عَمَّا يُشْرِكُونَ♂ [التوبة : 31],
وقوله تعالى: ▬بَلْ أَتَيْنَاهُم بِالْحَقِّ
وَإِنَّهُمْ لَكَاذِبُونَ (90)
مَا اتَّخَذَ اللَّهُ مِن وَلَدٍ وَمَا كَانَ
مَعَهُ مِنْ إِلَهٍ إِذاً لَّذَهَبَ كُلُّ إِلَهٍ بِمَا خَلَقَ وَلَعَلَا
بَعْضُهُمْ عَلَى بَعْضٍ سُبْحَانَ اللَّهِ عَمَّا يَصِفُونَ (91) عَالِمِ
الْغَيْبِ وَالشَّهَادَةِ فَتَعَالَى عَمَّا يُشْرِكُونَ (92)♂ [المؤمنون : 91-92], وغيرها من الآيات
الكثير.
[53] وهذه هي معاني عقيدة الولاء والبراء عند المُسلم أيضاً, فالإيمان
والعقيدة والدِّين أهمّ من كلّ شيء عند المُسلم.
[54] هذا هو هدف حركة «عايز أقول لك إنَّي بحبّك», يُريدون أن
يُميِّعوا عقيدة المُسلم, يُريدونه أن يتساهل في إيمانه, يُريدونه أن يُحبّ
المسيحي, وأن يحتفل معه بأعياده, أو على الأقل أن يهنِّئه في أعياده. الله المُستعان. يجب على المُسلم أن يُدرك أن المسيحي لا يرضى
هذا في دينه أصلاً وهو دين باطل, فما بالنا نرضى بالدَّنية في ديننا؟! وتأكد أخي
المُسلم أنَّ المسيحي لا يُظهر لك المحبَّة إلَّا مراءً ظاهراً, وأنَّ هذا تلوُّن
جائز في دينه وفق نصوص قالها بولس, وسيتم بيان ذلك
لاحقاً.
[55] تأمَّل جيداً تعبير: «ولائهم»! هذه هي
عقيدة الولاء والبراء عند المسيحيين, نفس المعاني الإسلامية
تقريباً.
[56] التَّفسير التَّطبيقي للكتاب
المُقدَّس, بيت تندل للنَّشر, كورينثوس الثانية
6/14-17, صـ2476.
[57] لماذا
يعترض المسيحي إذاً على أنَّ المُسلم عليه أن لا يُصاحب إلَّا
مؤمنا؟!
[58] مثل
أن يدعوه المُسلم إلى الإسلام! أيضاً كلّ مُسلم تقريباً
له زميل أو صديق مسيحي يسمع منه دائماً الكثير من الشُّبُهات حول الإسلام
العظيم!
[59] هذا
ما يحدث لكلّ مُسلم يسمح لنفسه أن يحضر أي مُناسبة في الكنيسة! فإنَّه يرى بعينيه
النِّساء المُتبرِّجات, ويرى الصلبان, والصور التي تُعبِّر عن المُعتقدات الباطلة
من صلب المسيح ♠ والعياذ بالله وما شابه, ويسمع بأذنيه أقوال الكفر والشِّرك, ولا
أفهم كيف يرضى أي مُسلم بهذا وقد قال الله عزَّ وجلَّ في كتابه الكريم:
▬وَقَدْ نَزَّلَ عَلَيْكُمْ فِي الْكِتَابِ أَنْ إِذَا
سَمِعْتُمْ آيَاتِ اللّهِ يُكَفَرُ بِهَا وَيُسْتَهْزَأُ بِهَا فَلاَ تَقْعُدُواْ
مَعَهُمْ حَتَّى يَخُوضُواْ فِي حَدِيثٍ غَيْرِهِ إِنَّكُمْ إِذاً مِّثْلُهُمْ
إِنَّ اللّهَ جَامِعُ الْمُنَافِقِينَ وَالْكَافِرِينَ فِي جَهَنَّمَ
جَمِيعاً♂ [النساء : 140], وأي كُفر أعظم وأضلّ من الثالوث
والتَّجسُّد؟! وأي استهزاء بالله أعظم من أن يُقال إنَّ
الله نزل من السَّماء ليُصلب على الصَّليب ويموت, ثمَّ يقوم من الأموات في اليوم
الثالث؟! أخي الكريم: الله عزَّ وجلَّ يقول عن من يرضى بالاستماع لكلّ هذا ولا
يُحرِّك ساكناً: ▬إِنَّكُمْ إِذاً مِّثْلُهُمْ
إِنَّ اللّهَ جَامِعُ الْمُنَافِقِينَ وَالْكَافِرِينَ فِي جَهَنَّمَ
جَمِيعاً♂, مثلهم لأنَّك سمعت الكُفر ورضيت به, فلم تتحرَّك من مكانك
ولا قدرت على إنكاره وتفنيده وبيان بُطلانه, فمُجرَّد قُعُودك معهم يجعلك مثلهم
والعياذ بالله!
تأمَّل
أيضاً قول الله عزَّ وجلَّ: ▬وَإِذَا رَأَيْتَ
الَّذِينَ يَخُوضُونَ فِي آيَاتِنَا فَأَعْرِضْ عَنْهُمْ حَتَّى يَخُوضُواْ فِي
حَدِيثٍ غَيْرِهِ وَإِمَّا يُنسِيَنَّكَ الشَّيْطَانُ فَلاَ تَقْعُدْ بَعْدَ
الذِّكْرَى مَعَ الْقَوْمِ الظَّالِمِينَ♂ [الأنعام : 68], وهذه الآية
أيضاً حُجَّة في إثبات عَدَم جواز الجلوس في مجالس الكُفر
والنِّفاق.
[60] القُمُّص تادرس يعقوب ملطي: من تفسير وتأمُّلات الآباء
الأوَّلين, كنيسة مار جرجس باسبورتنج, تفسير كورينثوس الثانية (6/14),
صـ196.
[61] جاء في مُقدِّمة الطَّبعة الأولى للكتاب
ما يلي: [تشوَّق الكثيرون أن يقتنوا ذلك
الكتاب الذي اتُّخِذ من القديم دستوراً
للكنيسة الأرثوذكسية,
ولا تزال تعترف به قانوناً
لها رغم تعدِّي الكثيرين على كسر ما
جاء به من القوانين والتَّعاليم. (...) تشتقّ كلمة دسقولية من الأصل اليوناني Didaskalia, ومعناها تعاليم. وهذا
الكتاب هو مجموعة تعاليم الرُّسُل القدِّيسين عن بعض أنظمة
الكنيسة,
وواجبات
خُدّامها وشعبها.]
[62] طبعاً
المسيحيون لا يدخلون المساجد إلَّا نادراً, هذا لأنَّ المسجد يُعتبر بالنِّسبة لهم
مجمعاً للمُخالفين. فإذا كان هذا هو موقف المسيحي تجاه غير المسيحيين, فلماذا نجد
المُسلمين يتهافتون على الذَّهاب للكنائس في أعيادهم ومناسباتهم الدِّينية؟ (لاحظ
أنَّ التَّعليقات القادمة على هذه الاقتباسات المسيحية ستكون على أساس أنَّ هذه
المعاني الموجودة عند المسيحيين موجودة عندنا أيضاً في عقيدة الولاء والبراء,
فالتَّعليق سيكون وكأنَّ الخطاب للمُسلمين! فإنَّ هذا
أمعن في توصيل المعنى, وليخجل المُسلم الذي لا يُطبِّق شريعته إلَّا إذا وجدها
أيضاً عند الآخرين).
[63] هذا دليلٌ على أنَّ هذه معصية كبيرة عند المسيحيين, وهي أيضاً كذلك
عند المُسلمين, فما هو الجواب الذي أعدَّه كلّ مُسلم يسمح لنفسه أن يذهب إلى
الكنائس في كلّ عيد ديني لهم, ويجلس ليستمع إلى عظاتهم وُقدَّاساتهم بالساعات
الطِّوال؟
[64] هذا هو اعتقاد المسيحي في أي بيت من بيوت
عبادة غير المسيحيين. لاحظ أيضاً أنَّ هذا هو اعتقاد
المُسلمين أيضاً بالنِّسبة لأي بيت عبادة لأيّ طائفة دينية غير مُسلمة.
أوَّلاً: كلّ من يذهب إلى الكنيسة فقد رفض كلام الله الحيّ المُحيي
الذي قاله في كتابه الكريم: ▬وَقَدْ نَزَّلَ
عَلَيْكُمْ فِي الْكِتَابِ أَنْ إِذَا سَمِعْتُمْ آيَاتِ اللّهِ يُكَفَرُ بِهَا
وَيُسْتَهْزَأُ بِهَا فَلاَ تَقْعُدُواْ مَعَهُمْ حَتَّى يَخُوضُواْ فِي حَدِيثٍ
غَيْرِهِ إِنَّكُمْ إِذاً مِّثْلُهُمْ إِنَّ اللّهَ جَامِعُ الْمُنَافِقِينَ
وَالْكَافِرِينَ فِي جَهَنَّمَ جَمِيعاً♂ [النساء : 140], وقال أيضاً:
▬وَإِذَا رَأَيْتَ الَّذِينَ يَخُوضُونَ فِي
آيَاتِنَا فَأَعْرِضْ عَنْهُمْ حَتَّى يَخُوضُواْ فِي حَدِيثٍ غَيْرِهِ وَإِمَّا
يُنسِيَنَّكَ الشَّيْطَانُ فَلاَ تَقْعُدْ بَعْدَ الذِّكْرَى مَعَ الْقَوْمِ
الظَّالِمِينَ♂ [الأنعام : 68], وقال أيضاً: ▬وَالَّذِينَ لَا يَشْهَدُونَ الزُّورَ وَإِذَا مَرُّوا
بِاللَّغْوِ مَرُّوا كِرَاماً♂ [الفرقان : 72].
ثانياً:
الكنيسة بالنِّسبة للمُسلمين بيت شيطاني, لأنَّ الأديان ستَّة؛ واحدٌ للرَّحمن,
وخمسة للشَّيطان, وهذا ما قاله عُلماء المُسلمين في تفسير قوله تعالى: ▬إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَالَّذِينَ هَادُوا
وَالصَّابِئِينَ وَالنَّصَارَى وَالْمَجُوسَ وَالَّذِينَ أَشْرَكُوا إِنَّ اللَّهَ
يَفْصِلُ بَيْنَهُمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ إِنَّ اللَّهَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ
شَهِيدٌ♂ [الحج : 17]
نقل
الإمام الطبري رحمه الله, عن قتادة ◙, أنَّه قال في تفسير هذه الآية:
[والأديان ستة: خمسة للشيطان، وواحد
للرحمن.] (أبو جعفر محمد بن جرير الطبري
(ت310هـ): جامع البيان عن تأويل آي القرآن, مؤسسة الرسالة ببيروت, الجزء
الثامن عشر, صـ584, 585).
قال
الشيخ أبو بكر الجزائري حفظه الله: [كل
الأديان هي من وحي الشيطان, وأهلها خاسرون, إلا الإسلام فهو دين الله الحق وأهله هم
الفائزون، أهله هم القائمون عليه عقيدة وعبادة وحكماً وقضاء.]
(أيسر التفاسير لكلام العلي الكبير, مكتبة العلوم والحكم بالمدينة المنورة,
الجزء الثالث, صـ461).
وفي
صحيح مسلم: [عَنْ عِيَاضِ بْنِ حِمَارٍ
الْمُجَاشِعِيِّ أَنَّ رَسُولَ اللهِ
قَالَ ذَاتَ يَوْمٍ فِي خُطْبَتِهِ «أَلاَ
إِنَّ رَبِّى أَمَرَنِي أَنْ أُعَلِّمَكُمْ مَا جَهِلْتُمْ مِمَّا عَلَّمَنِي
يَوْمِي هَذَا كُلُّ مَالٍ نَحَلْتُهُ عَبْدًا حَلاَلٌ وَإِنِّي
خَلَقْتُ عِبَادِي حُنَفَاءَ كُلَّهُمْ وَإِنَّهُمْ أَتَتْهُمُ الشَّيَاطِينُ فَاجْتَالَتْهُمْ عَنْ دِينِهِمْ وَحَرَّمَتْ عَلَيْهِمْ مَا
أَحْلَلْتُ لَهُمْ وَأَمَرَتْهُمْ أَنْ يُشْرِكُوا بِي مَا لَمْ أُنْزِلْ بِهِ
سُلْطَانًا
وَإِنَّ اللَّهَ نَظَرَ إِلَى أَهْلِ الأَرْضِ فَمَقَتَهُمْ عَرَبَهُمْ
وَعَجَمَهُمْ إِلاَّ بَقَايَا مِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ».]
(حديث رقم (7386), كتاب الجنة وصفة نعيمها وأهلها, باب
الصفات التي يعرف بها في الدنيا أهل الجنة وأهل النار)
قال
شيخ الإسلام ابن القيم رحمه الله: [فَأَخْبَرَ أَنَّ تَغْيِيرَ الْحَنِيفِيَّةِ الَّتِي
خُلِقُوا عَلَيْهَا بِأَمْرٍ طَارِئٍ مِنْ جِهَةِ الشَّيْطَانِ، وَلَوْ كَانَ
الْكُفَّارُ مِنْهُمْ مَفْطُورِينَ عَلَى الْكُفْرِ لَقَالَ: خَلَقْتُ عِبَادِي
مُشْرِكِينَ، فَأَتَتْهُمُ الرُّسُلُ فَاقْتَطَعَتْهُمْ عَنْ ذَلِكَ، كَيْفَ وَقَدْ
قَالَ: ▬خَلَقْتُ عِبَادِي حُنَفَاءَ
كُلَّهُمْ♂؟ فَهَذَا الْقَوْلُ أَصَحُّ الْأَقْوَالِ، وَاللَّهُ
أَعْلَمُ.] (شمس الدين ابن القيم الجوزية (ت 751 هـ): أحكام أهل
الذمة, رمادي للنشر بالدمام, الجزء الثاني - صـ1070).
ثالثاً:
كيف للمُسلم أن يدخل مكاناً يقول فيه أصحابه أنَّ الله عزَّ وجلَّ صُلِبَ, وماتَ,
وقام من بين الأموات, ▬سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى
عَمَّا يَقُولُونَ عُلُوّاً كَبِيراً♂ [الإسراء : 43], تأمَّل هذه
الكلام البشع: [والآن
نضع السُّؤال صريحًا وواضحًا: هل
نستطيع أن نقول إنَّ اللهَ ماتَ على الصَّلِيب؟
ونترك الإجابة للقدِّيس مار اسحق
السُّرياني ليُعلِّمنا قائلًا: «سمعتُ النّاس يتساءلون: أمات
اللهُ أم لم يمُت؟
يا للجهل! إنَّ موته خلَّص الخليقة,
وهُم
يتساءلون إذا كان قد مات أم لم يمُت
.. إنَّ نسطور وأُوطاخي أقلقا
المسامع إذ أنكر الأول لاهوت ربنا قائلًا: «إنَّه إنسان مَحْض»، فردّ عليه الثاني
مُنكرًا ناسوته قائلًا: «إنَّه لم يتَّخِذ جسدًا ناسوتيًّا». لذلك فإنَّ مريم والدة الإله التي تجسَّد منها
تُعطي الويل لأوطاخي. كما
إنَّ العناصر التي اضطَّربت بالمَصْلُوب تبصُق على نسطور.
فلولا
أنَّه إله,
كيف
أظْلَمَت الشَّمس وتشقَّقَت الصُّخُور،
ولو
أنَّه إنسان,
فمن
الذي احتمل السِّياط،
وبمن
غُرِزَت المسامير؟ حقًا لم يكن الجسد وحده مُعلَّقاً على خشبة الصَّلِيب بدون
الله،
ولم
يكُن الله يتألَّم في الجُلْجُثة بدون
الجسد،
فافتخار البيعة العظيم هو ربنا له لاهوت وناسوت معًا، وليس في فرصوفين (شخصين) أو طبيعتين، فهو ابن واحد كامل من الآب ومن
مريم ، كامل بلاهوته وكامل بناسوته، فالذي أرسله الآب هو بعينه وُلِدَ من أحشاء (العذراء
مريم), والذي وُلِدَ من أحشاء مريم هو نفسه عُلِّق فوق الجلجثلة. فافتخار
الكنيسة هو إنَّ اللهَ مات على الصَّلِيب.
فإذا
شاء أن يموت,
تجسَّد
وذاق الموت بمشيئته.
بل
لولا أن رآه الموت مُتجسِّداً لخاف أن يقترب منه،
فمحروم
من يفصل اللاهوت عن الجسد.
إنَّ طَّبيعة الوحيد هي واحدة، كما أنِّ أقنومه أيضًا واحد مُركَّب بدون تغيِيّر،
فلا
يتشكَّكنَّ فكرك حين تسمع أنَّ اللهَ قد مات،
فلولا
أنَّه مات لكان العالم مائتًا بعد.
له
موت الصَّليب وله القِيامة
.. لمّا
يموت شخصٌ فلا يُقال إنَّ جسده مات،
ومع
أنَّ نصفه لم يذُق الموت يقول عارفوه إنَّ فلانًا قد مات
.. إنَّ
اليهود صلبوا إلهًا واحدًا مُتجسِّداً فوق الجُلجُثة.
أجل، إنَّ
إلهًا واحدًا مُتجسِّداً ضُرِب على رأسه بالقصبة،
وإلهًا
واحدًا مُتجسِّداً تألَّم مع الخلائق».]
(كنيسة القديسين مار مرقس والبابا بطرس: أسئلة حول حتمية التَّثليث والتَّوحيد
وحتمية التَّجسُّد الإلهي, صـ276).
حقيقة
الأمر أنَّ المسيحيين في كتاباتهم الدِّينية عندهم تقريباً كلّ معاني عقيدة الولاء
والبراء التي عند المُسلمين. المسيحيون بطبيعة الحال غير مُلتزمين بدينهم, وبسبب
منهج التَّلوُّن في دعوة غير المسيحيين الذي أسَّسه بولس يستطيع كلّ مسيحي أن يقول
للمُسلم ما يشاء وهو يُقرِّبه للمسيحية. السؤال هُنا هو: ما هو عذر المُسلم في عدم التزامه بتعاليم دينه؟ المُشكلة الحقيقية هي أنَّ
المُسلم يتصوَّر أنَّ هذه من سماحة الإسلام! أخي الكريم الحبيب, ءأنت أعلم بما هو
أنفع للإسلام أم الله؟ قطعاً ولا شكَّ, الله عزَّ وجلَّ
أعلم بما هو أكمل وأفضل لدينه. العقيدة قبل كلّ شيء.
لا تسمح لنفسك أن تكون في موضعٍ يُعصى فيه الله عزَّ
وجلَّ, ويُقال فيه كلّ كُفرٍ وشِرْكٍ عن الله عزَّ وجلَّ. إذا وجدتَ موضعاً يُسبّ ويُشتم فيه والدك, ولم تستطع أن ترُدّ
عنه هذه الشَّتيمة, فهل ستبقى في ذلك الموضع؟ بالطَّبع
لا, وستكون في غاية الحُزن والأسى والأسف على ما يحدث تجاه والدك في هذا المكان,
فهل تُحبّ أباك أكثر من الله عزَّ وجلَّ. تذكَّر هذا الحديث دائماً: عَنِ
النَّبِيِّ ☺، قَالَ: قَالَ اللَّهُ: «كَذَّبَنِي
ابْنُ آدَمَ وَلَمْ يَكُنْ لَهُ ذَلِكَ، وَشَتَمَنِي، وَلَمْ يَكُنْ لَهُ ذَلِكَ،
فَأَمَّا تَكْذِيبُهُ إِيَّايَ فَزَعَمَ أَنِّي لاَ أَقْدِرُ أَنْ أُعِيدَهُ كَمَا
كَانَ، وَأَمَّا شَتْمُهُ إِيَّايَ، فَقَوْلُهُ لِي وَلَدٌ، فَسُبْحَانِي أَنْ
أَتَّخِذَ صَاحِبَةً أَوْ وَلَدًا» (صحيح البُخاري 4482). وتذكَّر
دائماً هذه الآيات الكريمات: ▬وَقَالُوا اتَّخَذَ
الرَّحْمَنُ وَلَداً (88) لَقَدْ
جِئْتُمْ شَيْئاً إِدّاً (89) تَكَادُ
السَّمَاوَاتُ يَتَفَطَّرْنَ مِنْهُ وَتَنشَقُّ الْأَرْضُ وَتَخِرُّ الْجِبَالُ
هَدّاً (90) أَن دَعَوْا لِلرَّحْمَنِ
وَلَداً (91) وَمَا يَنبَغِي
لِلرَّحْمَنِ أَن يَتَّخِذَ وَلَداً (92) إِن كُلُّ مَن فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ إِلَّا آتِي
الرَّحْمَنِ عَبْداً (93) لَقَدْ
أَحْصَاهُمْ وَعَدَّهُمْ عَدّاً (94) وَكُلُّهُمْ آتِيهِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ فَرْداً
(95)♂ [مريم : 88-95]. عظِّم الله عزَّ وجلَّ في قلبك, واجعل تعظيمه
سُبحانه وتعالى أعظم من أيّ شيء في قلبك, واجعل تعظيم أيّ شيء في قلبك تابع لتعظيمك
لله عزَّ وجلَّ, ولرسوله ☺, ولدينه, ولشريعته. تذكَّر
دائماً أنَّ الله عزَّ وجلَّ قبل كلّ شيء, وفوق كلّ شيء, ولو كره الكافرون ذلك, ولو
كره المسيحيون ذلك, ولو كره الناس ذلك. تذكَّر أخي الكريم هذا الحديث الذي قال فيه
رسول الله ☺: «مَنِ التَمَسَ رِضَاءَ اللَّهِ
بِسَخَطِ النَّاسِ كَفَاهُ اللَّهُ مُؤْنَةَ النَّاسِ، وَمَنِ التَمَسَ رِضَاءَ
النَّاسِ بِسَخَطِ اللَّهِ وَكَلَهُ اللَّهُ إِلَى النَّاسِ» (سُنن
الترمذي, حديث رقم (2414), [حُكم الألباني]: صحيح).
وأيضاً
الحديث المُشابه الذي يقول فيه رسول الله ☺: «مَنِ
الْتَمَسَ رِضَى اللَّهِ بِسَخَطِ النَّاسِ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، وَأَرْضَى
النَّاسَ عَنْهُ، وَمَنِ الْتَمَسَ رِضَا النَّاسِ بِسَخَطِ اللَّهِ, سَخَطَ
اللَّهُ عَلَيْهِ، وَأَسْخَطَ عَلَيْهِ النَّاسَ» (صحيح ابن
حبان, حديث رقم (276), [تعليق الألباني]: صحيح).
[65] طبعاً هذا الكلام على غير المسيحيين,
فكلّ غير مسيحي نجس عند الله. تذكَّر قول الله عزَّ وجلَّ: ▬يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ إِنَّمَا الْمُشْرِكُونَ
نَجَسٌ فَلاَ يَقْرَبُواْ الْمَسْجِدَ الْحَرَامَ بَعْدَ عَامِهِمْ♂
[التوبة : 28]
[66] تذكَّر قول الله عزَّ وجلَّ: ▬وَقَدْ نَزَّلَ عَلَيْكُمْ فِي الْكِتَابِ أَنْ إِذَا
سَمِعْتُمْ آيَاتِ اللّهِ يُكَفَرُ بِهَا وَيُسْتَهْزَأُ بِهَا فَلاَ تَقْعُدُواْ
مَعَهُمْ حَتَّى يَخُوضُواْ فِي حَدِيثٍ غَيْرِهِ إِنَّكُمْ إِذاً مِّثْلُهُمْ إِنَّ اللّهَ جَامِعُ
الْمُنَافِقِينَ وَالْكَافِرِينَ فِي جَهَنَّمَ جَمِيعاً♂ [النساء :
140].
[67] مملوء كلّ نجاسة لأنَّه يحتوي على الكُفر
والشِّرك, وهذا هو مُحتوى كلام المسيحيين في أعيادهم. إن كُنت لا تُصدِّقني فراجع
أي تسجيل فيديو على موقع اليوتيوب لأي قُدَّاس تمّ إذاعته على التلفزيون المصري
لعيد القيامة أو عيد الميلاد المجيد. أقسم بالله الذي رفع السماء بلا عمد, يكفي أن
ترى الكاهن وهو يمسك الصَّليب بيده, وبفعله هذا, فهو يُعلن كُفره وجحوده لقول الله
عزَّ وجلَّ: ▬وَقَوْلِهِمْ إِنَّا قَتَلْنَا
الْمَسِيحَ عِيسَى ابْنَ مَرْيَمَ رَسُولَ اللّهِ وَمَا قَتَلُوهُ وَمَا صَلَبُوهُ وَلَـكِن شُبِّهَ
لَهُمْ وَإِنَّ الَّذِينَ اخْتَلَفُواْ
فِيهِ لَفِي شَكٍّ مِّنْهُ مَا لَهُم بِهِ مِنْ عِلْمٍ إِلاَّ اتِّبَاعَ الظَّنِّ
وَمَا قَتَلُوهُ يَقِيناً (157)
بَل رَّفَعَهُ اللّهُ إِلَيْهِ وَكَانَ اللّهُ عَزِيزاً حَكِيماً (158)♂ [سورة النساء], ويكفي أن يبدأ الكاهن كلامه
بعبارة: «بسم الآب, والابن, والرُّوح القُدُس, الإله الواحد, آمين», فبقوله
هذا يُعلن كُفره بـ «لا إله إلَّا الله», أدركتَ هذا أو لم تُدرك!, ويُعلن كُفره
وجحوده بكلّ آية قُرآنية نفى الله سُبحانه وتعالى فيها عن نفسه أن يكون له ولد, وأن
يكون هو والداً. كيف يرضى المُسلم أن يجلس في مجلسٍ
كهذا؟!, وأن تسمع أذناه كلاماً كهذا؟! إنَّا لله وإنَّا إليه راجعون, ولا حول ولا قوة إلَّا
بالله.
[68] الدّسقولية أو تعاليم
الرُّسُل, تعريب القُمُّص مرقس داود, مكتبة المحبَّة,
صـ101, 102.
[69] المسيحيون
لا يُحبُّون مُسمَّى «النَّصارى» رغم أنَّه موجود في كتاباتهم التُّراثية
العربية, والمُفترض أنَّها مأخوذة من لقب المسيح المعروف, وهو «النَّاصري», فهو
«النَّاصري», وأتباعه «النَّصارى». ونجد هذا اللَّقب في التَّرجمات
العربية المُختلفة لنصّ أعمال الرُّسُل
24/5, فبينما نجد في الفاندايك, أنُّه مكتوب عن بولس أنَّه «مِقْدَامَ شِيعَةِ النَّاصِرِيِّينَ», نجد في
التَّرجمات التالية: (الحياة, العربية المُشتركة, اليسوعية, الإنجيل الشريف), عبارة
«النَّصارى» بدلاً من «النَّاصريين». ونجد تعليقاً رائعاً في تفسير
«تادرس يعقوب ملطي» على نصّ إنجيل متَّى
2/23 «إِنَّهُ سَيُدْعَى نَاصِرِيّاً», يقول: [كلمة
«ناصرة»، منها اشتقّت «نصارى» لقب
المسيحيّين؛ وهي بالعبريّة
Natzar وتعني غصن، ومنها الكلمة العربيّة «ناضر»، وقد سمّيَ السيّد
المسيح في أكثر من نبوّة في العهد القديم بالغُصن].
فلا يجب على المسيحي بعد كلّ هذا أن هذا يرفض المُسمَّى
لمُجرَّد أنَّ القرآن الكريم استخدم هذا اللَّقب كمُسمَّى
لهم.
[70] طبعاً العِبارة عامَّة, والمُسلمون داخلون تحت مُسمَّى «غير المؤمنين» بالنِّسبة للمسيحيين
بكلّ تأكيد.
[71] «هلاك» لأنَّك تصبح مثلهم, و «غِواية» لأنَّك تسمع
منهم
الشِّرك والكُفر, أو ترى منهم من الأفعال المُخالفة لعقيدتك وشريعتك ما قد يؤثِّر
عليك سلباً. أخي الحبيب المُسلم, إذا كانت الشَّريعة الإسلامية تنهاك عن اتِّخاذ
صاحب السُّوء أو الجليس السُّوء وإن كان مُسلماً, فكيف تقبل أن يكون لك أصحاب
وجُلساء لا يؤمنون بالله عزَّ وجلَّ إيماناً صحيحاً سليماً؟! تذكَّر
قول الله عزَّ وجلَّ: ▬وَاصْبِرْ نَفْسَكَ مَعَ
الَّذِينَ يَدْعُونَ رَبَّهُم بِالْغَدَاةِ وَالْعَشِيِّ يُرِيدُونَ وَجْهَهُ وَلَا
تَعْدُ عَيْنَاكَ عَنْهُمْ تُرِيدُ زِينَةَ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَلَا تُطِعْ
مَنْ أَغْفَلْنَا قَلْبَهُ عَن ذِكْرِنَا وَاتَّبَعَ هَوَاهُ وَكَانَ أَمْرُهُ
فُرُطاً♂ [الكهف : 28]
[72] تذكَّر مرَّة أُخرى قول الله عزَّ وجلَّ: ▬وَقَدْ نَزَّلَ عَلَيْكُمْ فِي الْكِتَابِ أَنْ إِذَا
سَمِعْتُمْ آيَاتِ اللّهِ يُكَفَرُ بِهَا وَيُسْتَهْزَأُ بِهَا فَلاَ تَقْعُدُواْ
مَعَهُمْ حَتَّى يَخُوضُواْ فِي حَدِيثٍ غَيْرِهِ إِنَّكُمْ إِذاً مِّثْلُهُمْ إِنَّ اللّهَ جَامِعُ
الْمُنَافِقِينَ وَالْكَافِرِينَ فِي جَهَنَّمَ جَمِيعاً♂ [النساء :
140].
[73] المُسلمون داخلون تحت مُسمَّى «جميع
المُخالفين» قطعاً ولا شكَّ.
[74] تأمَّل أخي الكريم عبارة «إذا اختلطنا
معهم». هذا العِبارة تشمل معاني كثيرة من ضمنها
مُجرَّد التَّواجد معهم في مكان هُم يحتفلون فيه بعيدهم الدِّيني. وعِلَّة عدم جواز الاختلاط هي مُمارستهم لطُقُوس كُفرية
وشِرْكية مُعيَّنة أثناء احتفالهم بعيدهم الدِّيني. فالمكان الذي يحتفلون فيه بعيدهم هو مكان يُعصى فيه الله عزَّ
وجلَّ, ولا يجوز لمؤمنٍ أن يتواجد في مكان كهذا, فإنَّه بتواجده معهم, وعَدَم
إنكاره عليهم, فإنَّه إذاً مثلهم. كلّ مُسلم يجب عليه أن يفهم أنَّ اعتقاد المسيحي
في الله عزَّ وجلَّ مليء بالكُفر والشِّرك, وأنَّ الأعياد الدِّينية المسيحية مبنية
على هذه الاعتقادات الكُفرية والشِّركية, وأنَّ المؤمن يجب أن يكون حزيناً عندما
يرى أيّ شخص مسيحي يحتفل بما هو مبني على الكُفر والشِّرك. كيف يجد المُسلم في قلبه مساحة خالية من حبّ الله عزَّ وجلَّ
فيقول للمسيحي في أعياده الدِّينية: «كلّ عام وأنت بخير»؟ أين الخير الذي كان فيه المسيحي من يوم أن تعمَّد وأصبح
مسيحياً؟ قُل له: «كلّ عام, بل كلّ يوم, بل كلّ ساعة وأنا أتمنى لك الخير بأن
تترك الكفر والشِّرك وتعود إلى الله, تائباً, وتشهد بحقّ وبصدق, أن لا إله إلا
الله, وأن محمداً رسول الله, وأن المسيح عيسى ابن مريم عبد الله ورسوله», وقتها
فقط سيكون بخير, وحينئذ فقط تستطيع أن تقول له: «كلّ عام وأنت بخير», لأنَّ
الإسلام والإيمان هو الخير, ولا خير إلَّا في توحيد الله تبارك وتعالى. تذكَّر كلّ
الآيات القُرآنية التي يتوعَّد اللهُ عزَّ وجلَّ فيها أهل الكُفر والشِّرك بالعذاب
الأليم, ستُدرك وقتها أنَّ المسيحي ليس بخير, حينئذٍ قُم بواجبك الدَّعوي تجاهه,
وبيِّن له ما هو عليه من الكُفر والشِّرْك ولكن بالحِكمة والموعظة الحسنة. نتمنَّى أن تكون هذه المُناسبات الدِّينية المسيحية مواسم دعوة
لهم للإسلام, ولكن للأسف الشَّديد ننشغل عن هذا لنُبيِّن للمُسلمين عدم جواز تهنئة
المسيحيين في أعيادهم!
الله
المُستعان, ولا حول ولا قوّة إلَّا بالله.
[75] نتعجَّب أشدّ العجب من المُسلم الذي يدخل
الكنيسة, خُصُوصاً في أوقات أعيادهم الدِّينية, ويحضر القُدَّاس بالكامل! تذكَّر
قول الله عزَّ وجلَّ في كتابه الكريم: ▬وَالَّذِينَ لَا يَشْهَدُونَ الزُّورَ وَإِذَا مَرُّوا
بِاللَّغْوِ مَرُّوا كِرَاماً♂ [الفرقان :
72]
[76] الدّسقولية أو تعاليم
الرُّسُل, تعريب القُمُّص مرقس داود, مكتبة المحبَّة,
صـ103, 104.
[77] أي أن يكون محروماً كنسياً, ويُحرم من
وظيفته الكهنوتية. والمقصود من الحرم الكنسي حرمانه من أن يكون ضِمن جماعة
المؤمنين, فالحرم الكنسي بمثابة إعلان كُفر الشخص المحروم, فهو محروم من كل نِعَم
وبركات الكنيسة, بما في ذلك الخلاص ودُخُول الملكوت. وهكذا, فمصيره الأبدي في
جهنَّم!
[78] من المُفترض أنَّ هذا يعني أن لا يقبل
المسيحي من المُسلم لحم الأضحية في عيد الأضحى.
[79] أيضاً بمعنى أن يكون محروماً
كنسياً.
[80] حنانيا إلياس كسَّاب: مجموعة الشَّرع الكنسي, منشورات
النُّور ببيروت, طبعة ثانية, صـ866. منقول من المراجع التالية: (الرسل7 و65 و71،
السادس11، اللاذقية 29 و37 و38، قرطاجة61 و81 و117).
[81] القُمُّص كيرلُّس الأنطوني: عَصْر المجامع، مكتبة المحبَّة,
صـ10.
[82] نتعجَّب من المُسلمين الذين يدخلون الكنائس, ويُشعلون الشُّمُوع أمام الأيقونات! الله
المُستعان.
[83] حنانيا إلياس كسَّاب: مجموعة الشَّرع الكنسي, منشورات
النُّور ببيروت, طبعة ثانية, صـ866. منقول من المراجع التالية: (الرسل7 و65 و71،
السادس11، اللاذقية 29 و37 و38، قرطاجة59 و82 و123).
[84] لمن لا يعرف, فإنَّ بولس هو أهمّ شخصية مسيحية على الإطلاق إن لم
يكُن أهمّ عند المسيحيين من المسيح ♠ نفسه! كان مُعاصراً
للمسيح ♠ أثناء حياته على الأرض, ولكنَّه لم يرَ المسيح ♠ قطّ. بعد رفع المسيح ♠
إلى السَّماء, بدأ بولس في شنّ حرب عنيفة جداً ضدّ دين المسيح ♠ وأتباعه, فقد كان
يلعب دور «أمن الدَّولة» آن ذاك. ثمَّ ادَّعى بولس أنَّ المسيح ♠ ظهر له على
هيئة نور كالبرق, وأنَّه كلَّمه وبلَّغه أنَّه قد اختاره كرسول له ليُبلِّغ تعاليمه
إلى كلّ العالم. ومن الجدير بالذِّكر أنَّ أبسط مُقارنة بين التَّعاليم المنسوبة
للمسيح ♠ في الأناجيل الأربعة, وبين ما علَّمه بولس في رسائله الموجودة في الكتاب
المُقدَّس, سيُبيِّن أن بولس هو الذي بدَّل دين المسيح ♠. فإنَّ بولس هو الذي ربط
بين الصَّلب المزعوم للمسيح ♠, وبين دُخُولنا الجنَّة عن طريق إيماننا بصلبه,
وموته, وقيامته من بين الأموات, وهذه هي عقيدة الصَّلب والفداء عند
المسيحيين.
للمزيد
من المُعلومات عن بولس وتبديله لدين المسيح ♠ راجع السَّلاسل العِلْمية
التالية:
·
المدخل
إلى العهد الجديد
http://alta3b.wordpress.com/blog/lect/intro-nt
·
مدخلٌ
إلى المسيحية وقراءة في الأناجيل والأعمال ورسائل بولس
http://alta3b.wordpress.com/blog/lect/alkholafaa
[85] هذه
مسألة في غاية الأهمية. الكثير من المُسلمين يعتقدون أنَّ
أهمّ شيء في الحياة هو التَّعامل والتَّعايش, ولكن هذا غير صحيح. أهمّ شيء في الحياة هو سبب وجودك في الحياة, ألَا وهو أن تعبد
الله عزَّ وجلَّ ولا تُشرك به شيئاً. ويجب على كلّ مُسلم
أن يفهم أن مُعاملة النَّاس وفق الشَّريعة الإسلامية داخل ضمن عبادتك لله عزَّ
وجلَّ. قال الله عزَّ وجلَّ في كتابه الكريم: ▬وَمَا خَلَقْتُ الْجِنَّ وَالْإِنسَ إِلَّا لِيَعْبُدُونِ
(56) مَا أُرِيدُ مِنْهُم مِّن رِّزْقٍ
وَمَا أُرِيدُ أَن يُطْعِمُونِ (57) إِنَّ اللَّهَ هُوَ الرَّزَّاقُ ذُو الْقُوَّةِ الْمَتِينُ
(85)♂ [سورة الذّاريات].
قال
شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله في تعريفه للعبادة: [الْعِبَادَة
هِيَ اسْم جَامع لكل مَا يُحِبهُ الله ويرضاه من الْأَقْوَال والأعمال الْبَاطِنَة
وَالظَّاهِرَة. فَالصَّلَاة وَالزَّكَاة وَالصِّيَام
وَالْحج وَصدق الحَدِيث وَأَدَاء الْأَمَانَة وبرّ الْوَالِدين وصلَة الْأَرْحَام
وَالْوَفَاء بالعُهُود وَالْأَمر بِالْمَعْرُوفِ وَالنَّهْي عَن الْمُنكر
وَالْجهَاد للْكفَّار وَالْمُنَافِقِينَ وَالْإِحْسَان للْجَار واليتيم والمسكين
وَابْن السَّبِيل والمملوك من الْآدَمِيّين والبهائم وَالدُّعَاء وَالذكر
وَالْقِرَاءَة وأمثال ذَلِك من الْعِبَادَة. وَكَذَلِكَ
حب الله وَرَسُوله وخشية الله والإنابة إِلَيْهِ وإخلاص الدَّين لَهُ وَالصَّبْر
لحكمه وَالشُّكْر لنعمه وَالرِّضَا بِقَضَائِهِ والتوكل عَلَيْهِ والرجاء
لِرَحْمَتِهِ وَالْخَوْف من عَذَابه وأمثال ذَلِك هِيَ من الْعِبَادَة لله. وَذَلِكَ أَن الْعِبَادَة لله هِيَ الْغَايَة المحبوبة لَهُ
والمرضية لَهُ الَّتِي خَلق الْخلق لَهَا كَمَا قَالَ الله تَعَالَى:
▬وَمَا
خلقت الْجِنّ وَالْإِنْس إِلَّا لِيَعْبُدُونِ♂.]
(تقي الدين أبو العباس أحمد بن تيمية (ت728هـ): العُبُودية, المكتب الإسلامي
ببيروت, الطَّبعة السابعة المجددة, صـ44).
وأهمّ
عِبادة عند الله عزَّ وجلَّ أن يؤمن الإنسان بأركان الإيمان التي أوجب اللهُ على
عباده الإيمان بها. فمن آمن إيماناً صحيحاً سليماً صافياً
من كلّ شِرْك وكُفر؛ تقبَّل اللهُ عزَّ وجلَّ منه سائر الأعمال. ومن اعتقد بخلاف ما أنزل الله من الإيمان الواجب, لم يقبل اللهُ
منه صرفاً ولا عدلاً. تأمَّل قول الله عزَّ وجلَّ في كتابه الكريم: ▬قُلْ هَلْ نُنَبِّئُكُمْ بِالْأَخْسَرِينَ أَعْمَالاً
(103) الَّذِينَ ضَلَّ سَعْيُهُمْ فِي
الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَهُمْ يَحْسَبُونَ أَنَّهُمْ يُحْسِنُونَ صُنْعاً
(104) أُولَئِكَ الَّذِينَ كَفَرُوا
بِآيَاتِ رَبِّهِمْ وَلِقَائِهِ فَحَبِطَتْ أَعْمَالُهُمْ فَلَا نُقِيمُ لَهُمْ
يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَزْناً (105) ذَلِكَ جَزَاؤُهُمْ جَهَنَّمُ بِمَا كَفَرُوا وَاتَّخَذُوا
آيَاتِي وَرُسُلِي هُزُواً (106) إِنَّ
الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ كَانَتْ لَهُمْ جَنَّاتُ الْفِرْدَوْسِ
نُزُلاً (107) خَالِدِينَ فِيهَا لَا يَبْغُونَ عَنْهَا حِوَلاً (108)♂
[سورة الكهف]
وتأمَّل
أيضاً قول الله عزَّ وجلَّ لكُفّار قُريش الذين ظنُّوا أنَّ أعمالهم الحسنة مقبولة
عند الله عزَّ وجلَّ مع إيمانهم الباطل: ▬مَا
كَانَ لِلْمُشْرِكِينَ أَن يَعْمُرُواْ مَسَاجِدَ الله شَاهِدِينَ عَلَى
أَنفُسِهِمْ بِالْكُفْرِ أُوْلَئِكَ حَبِطَتْ أَعْمَالُهُمْ وَفِي النَّارِ هُمْ
خَالِدُونَ (17) إِنَّمَا يَعْمُرُ مَسَاجِدَ اللّهِ مَنْ آمَنَ بِاللّهِ
وَالْيَوْمِ الآخِرِ وَأَقَامَ الصَّلاَةَ وَآتَى الزَّكَاةَ وَلَمْ يَخْشَ إِلاَّ
اللّهَ فَعَسَى أُوْلَـئِكَ أَن يَكُونُواْ مِنَ الْمُهْتَدِينَ (18) أَجَعَلْتُمْ
سِقَايَةَ الْحَاجِّ وَعِمَارَةَ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ كَمَنْ آمَنَ بِاللّهِ
وَالْيَوْمِ الآخِرِ وَجَاهَدَ فِي سَبِيلِ اللّهِ لاَ يَسْتَوُونَ عِندَ اللّهِ
وَاللّهُ لاَ يَهْدِي الْقَوْمَ الظَّالِمِينَ (19)♂ [سورة التوبة]
[86] قال الله عزَّ وجلَّ في كتابه الكريم: ▬فَاعْلَمْ أَنَّهُ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ♂
[محمد : 19], فالمؤمن
الحقيقي هو الذي يعلم المعاني المُتضمَّنة في عبارة «لا إله إلَّا الله»,
وعندما يعرف هذه المعاني, وتستقر في قلبه, فيكون موقناً بها, يستطيع أن يُعلن ذلك
بلسانه, ويشهد بما في قلبه, وتظهر هذه الشَّهادة على جوارحه وأركانه. فالإيمان الحقيقي الصادق, مبنيّ على عِلْم يقيني مأخوذ من
المصادر الشَّرعية الصَّحيحة: القرآن الكريم والسُّنَّة النَّبوية الشَّريفة.
تأمَّل أيضاً قول الله عزَّ وجلَّ: ▬إِنَّمَا يَخْشَى اللَّهَ مِنْ عِبَادِهِ
الْعُلَمَاءُ♂ [فاطر : 28], قال
الإمام محمد الشنقيطي رحمه الله: [وَمَعْلُومٌ أَنَّ الْأَنْبِيَاءَ - صَلَوَاتُ اللَّهِ
وَسَلَامُهُ عَلَيْهِمْ هُمْ وَأَصْحَابُهُ - هُمْ أَعْلَمُ النَّاسِ بِاللَّهِ،
وَأَعْرُفُهُمْ بِحُقُوقِهِ وَصِفَاتِهِ وَمَا يَسْتَحِقُّ مِنَ التَّعْظِيمِ،
وَكَانُوا مَعَ ذَلِكَ أَكْثَرَ النَّاسِ عِبَادَةً لِلَّهِ - جَلَّ وَعَلَا -،
وَأَشَدَّهُمْ خَوْفًا مِنْهُ وَطَمَعًا فِي رَحْمَتِهِ.] (محمد
الأمين الشنقيطي (ت1393هـ): أضواء البيان في إيضاح القرآن بالقرآن, دار الفكر ببيروت, المُجلَّد الثاني,
صـ325).
وهكذا
قال رسول الله ☺: «أَمَا وَاللهِ، إِنِّي
لَأَتْقَاكُمْ لِلَّهِ، وَأَخْشَاكُمْ لَهُ» (صحيح مُسلم 1108),
وقال أيضاً ☺ في رواية أُخرى: «وَاللهِ، إِنِّي
لَأَعْلَمُكُمْ بِاللهِ عَزَّ وَجَلَّ، وَأَخْشَاكُمْ لَهُ» (مُسند
أحمد 24912, إسناده صحيح على شرط مُسلم). إذن,
الإيمان يُبنى على العِلْم, والعِلْم الصَّحيح السَّليم لا يكون كذلك إلَّا إذا
أخذناه من المصادر الصَّحيحة, بالفَهْم الصَّحيح السَّليم لهذه المصادر. المصدر لا يكون صحيحاً إلَّا إذا كان من الله عزَّ وجلَّ, فلا
يوجد من يعلم عن الله أكثر من الله عزَّ وجلَّ. قال تعالى: ▬قُلْ أَأَنتُمْ أَعْلَمُ أَمِ اللّهُ♂ [البقرة : 140],
وقال تعالى: ▬وَمَنْ أَصْدَقُ مِنَ اللّهِ حَدِيثاً♂ [النساء
: 87], وقال تعالى: ▬وَمَنْ أَصْدَقُ مِنَ اللّهِ
قِيلاً♂ [النساء : 122]. فالمصدر الأول الذي منه نعرف عن الله عزَّ وجلَّ هو القرآن
الكريم الذي هو كلام الله عزَّ وجلَّ. المصدر الثاني هو
أعلم الناس بالله عزَّ وجلَّ, النبي محمد ☺, لأنَّ النبي محمد ☺ لا يتكلَّم من
نفسه, بل قال عنه الله عزَّ وجلَّ في كتابه الكريم: ▬وَمَا يَنطِقُ عَنِ الْهَوَى (3) إِنْ هُوَ
إِلَّا وَحْيٌ يُوحَى (4) عَلَّمَهُ شَدِيدُ الْقُوَى (5)♂ [سورة النَّجم].
إذن,
المصدر الأوَّل هو القرآن الكريم, والمصدر الثاني هو كلّ ما صحَّ عن النبي محمد ☺,
ولكن كيف نفهم هذين المصدرين؟ نفهمهما كما فهمهما كلّ من
أثنى عليه وزكاه اللهُ عزَّ وجلَّ, ورسولُهُ محمد ☺, أعني: الصَّحابة ╚. فقد زكَّى
الله إيمانهم فقال: ▬فَإِنْ آمَنُواْ بِمِثْلِ مَا
آمَنتُم بِهِ فَقَدِ اهْتَدَواْ وَّإِن تَوَلَّوْاْ فَإِنَّمَا هُمْ فِي شِقَاقٍ
فَسَيَكْفِيكَهُمُ اللّهُ وَهُوَ السَّمِيعُ الْعَلِيمُ♂ [البقرة :
137], فإيمانهم هو الإيمان الصَّحيح, وإيمان الصَّحابة هو الهُدى. تأمَّل جيداً,
فإنَّ الله عزَّ وجلَّ لم يقل: «فإن آمنوا بمثل ما آمنتَ به», بل قال:
▬بِمِثْلِ مَا آمَنتُم بِهِ♂, بصيغة
الجمع, وليس المُفرد, وهذه إشارة لصحابة النَّبي ☺. وقد زكَّى الله الصَّحابة ╚
وبشَّرهم بالجنَّة في قوله تعالى: ▬وَالسَّابِقُونَ الأَوَّلُونَ مِنَ الْمُهَاجِرِينَ
وَالأَنصَارِ وَالَّذِينَ اتَّبَعُوهُم بِإِحْسَانٍ رَّضِيَ اللّهُ عَنْهُمْ
وَرَضُواْ عَنْهُ وَأَعَدَّ لَهُمْ جَنَّاتٍ تَجْرِي تَحْتَهَا الأَنْهَارُ
خَالِدِينَ فِيهَا أَبَداً ذَلِكَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ♂ [التوبة :
100], فإذا أردنا أن نكون مثلهم, فعلينا أن نتَّبعهم بإحسان, لنحصل على رِضَى الله
مثلهم, ولكي نكون رُفقائهم في الجنَّة.
ملحوظة
في غاية الأهمية:
الإيمان لا يكون صحيحاً ولا سليماً إلَّا إذا كان مُوافقاً لما قاله الله عزَّ
وجلَّ في كتابه, أو مُوافقاً لما قاله رسول الله ☺ فيما صحَّ عنه من سُنَّته, وأيّ
إيمان مُخالف لما جاء عن الله عزَّ وجلَّ, وعن رسوله ☺ فهو كُفر. ونحن كمُسلمين
نؤمن إيمانا يقيناً أنَّ إيمان المسيحيين بالله عزَّ وجلَّ مليء بالكُفر والشِّرك,
وأنَّ إيمانهم مُخالف لصريح القُرآن الكريم, ومُخالف لما قاله رسول الله ☺. بل إنَّ الله عزَّ وجلَّ ذكر كفرهم في كتابه, وتكلَّم النبي ☺
أيضاً عن اعتقاداتهم الباطلة, وبيَّن كفرهم. ولمن لا يعلم, فكلمة «كُفر» أو
«كافر» ليست مَسَبَّة أو شتيمة, وإنَّما كلّ من لم يؤمن بشيءٍ فهو كافرٌ به,
وهذا ما نجده في معاجم اللُّغة, ففي تاج العروس: [الكُفْرُ ، بالضَّمِّ : ضِدُّ الإيمان (...) قال بعض أهل
العِلْم: الكُفْر على أَربعةِ أَنحاءٍ: كُفْرُ إنكارٍ، بأَن لا يعرفَ اللهَ أَصلاً
ولا يعترف به، وكُفرُ جُحود، وكُفر مُعانَدَة، وكُفرُ نفاق، من لقيَ ربَّهُ بشيءٍ
من ذلك لم يَغْفِرْ له، ويغفِرُ ما دونَ ذلكَ لِمَنْ يشاءُ.] (محمد
مُرتضى الحُسَيْني: تاج العروس من جواهر القاموس,
دار التراث العربي بالكويت, الجزء الرابع عشر - صـ50).
هذه
من النّاحية اللُّغوية. ومن الناحية الشَّرعية, قال العلَّامة السَّعدي رحمه
الله ببساطة: [وحقيقة الكفر: هو الجُحُود بما
جاء به الرسول ☺، أو جحد بعضه، فهؤلاء الكُفّار لا تُفيدهم الدَّعوة إلَّا إقامة الحُجَّة، وكأنَّ في هذا قطعاً
لطمع الرسول ☺ في إيمانهم، وأنَّك لا تأس عليهم، ولا تذهب نفسك عليهم
حسرات.] (عبد الرحمن ناصر السعدي: تيسير الكريم الرحمن في تفسير
كلام المنان, مؤسسة الرسالة ببيروت, صـ42), وهذا ما نجده في «المُعجم
الوسيط»: [(كَفَرَ) الرجُلُ - كُفْراً,
وكُفْرَاناً: لم يؤمن بالوحدانية, أو النبوة, أو الشريعة, أو
بثلاثتها.] (المُعجم الوسيط, مكتبة
الشروق الدَّولية, الطَّبعة الرابعة, صـ791.).
[87] العبادات
في الإسلام توقيفية, بمعنى أنَّنا لا نعبد الله عزَّ وجلَّ إلَّا بما شرع وأمر,
إمَّا في كتابه, أو على لسان نبيه ☺. قال الله عزَّ وجلَّ في كتابه الكريم:
▬قُلْ إِن كُنتُمْ تُحِبُّونَ اللّهَ فَاتَّبِعُونِي
يُحْبِبْكُمُ اللّهُ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ وَاللّهُ غَفُورٌ
رَّحِيمٌ♂ [آل عمران : 31], وقال تعالى: ▬لَقَدْ كَانَ لَكُمْ فِي رَسُولِ اللَّهِ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ
لِّمَن كَانَ يَرْجُو اللَّهَ وَالْيَوْمَ الْآخِرَ وَذَكَرَ اللَّهَ
كَثِيراً♂ [الأحزاب : 21]
قال رسول الله ☺: «مَنْ أَحْدَثَ فِي أَمْرِنَا
هَذَا مَا لَيْسَ فِيهِ، فَهُوَ رَدٌّ» (صحيح البُخاري 2697). وأيضاً في رواية أُخرى: «مَنْ
عَمِلَ عَمَلًا لَيْسَ عَلَيْهِ أَمْرُنَا فَهُوَ رَدٌّ» (صحيح مُسلم
1718). فلا يُعبد الله إلَّا بما
شرع.
وقد
وبَّخ اللهُ عزَّ وجلَّ اليهود والنَّصارى لأنَّهم اتَّبعوا آباءهم تاركين شرع الله
عزَّ وجلَّ. قال تعالى: ▬وَإِذَا قِيلَ لَهُمُ
اتَّبِعُوا مَا أَنزَلَ اللّهُ قَالُواْ بَلْ نَتَّبِعُ مَا أَلْفَيْنَا عَلَيْهِ
آبَاءنَا أَوَلَوْ كَانَ آبَاؤُهُمْ لاَ يَعْقِلُونَ شَيْئاً وَلاَ
يَهْتَدُونَ♂ [البقرة : 170], وقال تعالى: ▬وَإِذَا قِيلَ لَهُمْ تَعَالَوْاْ إِلَى مَا أَنزَلَ اللّهُ
وَإِلَى الرَّسُولِ قَالُواْ حَسْبُنَا مَا وَجَدْنَا عَلَيْهِ آبَاءنَا أَوَلَوْ
كَانَ آبَاؤُهُمْ لاَ يَعْلَمُونَ شَيْئاً وَلاَ يَهْتَدُونَ♂ [المائدة
: 104], وقال
تعالى: ▬وَإِذَا قِيلَ لَهُمُ اتَّبِعُوا مَا
أَنزَلَ اللَّهُ قَالُوا بَلْ نَتَّبِعُ مَا وَجَدْنَا عَلَيْهِ آبَاءنَا أَوَلَوْ
كَانَ الشَّيْطَانُ يَدْعُوهُمْ إِلَى عَذَابِ السَّعِيرِ♂ [لقمان :
21],
وقال تعالى: ▬مَّا لَهُم بِهِ مِنْ عِلْمٍ وَلَا لِآبَائِهِمْ كَبُرَتْ
كَلِمَةً تَخْرُجُ مِنْ أَفْوَاهِهِمْ إِن يَقُولُونَ إِلَّا كَذِباً♂
[الكهف : 5], وقال تعالى: ▬اتَّخَذُواْ
أَحْبَارَهُمْ وَرُهْبَانَهُمْ أَرْبَاباً مِّن دُونِ اللّهِ وَالْمَسِيحَ ابْنَ
مَرْيَمَ وَمَا أُمِرُواْ إِلاَّ لِيَعْبُدُواْ إِلَـهاً وَاحِداً لاَّ إِلَـهَ
إِلاَّ هُوَ سُبْحَانَهُ عَمَّا يُشْرِكُونَ♂ [التوبة : 31], وقال
تعالى: ▬إِنَّهُمْ أَلْفَوْا آبَاءهُمْ
ضَالِّينَ (69) فَهُمْ عَلَى آثَارِهِمْ يُهْرَعُونَ (70) وَلَقَدْ
ضَلَّ قَبْلَهُمْ أَكْثَرُ الْأَوَّلِينَ
(71) وَلَقَدْ أَرْسَلْنَا فِيهِم
مُّنذِرِينَ (72) فَانظُرْ كَيْفَ كَانَ عَاقِبَةُ
الْمُنذَرِينَ (73)♂ [سورة
الصافات]
أيضاً
نجد في العهد الجديد ما يُشير إلى أنَّ اليهود كانوا يعبدون الله باطلاً, لأنَّهم
عبدوا الله وفق تعاليم بشرية, وليس كما أراد الله عزَّ وجلَّ منهم, فنجد في
إنجيل متَّى 15/1-9 (1 حِينَئِذٍ جَاءَ إِلَى يَسُوعَ كَتَبَةٌ وَفَرِّيسِيُّونَ
الَّذِينَ مِنْ أُورُشَلِيمَ قَائِلِينَ: 2 «لِمَاذَا
يَتَعَدَّى تَلاَمِيذُكَ تَقْلِيدَ الشُّيُوخِ فَإِنَّهُمْ لاَ يَغْسِلُونَ
أَيْدِيَهُمْ حِينَمَا يَأْكُلُونَ خُبْزاً؟» 3
فَأَجَابَ: «وَأَنْتُمْ أَيْضاً لِمَاذَا
تَتَعَدَّوْنَ وَصِيَّةَ اللَّهِ بِسَبَبِ
تَقْلِيدِكُمْ؟ 4 فَإِنَّ اللَّهَ أَوْصَى قَائِلاً: أَكْرِمْ أَبَاكَ وَأُمَّكَ
وَمَنْ يَشْتِمْ أَباً أَوْ أُمّاً فَلْيَمُتْ مَوْتاً. 5 وَأَمَّا أَنْتُمْ فَتَقُولُونَ: مَنْ قَالَ لأَبِيهِ أَوْ
أُمِّهِ: قُرْبَانٌ هُوَ الَّذِي تَنْتَفِعُ بِهِ مِنِّي. فَلاَ يُكْرِمُ أَبَاهُ أَوْ أُمَّهُ. 6
فَقَدْ أَبْطَلْتُمْ وَصِيَّةَ اللَّهِ بِسَبَبِ
تَقْلِيدِكُمْ! 7 يَا
مُرَاؤُونَ! حَسَناً تَنَبَّأَ عَنْكُمْ إِشَعْيَاءُ
قَائِلاً: 8 يَقْتَرِبُ إِلَيَّ هَذَا الشَّعْبُ بِفَمِهِ
وَيُكْرِمُنِي بِشَفَتَيْهِ وَأَمَّا قَلْبُهُ فَمُبْتَعِدٌ عَنِّي بَعِيداً.
9 وَبَاطِلاً
يَعْبُدُونَنِي وَهُمْ يُعَلِّمُونَ تَعَالِيمَ هِيَ
وَصَايَا النَّاسِ».) ولكنَّ في النِّهاية اليهود مُستمرُّون في
اتِّباع تقاليد حاخاماتهم, والنَّصارى تركوا تعاليم المسيح ♠ واتَّبعوا أحبارهم
ورهبانهم!
[88] المُفترض أنَّ هذا أمر بديهي جداً, ألَا
وهو أن يقول المُسلم إنَّه هو الوحيد الذي على حقّ, وأنَّ دينه هو الوحيد الصَّحيح,
وأنَّ ما عداه على الباطل. كلّ الأديان تقول بهذا أصلاً!
ومن المعروف أنَّ المسيحية تقول إنَّ إيمانها وطُقُوسها هما الوسيلة الوحيدة
للحُصُول على الخلاص, ودُخُول ملكوت السَّموات. ولكن قبل
أن نتكلَّم في المسيحية, دعونا نقرأ الآيات القرآنية التي تقول بأنَّ الإسلام هو
الدِّين الوحيد الصَّحيح المقبول عند الله عزَّ وجلَّ:
قال
تعالى: ▬وَإِذْ أَخَذَ اللّهُ مِيثَاقَ
النَّبِيِّيْنَ لَمَا آتَيْتُكُم مِّن كِتَابٍ وَحِكْمَةٍ ثُمَّ جَاءكُمْ رَسُولٌ
مُّصَدِّقٌ لِّمَا مَعَكُمْ لَتُؤْمِنُنَّ بِهِ وَلَتَنصُرُنَّهُ قَالَ أَأَقْرَرْتُمْ وَأَخَذْتُمْ عَلَى ذَلِكُمْ إِصْرِي قَالُواْ
أَقْرَرْنَا قَالَ فَاشْهَدُواْ وَأَنَاْ مَعَكُم مِّنَ الشَّاهِدِينَ
(81) فَمَن تَوَلَّى بَعْدَ ذَلِكَ
فَأُوْلَـئِكَ هُمُ الْفَاسِقُونَ (82) أَفَغَيْرَ دِينِ اللّهِ يَبْغُونَ وَلَهُ أَسْلَمَ مَن فِي
السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ طَوْعاً وَكَرْهاً وَإِلَيْهِ يُرْجَعُونَ
(83) قُلْ آمَنَّا بِاللّهِ وَمَا
أُنزِلَ عَلَيْنَا وَمَا أُنزِلَ عَلَى إِبْرَاهِيمَ وَإِسْمَاعِيلَ وَإِسْحَاقَ
وَيَعْقُوبَ وَالأَسْبَاطِ وَمَا أُوتِيَ مُوسَى وَعِيسَى وَالنَّبِيُّونَ مِن
رَّبِّهِمْ لاَ نُفَرِّقُ بَيْنَ أَحَدٍ مِّنْهُمْ وَنَحْنُ لَهُ مُسْلِمُونَ
(84) وَمَن يَبْتَغِ غَيْرَ
الإِسْلاَمِ دِيناً فَلَن يُقْبَلَ مِنْهُ وَهُوَ فِي الآخِرَةِ مِنَ الْخَاسِرِينَ
(85)♂ [سورة آل عمران] هذه الآيات البيِّنات تُوضِّح أنَّ من يتولَّ عن
الإيمان بسيدنا محمد ☺ فهو من الفاسقين, وأنَّه بهذا قد ابتغى ديناً آخر, غير دين
الله عزَّ وجلَّ, الذي هو الإسلام, وأنَّ كل الأنبياء من نسل إبراهيم ♠ كانوا
مُسلمين, وأنَّ أي شخص يأتي يوم القيامة وقد مات على دينٍ آخر غير دين الإسلام, فلن
يُقبل منه هذا الدِّين, فإنَّ الإسلام هو الدِّين الوحيد المقبول عند الله يوم
القيامة, المُسلم من الفائزين, وغير المُسلم من الخاسرين.
قال
تعالى: ▬وَقَالُواْ لَن يَدْخُلَ الْجَنَّةَ
إِلاَّ مَن كَانَ هُوداً أَوْ نَصَارَى تِلْكَ
أَمَانِيُّهُمْ قُلْ هَاتُواْ
بُرْهَانَكُمْ إِن كُنتُمْ صَادِقِينَ (111) بَلَى مَنْ أَسْلَمَ وَجْهَهُ لِلّهِ وَهُوَ مُحْسِنٌ فَلَهُ
أَجْرُهُ عِندَ رَبِّهِ وَلاَ خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلاَ هُمْ
يَحْزَنُونَ (112)♂ [سورة
البقرة] وهذه إشارة إلى أنَّ اليهودية والنَّصرانية باطلة, وأنَّ الإسلام هو
الحقّ.
قال
تعالى: ▬وَلَن تَرْضَى عَنكَ الْيَهُودُ وَلاَ
النَّصَارَى حَتَّى تَتَّبِعَ مِلَّتَهُمْ قُلْ
إِنَّ هُدَى اللّهِ هُوَ الْهُدَى وَلَئِنِ اتَّبَعْتَ أَهْوَاءهُم بَعْدَ الَّذِي
جَاءكَ مِنَ الْعِلْمِ مَا لَكَ مِنَ
اللّهِ مِن وَلِيٍّ وَلاَ نَصِيرٍ
(120) الَّذِينَ آتَيْنَاهُمُ الْكِتَابَ
يَتْلُونَهُ حَقَّ تِلاَوَتِهِ أُوْلَـئِكَ يُؤْمِنُونَ بِهِ وَمن يَكْفُرْ بِهِ فَأُوْلَـئِكَ هُمُ
الْخَاسِرُونَ (121)♂ [سورة
البقرة]
هُنا
يتَّضح أنَّ هُدى الله هو ما جاء به محمد ☺, وأنَّ اليهودية والنَّصرانية مُجرَّد
اتِّباع أهواء, وأنَّ الذي يرفض رسالة محمد ☺ فهو من الكافرين
الخاسرين.
قال
تعالى: ▬وَقَالُواْ كُونُواْ هُوداً أَوْ نَصَارَى
تَهْتَدُواْ قُلْ بَلْ مِلَّةَ إِبْرَاهِيمَ
حَنِيفاً وَمَا كَانَ مِنَ الْمُشْرِكِينَ
(135) قُولُواْ آمَنَّا بِاللّهِ وَمَا
أُنزِلَ إِلَيْنَا وَمَا أُنزِلَ إِلَى إِبْرَاهِيمَ وَإِسْمَاعِيلَ وَإِسْحَاقَ
وَيَعْقُوبَ وَالأسْبَاطِ وَمَا أُوتِيَ مُوسَى وَعِيسَى وَمَا أُوتِيَ
النَّبِيُّونَ مِن رَّبِّهِمْ لاَ نُفَرِّقُ بَيْنَ أَحَدٍ مِّنْهُمْ
وَنَحْنُ لَهُ مُسْلِمُونَ (136) فَإِنْ
آمَنُواْ بِمِثْلِ مَا آمَنتُم بِهِ فَقَدِ اهْتَدَواْ وَّإِن تَوَلَّوْاْ فَإِنَّمَا هُمْ فِي شِقَاقٍ
فَسَيَكْفِيكَهُمُ اللّهُ وَهُوَ السَّمِيعُ الْعَلِيمُ (137)♂ [سورة
البقرة]
نحن
أتباع إبراهيم ♠ الذي كان مُسلماً, ولم يكُن يهودياً ولا نصرانياً, وقوله تعالى:
▬وَمَا كَانَ مِنَ الْمُشْرِكِينَ♂
دليلٌ على أنَّ اليهود والنَّصارى مُشركون, لأنَّ إبراهيم ♠ السَّلام لم يكن على ما
كان عليه اليهود والنَّصارى, فما تمَّ نفيه عن إبراهيم ♠, تمَّ إثباته لليهود
والنَّصارى بشكل غير مُباشر. ثمَّ أنَّ جميع الأنبياء من
نسل إبراهيم ♠ كانوا أيضاً مُسلمين, وأنَّ من آمن بالإسلام أصبح من
المُهتدين.
قال
تعالى: ▬قُلْ يَا أَهْلَ الْكِتَابِ تَعَالَوْاْ
إِلَى كَلَمَةٍ سَوَاء بَيْنَنَا وَبَيْنَكُمْ أَلاَّ نَعْبُدَ إِلاَّ اللّهَ وَلاَ نُشْرِكَ بِهِ شَيْئاً
وَلاَ يَتَّخِذَ بَعْضُنَا بَعْضاً أَرْبَاباً مِّن دُونِ اللّهِ فَإِن تَوَلَّوْاْ
فَقُولُواْ اشْهَدُواْ بِأَنَّا مُسْلِمُونَ (64) يَا أَهْلَ
الْكِتَابِ لِمَ تُحَآجُّونَ فِي إِبْرَاهِيمَ وَمَا أُنزِلَتِ التَّورَاةُ
وَالإنجِيلُ إِلاَّ مِن بَعْدِهِ أَفَلاَ تَعْقِلُونَ (65) هَا أَنتُمْ
هَؤُلاء حَاجَجْتُمْ فِيمَا لَكُم بِهِ عِلمٌ فَلِمَ تُحَآجُّونَ فِيمَا لَيْسَ
لَكُم بِهِ عِلْمٌ وَاللّهُ يَعْلَمُ وَأَنتُمْ لاَ تَعْلَمُونَ (66) مَا كَانَ
إِبْرَاهِيمُ يَهُودِيّاً وَلاَ نَصْرَانِيّاً وَلَكِن كَانَ حَنِيفاً مُّسْلِماً وَمَا كَانَ مِنَ
الْمُشْرِكِينَ (67) إِنَّ أَوْلَى النَّاسِ بِإِبْرَاهِيمَ لَلَّذِينَ
اتَّبَعُوهُ وَهَـذَا النَّبِيُّ وَالَّذِينَ آمَنُواْ وَاللّهُ وَلِيُّ
الْمُؤْمِنِينَ (68)♂ [سورة آل
عمران]
قال
تعالى: ▬لَّيْسَ بِأَمَانِيِّكُمْ وَلا أَمَانِيِّ
أَهْلِ الْكِتَابِ مَن يَعْمَلْ سُوءاً يُجْزَ بِهِ وَلاَ يَجِدْ لَهُ مِن دُونِ
اللّهِ وَلِيّاً وَلاَ نَصِيراً (123) وَمَن يَعْمَلْ مِنَ الصَّالِحَاتَ مِن ذَكَرٍ أَوْ أُنثَى
وَهُوَ مُؤْمِنٌ فَأُوْلَـئِكَ يَدْخُلُونَ الْجَنَّةَ وَلاَ يُظْلَمُونَ نَقِيراً
(124) وَمَنْ أَحْسَنُ دِيناً مِّمَّنْ
أَسْلَمَ وَجْهَهُ لله وَهُوَ مُحْسِنٌ واتَّبَعَ مِلَّةَ إِبْرَاهِيمَ
حَنِيفاً وَاتَّخَذَ اللّهُ إِبْرَاهِيمَ
خَلِيلاً (125)♂ [سورة النساء]
قال
تعالى: ▬شَهِدَ اللّهُ أَنَّهُ لاَ إِلَـهَ إِلاَّ
هُوَ وَالْمَلاَئِكَةُ وَأُوْلُواْ الْعِلْمِ قَآئِمَاً بِالْقِسْطِ لاَ إِلَـهَ
إِلاَّ هُوَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ
(18) إِنَّ الدِّينَ عِندَ اللّهِ
الإِسْلاَمُ وَمَا اخْتَلَفَ الَّذِينَ
أُوْتُواْ الْكِتَابَ إِلاَّ مِن بَعْدِ مَا جَاءهُمُ الْعِلْمُ بَغْياً بَيْنَهُمْ
وَمَن يَكْفُرْ بِآيَاتِ اللّهِ فَإِنَّ اللّهِ
سَرِيعُ الْحِسَابِ (19)
فَإنْ حَآجُّوكَ فَقُلْ أَسْلَمْتُ وَجْهِيَ لِلّهِ
وَمَنِ اتَّبَعَنِ وَقُل لِّلَّذِينَ
أُوْتُواْ الْكِتَابَ وَالأُمِّيِّينَ أَأَسْلَمْتُمْ فَإِنْ أَسْلَمُواْ فَقَدِ اهْتَدَواْ وَّإِن تَوَلَّوْاْ فَإِنَّمَا عَلَيْكَ الْبَلاَغُ
وَاللّهُ بَصِيرٌ بِالْعِبَادِ
(20)♂ [سورة آل عمران]
أي
دين آخر غير الإسلام لا يُعتبر ديناً أصلاً عند الله عزَّ وجلَّ, والذي أسلم فقط هو
الذي اهتدى, ومن لم يُسلم فهو على ضلال.
قال
تعالى: ▬مَا كَانَ لِبَشَرٍ أَن يُؤْتِيَهُ اللّهُ
الْكِتَابَ وَالْحُكْمَ وَالنُّبُوَّةَ ثُمَّ يَقُولَ لِلنَّاسِ كُونُواْ عِبَاداً
لِّي مِن دُونِ اللّهِ وَلَـكِن كُونُواْ رَبَّانِيِّينَ بِمَا كُنتُمْ
تُعَلِّمُونَ الْكِتَابَ وَبِمَا كُنتُمْ تَدْرُسُونَ (79) وَلاَ
يَأْمُرَكُمْ أَن تَتَّخِذُواْ الْمَلاَئِكَةَ وَالنِّبِيِّيْنَ أَرْبَاباً
أَيَأْمُرُكُم بِالْكُفْرِ بَعْدَ إِذْ أَنتُم
مُّسْلِمُونَ (80)♂ [آل عمران
: 79-80]
دليل
واضح على أنَّ الإسلام هو الإيمان, والمُسلم هو المؤمن, وأنَّ أي دين آخر يُعتبر
كُفر, وغير المسلم كافر.
قال
تعالى: ▬فَمَن يُرِدِ اللّهُ أَن يَهْدِيَهُ
يَشْرَحْ صَدْرَهُ لِلإِسْلاَمِ وَمَن
يُرِدْ أَن يُضِلَّهُ يَجْعَلْ صَدْرَهُ ضَيِّقاً حَرَجاً كَأَنَّمَا يَصَّعَّدُ
فِي السَّمَاء كَذَلِكَ يَجْعَلُ اللّهُ
الرِّجْسَ عَلَى الَّذِينَ لاَ يُؤْمِنُونَ (125) وَهَـذَا صِرَاطُ رَبِّكَ مُسْتَقِيماً قَدْ فَصَّلْنَا
الآيَاتِ لِقَوْمٍ يَذَّكَّرُونَ (126) لَهُمْ دَارُ السَّلاَمِ عِندَ رَبِّهِمْ وَهُوَ
وَلِيُّهُمْ بِمَا كَانُواْ يَعْمَلُونَ (127)♂ [سورة الأنعام] دليل
واضح على أنَّ الهداية في الإسلام فقط لا غير.
قال
تعالى: ▬وَإِذْ قَالَ عِيسَى ابْنُ مَرْيَمَ يَا
بَنِي إِسْرَائِيلَ إِنِّي رَسُولُ اللَّهِ إِلَيْكُم مُّصَدِّقاً لِّمَا بَيْنَ
يَدَيَّ مِنَ التَّوْرَاةِ وَمُبَشِّراً
بِرَسُولٍ يَأْتِي مِن بَعْدِي اسْمُهُ أَحْمَدُ فَلَمَّا جَاءهُم بِالْبَيِّنَاتِ قَالُوا هَذَا سِحْرٌ
مُّبِينٌ (6) وَمَنْ أَظْلَمُ مِمَّنِ افْتَرَى عَلَى اللَّهِ الْكَذِبَ
وَهُوَ يُدْعَى إِلَى الْإِسْلَامِ وَاللَّهُ لَا يَهْدِي الْقَوْمَ
الظَّالِمِينَ (7)♂ [سورة
الصف]
إذن,
كلّ من لا يقبل الإسلام ديناً فهو كافر مُشرك, وكلّ من لا يؤمن بنبينا محمد ☺ فهو
كافر, تذكَّر قول الله عزَّ وجلَّ: ▬إِنَّ
الَّذِينَ يَكْفُرُونَ بِاللّهِ وَرُسُلِهِ وَيُرِيدُونَ أَن يُفَرِّقُواْ بَيْنَ
اللّهِ وَرُسُلِهِ وَيقُولُونَ نُؤْمِنُ بِبَعْضٍ وَنَكْفُرُ بِبَعْضٍ وَيُرِيدُونَ
أَن يَتَّخِذُواْ بَيْنَ ذَلِكَ سَبِيلاً
(150) أُوْلَـئِكَ هُمُ الْكَافِرُونَ
حَقّاً وَأَعْتَدْنَا لِلْكَافِرِينَ
عَذَاباً مُّهِيناً (151) وَالَّذِينَ آمَنُواْ بِاللّهِ وَرُسُلِهِ وَلَمْ
يُفَرِّقُواْ بَيْنَ أَحَدٍ مِّنْهُمْ أُوْلَـئِكَ سَوْفَ يُؤْتِيهِمْ أُجُورَهُمْ
وَكَانَ اللّهُ غَفُوراً رَّحِيماً
(152)♂ [النساء]
وللأسف
الشَّديد, وقع النَّصارى في أنواع أُخرى كثيرة مُختلفة من الكُفر والشِّرك, ذلك
لأنَّهم آمنوا بالثالوث, قال تعالى: ▬لَّقَدْ
كَفَرَ الَّذِينَ قَالُواْ إِنَّ اللّهَ ثَالِثُ ثَلاَثَةٍ وَمَا مِنْ إِلَـهٍ
إِلاَّ إِلَـهٌ وَاحِدٌ وَإِن لَّمْ يَنتَهُواْ عَمَّا يَقُولُونَ لَيَمَسَّنَّ
الَّذِينَ كَفَرُواْ مِنْهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ (73) أَفَلاَ
يَتُوبُونَ إِلَى اللّهِ وَيَسْتَغْفِرُونَهُ وَاللّهُ غَفُورٌ
رَّحِيمٌ (74) مَّا الْمَسِيحُ ابْنُ مَرْيَمَ إِلاَّ رَسُولٌ قَدْ خَلَتْ مِن
قَبْلِهِ الرُّسُلُ وَأُمُّهُ صِدِّيقَةٌ كَانَا يَأْكُلاَنِ الطَّعَامَ انظُرْ
كَيْفَ نُبَيِّنُ لَهُمُ الآيَاتِ ثُمَّ انظُرْ أَنَّى يُؤْفَكُونَ
(75) قُلْ أَتَعْبُدُونَ مِن دُونِ اللّهِ
مَا لاَ يَمْلِكُ لَكُمْ ضَرّاً وَلاَ نَفْعاً وَاللّهُ هُوَ السَّمِيعُ
الْعَلِيمُ (76) قُلْ يَا أَهْلَ الْكِتَابِ لاَ تَغْلُواْ فِي دِينِكُمْ
غَيْرَ الْحَقِّ وَلاَ تَتَّبِعُواْ أَهْوَاء
قَوْمٍ قَدْ ضَلُّواْ مِن قَبْلُ وَأَضَلُّواْ كَثِيراً وَضَلُّواْ عَن سَوَاء
السَّبِيلِ (77)♂ [المائدة :
72-77]
وقال
تعالى: ▬يَا أَهْلَ الْكِتَابِ لاَ تَغْلُواْ فِي
دِينِكُمْ وَلاَ تَقُولُواْ عَلَى اللّهِ إِلاَّ الْحَقِّ إِنَّمَا الْمَسِيحُ عِيسَى ابْنُ مَرْيَمَ رَسُولُ اللّهِ
وَكَلِمَتُهُ أَلْقَاهَا إِلَى مَرْيَمَ وَرُوحٌ مِّنْهُ فَآمِنُواْ بِاللّهِ وَرُسُلِهِ وَلاَ تَقُولُواْ ثَلاَثَةٌ
انتَهُواْ خَيْراً لَّكُمْ إِنَّمَا اللّهُ إِلَـهٌ وَاحِدٌ سُبْحَانَهُ أَن
يَكُونَ لَهُ وَلَدٌ لَّهُ مَا فِي
السَّمَاوَات وَمَا فِي الأَرْضِ وَكَفَى بِاللّهِ وَكِيلاً (171)
لَّن يَسْتَنكِفَ الْمَسِيحُ أَن يَكُونَ عَبْداً
لِّلّهِ وَلاَ الْمَلآئِكَةُ
الْمُقَرَّبُونَ وَمَن يَسْتَنكِفْ عَنْ عِبَادَتِهِ وَيَسْتَكْبِرْ
فَسَيَحْشُرُهُمْ إِلَيهِ جَمِيعاً (172)♂ [سورة
النِّساء]
ولأنَّهم
آمنوا بأنَّ الله سُبحانه وتعالى له وَلَد, قال تعالى: ▬وَقَالَتِ الْيَهُودُ عُزَيْرٌ ابْنُ اللّهِ
وَقَالَتْ النَّصَارَى الْمَسِيحُ ابْنُ
اللّهِ ذَلِكَ قَوْلُهُم بِأَفْوَاهِهِمْ
يُضَاهِؤُونَ
قَوْلَ الَّذِينَ كَفَرُواْ مِن قَبْلُ قَاتَلَهُمُ اللّهُ أَنَّى يُؤْفَكُونَ
(30)♂ [التوبة]
وقال
تعالى: ▬قَالُواْ اتَّخَذَ اللّهُ
وَلَداً سُبْحَانَهُ هُوَ الْغَنِيُّ لَهُ
مَا فِي السَّمَاوَات وَمَا فِي الأَرْضِ إِنْ عِندَكُم مِّن سُلْطَانٍ بِهَـذَا
أَتقُولُونَ عَلَى اللّهِ مَا لاَ
تَعْلَمُونَ (68) قُلْ إِنَّ الَّذِينَ يَفْتَرُونَ عَلَى اللّهِ الْكَذِبَ لاَ
يُفْلِحُونَ (69) مَتَاعٌ فِي الدُّنْيَا ثُمَّ إِلَيْنَا مَرْجِعُهُمْ
ثُمَّ نُذِيقُهُمُ الْعَذَابَ الشَّدِيدَ بِمَا
كَانُواْ يَكْفُرُونَ (70)♂
[سورة يونس]
وقال
تعالى: ▬بَلْ أَتَيْنَاهُم بِالْحَقِّ
وَإِنَّهُمْ لَكَاذِبُونَ (90) مَا اتَّخَذَ
اللَّهُ مِن وَلَدٍ وَمَا كَانَ مَعَهُ مِنْ إِلَهٍ إِذاً لَّذَهَبَ كُلُّ إِلَهٍ بِمَا خَلَقَ وَلَعَلَا
بَعْضُهُمْ عَلَى بَعْضٍ سُبْحَانَ اللَّهِ عَمَّا يَصِفُونَ (91) عَالِمِ
الْغَيْبِ وَالشَّهَادَةِ فَتَعَالَى عَمَّا
يُشْرِكُونَ (92)♂ [المؤمنون :
91-92]
ولأنَّهم
آمنوا بأنَّ الله سُبحانه وتعالى نزل من السَّماء, وتجسَّد, وعاش على الأرض كإنسان,
وهو شخص المسيح ♠ والعياذ بالله!
قال
تعالى: ▬لَّقَدْ كَفَرَ الَّذِينَ قَالُواْ إِنَّ
اللّهَ هُوَ الْمَسِيحُ ابْنُ مَرْيَمَ
قُلْ فَمَن يَمْلِكُ مِنَ اللّهِ شَيْئاً إِنْ أَرَادَ أَن يُهْلِكَ الْمَسِيحَ
ابْنَ مَرْيَمَ وَأُمَّهُ وَمَن فِي الأَرْضِ جَمِيعاً وَلِلّهِ مُلْكُ
السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ وَمَا بَيْنَهُمَا يَخْلُقُ مَا يَشَاءُ وَاللّهُ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ (17)♂ [المائدة]
وقال
تعالى: ▬لَقَدْ كَفَرَ الَّذِينَ قَالُواْ إِنَّ
اللّهَ هُوَ الْمَسِيحُ ابْنُ مَرْيَمَ
وَقَالَ الْمَسِيحُ يَا بَنِي إِسْرَائِيلَ اعْبُدُواْ اللّهَ رَبِّي وَرَبَّكُمْ
إِنَّهُ مَن يُشْرِكْ بِاللّهِ فَقَدْ حَرَّمَ
اللّهُ عَلَيهِ الْجَنَّةَ وَمَأْوَاهُ النَّارُ وَمَا لِلظَّالِمِينَ مِنْ
أَنصَارٍ (72)♂
[المائدة]
وهذا
نجده بشكل واضح في «قانون
الإيمان المسيحي»,
في الفقرتين اللتين تمَّ وضعهما في مجمع نقية الأول 325م, ومجمع القسطنطينية الأول
381م:
[بالحقيقة
نؤمن بإله واحد, الله
الآب,
ضابط الكل, خالق السَّماء و الأرض, ما يُرى و ما لا يُرى. نؤمن
برب واحد يسوع المسيح,
ابن
الله الوحيد,
المولود
من الآب قبل كلّ الدُّهُور,
نور من نور, إلهٌ
حقٌّ من إلهٍ حقٍّ,
مولود
غير مخلوق,
مُساوٍ
للآب في الجوهر,
الذى
به كان كلّ شيء.
هذا الذى من أجلنا نحن البشر, و من أجل خلاصنا, نَزَلَ
من السَّماء و تجسَّد من الرُّوح القُدُس و من مريم العذراء.
تأنَّس
و صلب عنا على عهد بيلاطس البنطي.
تألَّم و قُبِرَ و قام من بين الأموات في اليوم الثالث كما في الكُتُب, و صعد إلى
السَّموات, و جلس عن يمين أبيه, وأيضًا
يأتي في مجده ليدين الأحياء و الأموات,
الذي
ليس لملكه انقضاء.
نعم
نؤمن بالرُّوح القُدُس,
الرَّب
المحيي المنبثق من الآب.
نسجد
له و نُمجدِّه مع الآب و الابن,
الناطق في الأنبياء.]
للمزيد
من التَّعليقات على قانون الإيمان المسيحي نرجو مُراجعة المُحاضرات
التالية:
قانون
الإيمان المسيحي - تفنيد وتعليق
http://www.eld3wah.net/play.php?catsmktba=3455
عقائد
آريوس وقانون الإيمان
http://www.eld3wah.net/play.php?catsmktba=6294
تقديس
السَّبت والتَّعليق على قانون الإيمان
http://www.eld3wah.net/play.php?catsmktba=6456
المسيحية
السَّلفِيّة وأهمّية قانون الإيمان http://www.eld3wah.net/play.php?catsmktba=6459
نصّ
قانون الإيمان مجمع نقية 325م
http://www.eld3wah.net/play.php?catsmktba=6463
في
النِّهاية, نُذكِّر الجميع بسورة البيِّنة, قول تعالى: ▬لَمْ يَكُنِ الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ
وَالْمُشْرِكِينَ مُنفَكِّينَ حَتَّى تَأْتِيَهُمُ الْبَيِّنَةُ (1) رَسُولٌ
مِّنَ اللَّهِ يَتْلُو صُحُفاً مُّطَهَّرَةً (2) فِيهَا كُتُبٌ
قَيِّمَةٌ (3) وَمَا تَفَرَّقَ
الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ إِلَّا مِن بَعْدِ مَا جَاءتْهُمُ الْبَيِّنَةُ
(4) وَمَا أُمِرُوا إِلَّا
لِيَعْبُدُوا اللَّهَ مُخْلِصِينَ لَهُ الدِّينَ حُنَفَاء وَيُقِيمُوا الصَّلَاةَ
وَيُؤْتُوا الزَّكَاةَ وَذَلِكَ دِينُ الْقَيِّمَةِ (5) إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ
وَالْمُشْرِكِينَ فِي نَارِ جَهَنَّمَ خَالِدِينَ فِيهَا أُوْلَئِكَ هُمْ شَرُّ
الْبَرِيَّةِ (6) إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ
أُوْلَئِكَ هُمْ خَيْرُ الْبَرِيَّةِ (7) جَزَاؤُهُمْ عِندَ رَبِّهِمْ جَنَّاتُ عَدْنٍ تَجْرِي مِن
تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا أَبَداً رَّضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ
وَرَضُوا عَنْهُ ذَلِكَ لِمَنْ خَشِيَ رَبَّهُ (8)♂
[البينة]
والآن
نأتي إلى ما نجده في العهد الجديد من نُصُوص يبني عليها المسيحي اعتقاد أنَّ الخلاص
ودُخُول ملكوت السَّموات في المسيحية فقط:
«الذي يؤمن بالابن له حياة أبدية, والذي لا يؤمن بالابن
لن يرى حياة, بل يمكث عليه غضب
الله» (يوحنا 3 / 36).
«إن كان أحد لا يولد من الماء والروح لا يقدر أن يدخل ملكوت الله» (يوحنا 3 / 5).
دليل على أنَّ المعمودية والرَّشم من الأسرار الخلاصية.
«إن لم تأكلوا جسد ابن الإنسان
وتشربوا دمه فليس لكم حياة»
(يوحنا 6 / 53). دليل على أنَّ الأفخرستيا بزعمهم من الأسرار
الخلاصية.
«أمَّا الخائفون وغير
المؤمنين والرجسون والقاتلون والزناة
والسحرة وعبدة الأوثان وجميع الكذبة نصيبهم في
البحيرة المتقدة بنار وكبريت الذي هو الموت الثاني» (رؤيا يوحنا 21
/ 8). طبعاً هذا هو مصير المُسلم حسب العقيدة
المسيحية!
«والذين لا يُطيعون إنجيل ربنا يسوع المسيح, الذين سيُعاقبون بهلاك أبدي من وجه الرَّب ومن مجد قوَّته متى جاء ليتمجَّد في قدِّيسيه, ويُتعجَّب منه في جميع المؤمنين»
(تسالونيكي الثانية 1 : 8-10). أيضاً هذا هو مصير
المُسلمين حسب العقيدة المسيحية.
«فَإِنَّ كَلِمَةَ الصَّلِيبِ عِنْدَ الْهَالِكِينَ
جَهَالَةٌ وَأَمَّا عِنْدَنَا نَحْنُ الْمُخَلَّصِينَ فَهِيَ قُوَّةُ
اللهِ» (كورينثوس الأولى 1/18).
«3 وَلَكِنْ إِنْ كَانَ إِنْجِيلُنَا مَكْتُوماً،
فَإِنَّمَا هُوَ مَكْتُومٌ فِي
الْهَالِكِينَ، 4 الَّذِينَ فِيهِمْ
إِلَهُ هَذَا الدَّهْرِ (الشَّيطان) قَدْ أَعْمَى أَذْهَانَ غَيْرِ الْمُؤْمِنِينَ،
لِئَلاَّ تُضِيءَ لَهُمْ إِنَارَةُ إِنْجِيلِ مَجْدِ الْمَسِيحِ، الَّذِي هُوَ
صُورَةُ اللهِ» (كورينثوس الثانية 4/3-4).
طبعاً
المُسلم من الهالكين, لأنَّه لا يؤمن بالصَّليب! كل هذه النُّصُوص السابق ذكرها
يستخدمها المسيحي في بيان أنَّ الذي يؤمن بالمسيحية فقط هو المؤمن الذي سيدخل ملكوت
السَّموات, فلابُدّ من الإيمان أولاً بالثالوث والتَّجسُّد والصَّلب والفِداء, ثمَّ
مُمارسة الطُّقُوس الكنسية الخلاصية, وبهذا يحصل الإنسان على رضا الله عزَّ وجلَّ.
إن لم يقبل الإنسان ذلك, فهو غير مؤمن, هالك, ضال, أعمى,
ماكث عليه غضب الله!
وفي
النِّهاية, أنقل لكم كلام الأنبا بيشوي في هذه المسألة:
[وفي
سرد القدِّيس بولس لواقعة ظُهُور السيد المسيح له - وهو
ذاهب ليضطهد المسيحيين في دمشق - قال للملك أغريباس إنَّ
يسوع قال له: «لأنّي لهذا ظهرت لك, لأنتخبك خادماً وشاهداً بما رأيت وبما سأظهر لك
به, مُنقذاً إيّاك من الشَّعب ومن الأمم الذين أنا الآن أرسلك إليهم,
لتفتح
عيونهم,
كي
يرجعوا من ظُلُماتٍ إلى نور,
ومن
سلطان الشَّيطان إلى الله.
حتى
ينالوا بالإيمان بي غُفران الخطايا,
ونصيباً
مع القدِّيسين»
(أع 26 : 14-18). وكمَّل قائلاً: «مِنْ ثمَّ أيُّها الملك أغريباس, لم أكن مُعانداً للرُّؤيا السَّماوية, بل أخبرت
أوَّلاً الذين في دمشق وفي أورشليم, حتى جميع كورة اليهودية, ثمّ الأمم,
أن
يتوبوا ويرجعوا إلى الله,
عاملين
أعمالاً تليق بالتَّوبة»
(أع 26 : 19-20). وواضح من كلام القدِّيس بولس أنَّ الذين لم يسمعوا عن المسيح هُم:
(1)
عميان:
«لتفتح عيونهم». (2)
في الظُّلمة:
«كي يرجعوا من ظُلُمات». (3)
تحت سُلطان الشَّيطان:
«من سُلطان الشَّيطان». (4)
بعيدون عن الله:
«يرجعوا ... إلى الله». (5)
غير مؤمنين بالمسيح:
«ينالوا بالإيمان بي». (6)
لم تُغفر خطاياهم بعد:
«ينالوا ... غفران الخطايا».
(7)
ليس لهم نصيب بعد مع القدِّيسين:
«ينالوا نصيباً مع القدِّيسين». (8)
يلزمهم أن يتوبوا:
«أن يتوبوا ويرجعوا إلى الله». (9)
ويلزمهم أن يعملوا أعمالاً تليق
بالتَّوبة:
«عاملين أعمالاً تليق بالتَّوبة». فكيف يخلص أولئك الذين
لم ينالوا كُلّ نتائج الإيمان حتى
لو احتجّ البعض بأنَّهم لم يسمعوا؟ إنَّ الله لا يترُك
نفسه بلا شاهد,
حتى
ولو في أقصى الأرض وأقطار المسكونة.]
(الأنبا بيشوي: مائة سؤال وجواب في العقيدة المسيحية الأرثوذكسية, دار نوبار للطباعة, صـ72-74)
للمزيد
من المعلومات حول موضوع الكفر والإيمان راجع المواضيع
التالية:
التَّكفير
في المسيحية,
للأخ أبي رائد محمد عنان رحمه الله http://bora2ed.wordpress.com/2012/03/12
العِلْم
والمعرفة وتأثيرهما على الأنبا بيشوي,
فصل: إِنَّ الدِّينَ عِندَ اللّهِ الإِسْلاَمُ http://alta3b.wordpress.com/2011/02/02/bishoy
[89] كثير من الناس يعتقدون - خُصُوصاً من غير
المُسلمين - أنَّ الإسلام هو دين خاصّ جاء به النبي محمد ☺, ولكن هذا غير صحيح.
تأمَّل الآيات القُرآنية التي ذكرناها في الهامش السّابق
التي تُوضِّح أنَّ إبراهيم ♠ ونسله من الأنبياء كانوا على الإسلام, وإليكم أيضاً
آيات عظيمة أُخرى:
قال
تعالى: ▬شَرَعَ لَكُم مِّنَ
الدِّينِ مَا وَصَّى بِهِ نُوحاً
وَالَّذِي أَوْحَيْنَا إِلَيْكَ وَمَا وَصَّيْنَا بِهِ إِبْرَاهِيمَ وَمُوسَى
وَعِيسَى أَنْ أَقِيمُوا الدِّينَ وَلَا
تَتَفَرَّقُوا فِيهِ كَبُرَ عَلَى
الْمُشْرِكِينَ مَا تَدْعُوهُمْ إِلَيْهِ اللَّهُ يَجْتَبِي إِلَيْهِ مَن يَشَاءُ
وَيَهْدِي إِلَيْهِ مَن يُنِيبُ (13) وَمَا تَفَرَّقُوا إِلَّا مِن بَعْدِ مَا جَاءهُمُ
الْعِلْمُ بَغْياً بَيْنَهُمْ وَلَوْلَا كَلِمَةٌ سَبَقَتْ مِن رَّبِّكَ إِلَى
أَجَلٍ مُّسَمًّى لَّقُضِيَ بَيْنَهُمْ وَإِنَّ الَّذِينَ أُورِثُوا الْكِتَابَ مِن
بَعْدِهِمْ لَفِي شَكٍّ مِّنْهُ مُرِيبٍ (14)♂ [سورة
الشورى]
لاحظ
كلمة «الدِّين» جاءت بصيغة المُفرد, للدَّلالة على أنَّ دين جميع الأنبياء
واحد, ولا وجود لما يُسمَّى بالأديان السَّماوية, بل هو دينٌ واحد,
الإسلام.
وفي
سورة الأنبياء, ذكر الله عزَّ وجلَّ موسى, وهارون, وإبراهيم, ولوط, وإسحاق, ويعقوب,
ونوح, وداود, وسليمان, وأيوب, وإسماعيل, وإدريس, وذا الكفل, ويونس, وزكريا, ويحيى,
والمسيح, عليهم جميعاً أفضل الصَّلاة والسَّلام, ثمَّ قال الله عزَّ وجلَّ:
▬إِنَّ هَذِهِ أُمَّتُكُمْ أُمَّةً وَاحِدَةً
وَأَنَا رَبُّكُمْ فَاعْبُدُونِ♂ [الأنبياء : 92], أيضاً بنفس المعنى
قال تعالى: ▬يَا أَيُّهَا الرُّسُلُ كُلُوا مِنَ
الطَّيِّبَاتِ وَاعْمَلُوا صَالِحاً إِنِّي بِمَا تَعْمَلُونَ عَلِيمٌ *
وَإِنَّ هَذِهِ أُمَّتُكُمْ أُمَّةً وَاحِدَةً
وَأَنَا رَبُّكُمْ فَاتَّقُونِ
* فَتَقَطَّعُوا أَمْرَهُمْ بَيْنَهُمْ
زُبُراً كُلُّ حِزْبٍ بِمَا لَدَيْهِمْ فَرِحُونَ♂ [المؤمنون :
51-53]
قال
تعالى عن نوح ♠: ▬يَا قَوْمِ إِنْ كَانَ كَبُرَ
عَلَيْكُمْ مَقَامِي وَتَذْكِيرِي بِآياتِ اللَّهِ فَعَلَى اللَّهِ تَوَكَّلْتُ
فَأَجْمِعُوا أَمْرَكُمْ وَشُرَكَاءَكُمْ ثُمَّ لا يَكُنْ أَمْرُكُمْ عَلَيْكُمْ
غُمَّةً ثُمَّ اقْضُوا إِلَيَّ وَلا تُنْظِرُونِ * فَإِنْ تَوَلَّيْتُمْ فَمَا سَأَلْتُكُمْ مِنْ أَجْرٍ إِنْ
أَجْرِيَ إِلاَّ عَلَى اللَّهِ وَأُمِرْتُ أَنْ
أَكُونَ مِنَ الْمُسْلِمِينَ♂ [سورة يونس :
71-72]
قال
تعالى: ▬وَإِذْ يَرْفَعُ إِبْرَاهِيمُ
الْقَوَاعِدَ مِنَ الْبَيْتِ وَإِسْمَاعِيلُ رَبَّنَا تَقَبَّلْ مِنَّا إِنَّكَ
أَنتَ السَّمِيعُ الْعَلِيمُ (127)
رَبَّنَا وَاجْعَلْنَا مُسْلِمَيْنِ لَكَ وَمِن
ذُرِّيَّتِنَا أُمَّةً مُّسْلِمَةً لَّكَ
وَأَرِنَا مَنَاسِكَنَا وَتُبْ عَلَيْنَا إِنَّكَ أَنتَ التَّوَّابُ
الرَّحِيمُ (128) رَبَّنَا وَابْعَثْ فِيهِمْ رَسُولاً مِّنْهُمْ يَتْلُو
عَلَيْهِمْ آيَاتِكَ وَيُعَلِّمُهُمُ الْكِتَابَ وَالْحِكْمَةَ وَيُزَكِّيهِمْ
إِنَّكَ أَنتَ العَزِيزُ الحَكِيمُ
(129) وَمَن يَرْغَبُ عَن مِّلَّةِ
إِبْرَاهِيمَ إِلاَّ مَن سَفِهَ نَفْسَهُ وَلَقَدِ اصْطَفَيْنَاهُ فِي الدُّنْيَا
وَإِنَّهُ فِي الآخِرَةِ لَمِنَ الصَّالِحِينَ (130) إِذْ قَالَ
لَهُ رَبُّهُ أَسْلِمْ قَالَ أَسْلَمْتُ لِرَبِّ الْعَالَمِينَ (131) وَوَصَّى
بِهَا إِبْرَاهِيمُ بَنِيهِ وَيَعْقُوبُ يَا بَنِيَّ إِنَّ اللّهَ اصْطَفَى لَكُمُ
الدِّينَ فَلاَ تَمُوتُنَّ إَلاَّ وَأَنتُم مُّسْلِمُونَ (132) أَمْ
كُنتُمْ شُهَدَاء إِذْ حَضَرَ يَعْقُوبَ الْمَوْتُ إِذْ قَالَ لِبَنِيهِ مَا
تَعْبُدُونَ مِن بَعْدِي قَالُواْ نَعْبُدُ إِلَـهَكَ وَإِلَـهَ آبَائِكَ
إِبْرَاهِيمَ وَإِسْمَاعِيلَ وَإِسْحَاقَ إِلَـهاً وَاحِداً وَنَحْنُ لَهُ
مُسْلِمُونَ (133)♂ [سورة البقرة :
127-133]
قال
تعالى حاكياً عن يوسف الصديق ♠: ▬رَبِّ قَدْ
آتَيْتَنِي مِنَ الْمُلْكِ وَعَلَّمْتَنِي مِن تَأْوِيلِ الأَحَادِيثِ فَاطِرَ
السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ أَنتَ وَلِيِّي فِي الدُّنُيَا وَالآخِرَةِ
تَوَفَّنِي مُسْلِماً وَأَلْحِقْنِي
بِالصَّالِحِينَ♂ [يوسف : 101]
قال
تعالى حاكياً عن موسى ♠: ▬وَقَالَ مُوسَى يَا
قَوْمِ إِنْ كُنْتُمْ آمَنْتُمْ بِاللَّهِ فَعَلَيْهِ تَوَكَّلُوا إِنْ كُنْتُمْ مُسْلِمِينَ♂ [يونس: 84], وقال
تعالى عن سحرة فرعون الذين آمنوا واستجابوا لدعوة هارون وموسى عليهما السَّلام:
▬رَبَّنَا أَفْرِغْ عَلَيْنَا صَبْراً
وَتَوَفَّنَا مُسْلِمِينَ♂
[الأعراف : 126]
وقال
تعالى حاكياً عن بلقيس: ▬قَالَتْ رَبِّ إِنِّي
ظَلَمْتُ نَفْسِي وَأَسْلَمْتُ مَعَ
سُلَيْمَانَ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ♂ [النمل :
44]
قال
تعالى حاكياً عن أنبياء بني إسرائيل: ▬إِنَّا
أَنزَلْنَا التَّوْرَاةَ فِيهَا هُدًى وَنُورٌ يَحْكُمُ بِهَا النَّبِيُّونَ الَّذِينَ أَسْلَمُواْ لِلَّذِينَ هَادُواْ وَالرَّبَّانِيُّونَ وَالأَحْبَارُ
بِمَا اسْتُحْفِظُواْ مِن كِتَابِ اللّهِ وَكَانُواْ عَلَيْهِ
شُهَدَاء (44)♂ [سورة
المائدة]
وقال
تعالى عن الحواريين, أتباع المسيح ♠: ▬فَلَمَّا
أَحَسَّ عِيسَى مِنْهُمُ الْكُفْرَ قَالَ مَنْ أَنصَارِي إِلَى اللّهِ قَالَ
الْحَوَارِيُّونَ نَحْنُ أَنصَارُ اللّهِ آمَنَّا بِاللّهِ وَاشْهَدْ بِأَنَّا مُسْلِمُونَ (52) رَبَّنَا
آمَنَّا بِمَا أََََََََََََََََنزَلْتَ وَاتَّبَعْنَا الرَّسُولَ فَاكْتُبْنَا
مَعَ الشَّاهِدِينَ (53)♂ [سورة آل
عمران]
وقال
تعالى عنهم أيضاً: ▬وَإِذْ أَوْحَيْتُ إِلَى
الْحَوَارِيِّينَ أَنْ آمِنُواْ بِي وَبِرَسُولِي قَالُوَاْ آمَنَّا
وَاشْهَدْ بِأَنَّنَا
مُسْلِمُونَ (111)♂ [سورة
المائدة]
وقال
تعالى حاكياً عن أهل الكتاب الذين آمنوا بمحمد ☺: ▬قُلْ فَأْتُوا بِكِتَابٍ مِّنْ عِندِ اللَّهِ هُوَ أَهْدَى
مِنْهُمَا أَتَّبِعْهُ إِن كُنتُمْ صَادِقِينَ (49) فَإِن لَّمْ
يَسْتَجِيبُوا لَكَ فَاعْلَمْ أَنَّمَا يَتَّبِعُونَ أَهْوَاءهُمْ وَمَنْ أَضَلُّ
مِمَّنِ اتَّبَعَ هَوَاهُ بِغَيْرِ هُدًى مِّنَ اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ لَا يَهْدِي
الْقَوْمَ الظَّالِمِينَ (50)
وَلَقَدْ وَصَّلْنَا لَهُمُ الْقَوْلَ لَعَلَّهُمْ
يَتَذَكَّرُونَ (51) الَّذِينَ آتَيْنَاهُمُ الْكِتَابَ مِن قَبْلِهِ هُم بِهِ
يُؤْمِنُونَ (52) وَإِذَا يُتْلَى عَلَيْهِمْ قَالُوا آمَنَّا بِهِ إِنَّهُ
الْحَقُّ مِن رَّبِّنَا إِنَّا كُنَّا مِن
قَبْلِهِ مُسْلِمِينَ (53)
أُوْلَئِكَ يُؤْتَوْنَ أَجْرَهُم مَّرَّتَيْنِ
بِمَا صَبَرُوا وَيَدْرَؤُونَ بِالْحَسَنَةِ السَّيِّئَةَ وَمِمَّا رَزَقْنَاهُمْ
يُنفِقُونَ (54)♂ [القصص
49-54]
[90] قال تعالى: ▬فَأَقِمْ وَجْهَكَ
لِلدِّينِ حَنِيفاً فِطْرَتَ اللَّهِ الَّتِي
فَطَرَ النَّاسَ عَلَيْهَا لا تَبْدِيلَ
لِخَلْقِ اللَّهِ ذَلِكَ الدِّينُ الْقَيِّمُ وَلَكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لا
يَعْلَمُونَ * مُنِيبِينَ إِلَيْهِ
وَاتَّقُوهُ وَأَقِيمُوا الصَّلاةَ وَلا تَكُونُوا مِنَ الْمُشْرِكِينَ مِنَ
الَّذِينَ فَرَّقُوا دِينَهُمْ وَكَانُوا شِيَعاً كُلُّ حِزْبٍ بِمَا لَدَيْهِمْ
فَرِحُونَ♂ [الروم : 30-31]
قال
تعالى: ▬قُولُواْ آمَنَّا بِاللّهِ وَمَا أُنزِلَ
إِلَيْنَا وَمَا أُنزِلَ إِلَى إِبْرَاهِيمَ وَإِسْمَاعِيلَ وَإِسْحَاقَ
وَيَعْقُوبَ وَالأسْبَاطِ وَمَا أُوتِيَ مُوسَى وَعِيسَى وَمَا أُوتِيَ
النَّبِيُّونَ مِن رَّبِّهِمْ لاَ نُفَرِّقُ بَيْنَ أَحَدٍ مِّنْهُمْ
وَنَحْنُ لَهُ مُسْلِمُونَ (136) فَإِنْ
آمَنُواْ بِمِثْلِ مَا آمَنتُم بِهِ فَقَدِ اهْتَدَواْ وَّإِن تَوَلَّوْاْ
فَإِنَّمَا هُمْ فِي شِقَاقٍ فَسَيَكْفِيكَهُمُ اللّهُ وَهُوَ السَّمِيعُ
الْعَلِيمُ (137) صِبْغَةَ اللّهِ
وَمَنْ أَحْسَنُ مِنَ اللّهِ صِبْغَةً وَنَحْنُ لَهُ عَابِدونَ (138)♂ [سورة البقرة]
قال
رسول الله ☺: «مَا مِنْ مَوْلُودٍ إِلَّا يُولَدُ عَلَى الفِطْرَةِ،
فَأَبَوَاهُ يُهَوِّدَانِهِ أَوْ يُنَصِّرَانِهِ، أَوْ يُمَجِّسَانِهِ»
(صحيح البُخاري 1358).
وكلام
رسول الله ☺ ظاهرٌ وجليّ في كلّ دين الأديان, وخُصُوصاً في المسيحية, فإنَّ
المسيحية تشترط مُمارسة طقس المعمودية كباب للدخول إلى المسيحية, وأنَّ الشَّخص
الذي يموت قبل أن يُعمَّد, فقد مات على الكُفر, وسيكون مصيره العذاب الأبدي في
بُحيرة النار والكبريت! حتى الطِّفل الصَّغير, مثال
البراءة والطَّهارة, يجب تعميده فوراً في حالة أن أصابه مرض بعد ولادته, مخافة أن
يموت قبل التَّعميد فيكون مصيره إلى النار!
قال
القُمُّص متَّى مُرجان: [لما كانت
المعمودية لازمة وضرورية للخلاص, وبدونها لا
يُمكن الحصول على الحياة الأبدية, كما
قال ربّ المجد يسوع: «من آمن واعتمد خلص ومن لم يؤمن يدن» (مر 16 / 16)،
لهذا قرَّرت الكنيسة الجامعة, حُبًّا في سعادة سائر أبنائها, تعميد الطِّفل,
وبلا إبطاء, ولو على أثر
ولادته. أمّا الكنيسة الرُّومانية, فبالغت في ذلك بأن
أقرَّت تعميد الجنين في بطن أُمِّه.] (أرثوذكسيَّتي تُراث وعقيدة وحياة, الجزء الثاني,
مكتبة كنيسة السيدة العذراء بمغاغة,
صـ159).
قال
البابا شنودة الثالث: [البروتستانت لا
يُعمِّدون الأطفال،
إصراراً على لزوم الإيمان قبل
المعمودية, واعتماداً على قول الرب:
«مَن آمن واعتمد خلص» ( مر 16: 16), وأيضاً
اعتماداً على أن الطِّفل لا يُدرك ماذا يحدث في المعمودية. فكيف تتمّ
المعمودية بدون إيمان وبدون إدراك ؟! هذا رأيهم. أما نحن فنُصرّ على معمودية الأطفال للأسباب
الآتية: حِرصاً منّا على أبدية هؤلاء
الأطفال، لأنَّ الرَّب يقول: «إن كان
أحد لا يولد من الماء والرُّوح، لا يقدر أن يدخل ملكوت الله» (يو 3: 5), فكيف يُمكن
أن نمنع عنهم العِماد فنُعرِّضهم لهذا الحُكم الإلهي الذى لم يحدث أنَّ الرَّب
استثنى منه الأطفال حينما قال هذا.] (اللاهوت المُقارن (الجزء الأول),
الكُلِّيّة الإكليريكية للأقباط الأرثوذكس,
صـ33).
قال
القسّ بيشوي حلمي: [معمودية الأطفال:
إنَّ معمودية الأطفال ضرورية ولازمة للأسباب الآتية: (1) لأنَّ منعهم منها يحرمهم من مُمارسة الأسرار
الأخرى. (2) ولأنَّ منعهم منها يحرمهم من الدخول إلى السَّماء في حالة
موتهم.
(3) لأنَّهم مُشتركون في الخطية
الجدّية، وفي حاجة للخلاص تماماً مثل
الكبار.] (كنيستي
الأرثوذكسية ما أجملك, الجزء الأول, مطابع النُّوبار, صـــ87)
[91] قال رسول الله ☺: «أَلاَ إِنَّ
رَبِّى أَمَرَنِي أَنْ أُعَلِّمَكُمْ مَا جَهِلْتُمْ مِمَّا عَلَّمَنِي يَوْمِي
هَذَا كُلُّ مَالٍ نَحَلْتُهُ عَبْدًا حَلاَلٌ وَإِنِّي خَلَقْتُ عِبَادِي حُنَفَاءَ كُلَّهُمْ وَإِنَّهُمْ
أَتَتْهُمُ الشَّيَاطِينُ فَاجْتَالَتْهُمْ عَنْ
دِينِهِمْ وَحَرَّمَتْ عَلَيْهِمْ مَا أَحْلَلْتُ لَهُمْ وَأَمَرَتْهُمْ أَنْ
يُشْرِكُوا بِي مَا لَمْ أُنْزِلْ بِهِ سُلْطَانًا وَإِنَّ اللَّهَ نَظَرَ إِلَى أَهْلِ الأَرْضِ
فَمَقَتَهُمْ عَرَبَهُمْ وَعَجَمَهُمْ إِلاَّ بَقَايَا مِنْ أَهْلِ
الْكِتَابِ» (صحيح مُسلم 7386). وهذه هي النَّتيجة الطَّبيعية
المبنية على مبدأ أنَّ الإسلام هو دين الفطرة.
[92] راجع التالي:
د.
عثمان جمعة ضميرية: مدخل لدراسة العقيدة الإسلامية, مكتبة السوادي للتوزيع,
الطَّبعة الثانية, صـ114.
نور
بنت حسن قاروت: السُّنَّة النَّبوية المصدر الثاني
للتَّشريع الإسلامي ومكانتها من حيث الاحتجاج والعَمَل, مجمع الملك فهد
بالمدينة, صـ6.
[93] عندما يتَّفق الصَّحابة على شيء
ويُقرُّونه, أو عندما يتَّفق الصَّحابة على ترك شيءٍ, فإنَّ هذا يُعدّ إجماعاً,
وهذا الإجماع مُلزم لكلّ مُسلم, وهو من الدِّين.
قال
الإمام السَّمعاني رحمه الله: [إذا
تَعَرَّفْنَا حال الأُمَّة؛ وجدناهم مُتَّفقين على تضليل من يُخالف الإجماع
وتخطئته, وَلَمْ تَزَل الأُمَّة يَنْسُبون المُخالفين للإجماع إلى المُرُوق, وشَقّ
العصا, ومُحادَّة المُسلمين ومُشاقتهم, ولا يَعُدُّون ذلك من الأُمُور الهَيِّنَة,
بل يَعُدُّون ذلك من عِظَام الأُمُور, وقبيح الارتكابات, فَدَلَّ أنَّهم عَدُّوا
إجماع المُسلمين حُجّةً يَحْرُم مُخالفتها, وفي المسألة دلائل كثيرة ذكرها الأصحاب,
وأوردها المُتكلِّمون, والقدر الذي قُلناه كافٍ, وهو
المعتمد.]
(أبو
المظفر منصور بن محمد السَّمعاني (ت489هـ): قواطع الأدلة في الأُصُول, دار الكُتُب العلمية ببيروت، الطَّبعة الأولى،
المُجلَّد الأول, صـ469).
قال
الإمام الذَّهبي رحمه الله: [وَمذهب
أهل السّنة وَالْجَمَاعَة مَذْهَب قديم مَعْرُوف قبل أَن يخلق الله أَبَا حنيفَة
ومالكا وَالشَّافِعِيّ وَأحمد, فَإِنَّهُ مَذْهَب الصَّحَابَة الَّذِي تلقوهُ عَن
نَبِيّهم ☺, وَمن خَالف ذَلِك كَانَ مبتدعاً عِنْد أهل السّنة وَالْجَمَاعَة,
فَإِنَّهُم مُتَّفقون على أَنَّ إِجْمَاع الصَّحَابَة حجَّة, ومُتنازعون فِي
إِجْمَاع من بعدهمْ.] (شمس الدِّين أبو عبد
الله الذَّهبي (ت748هـ): المنتقى من منهاج الاعتدال في نقض كلام أهل الرفض
والاعتزال, صـ113).
[94] قال تعالى: ▬وَالسَّابِقُونَ
الأَوَّلُونَ مِنَ الْمُهَاجِرِينَ وَالأَنصَارِ وَالَّذِينَ اتَّبَعُوهُم
بِإِحْسَانٍ رَّضِيَ اللّهُ عَنْهُمْ وَرَضُواْ عَنْهُ وَأَعَدَّ لَهُمْ جَنَّاتٍ
تَجْرِي تَحْتَهَا الأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا أَبَداً ذَلِكَ الْفَوْزُ
الْعَظِيمُ♂ [التوبة : 100]
قال
تعالى: ▬لَقَدْ رَضِيَ اللَّهُ عَنِ
الْمُؤْمِنِينَ إِذْ يُبَايِعُونَكَ تَحْتَ الشَّجَرَةِ فَعَلِمَ مَا فِي
قُلُوبِهِمْ فَأَنزَلَ السَّكِينَةَ عَلَيْهِمْ وَأَثَابَهُمْ فَتْحاً
قَرِيباً♂ [الفتح : 18]
قال
تعالى: ▬لَقَد تَّابَ الله عَلَى النَّبِيِّ
وَالْمُهَاجِرِينَ وَالأَنصَارِ الَّذِينَ اتَّبَعُوهُ فِي سَاعَةِ الْعُسْرَةِ مِن
بَعْدِ مَا كَادَ يَزِيغُ قُلُوبُ فَرِيقٍ مِّنْهُمْ ثُمَّ تَابَ عَلَيْهِمْ
إِنَّهُ بِهِمْ رَؤُوفٌ رَّحِيمٌ♂ [التوبة : 117]
قال
تعالى: ▬لِلْفُقَرَاء الْمُهَاجِرِينَ الَّذِينَ
أُخْرِجُوا مِن دِيارِهِمْ وَأَمْوَالِهِمْ يَبْتَغُونَ فَضْلاً مِّنَ اللَّهِ
وَرِضْوَاناً وَيَنصُرُونَ اللَّهَ وَرَسُولَهُ أُوْلَئِكَ هُمُ الصَّادِقُونَ
(8) وَالَّذِينَ تَبَوَّؤُوا الدَّارَ
وَالْإِيمَانَ مِن قَبْلِهِمْ يُحِبُّونَ مَنْ هَاجَرَ إِلَيْهِمْ وَلَا يَجِدُونَ
فِي صُدُورِهِمْ حَاجَةً مِّمَّا أُوتُوا وَيُؤْثِرُونَ عَلَى أَنفُسِهِمْ وَلَوْ
كَانَ بِهِمْ خَصَاصَةٌ وَمَن يُوقَ شُحَّ نَفْسِهِ فَأُوْلَئِكَ هُمُ
الْمُفْلِحُونَ (9) وَالَّذِينَ
جَاؤُوا مِن بَعْدِهِمْ يَقُولُونَ رَبَّنَا اغْفِرْ لَنَا وَلِإِخْوَانِنَا
الَّذِينَ سَبَقُونَا بِالْإِيمَانِ وَلَا تَجْعَلْ فِي قُلُوبِنَا غِلّاً
لِّلَّذِينَ آمَنُوا رَبَّنَا إِنَّكَ رَؤُوفٌ رَّحِيمٌ (10)♂ [الحشر :
8-10]
قال
تعالى: ▬وَالَّذِينَ آمَنُواْ وَهَاجَرُواْ
وَجَاهَدُواْ فِي سَبِيلِ اللّهِ وَالَّذِينَ آوَواْ وَّنَصَرُواْ أُولَـئِكَ هُمُ
الْمُؤْمِنُونَ حَقّاً لَّهُم مَّغْفِرَةٌ وَرِزْقٌ كَرِيمٌ (74)
وَالَّذِينَ آمَنُواْ مِن بَعْدُ وَهَاجَرُواْ
وَجَاهَدُواْ مَعَكُمْ فَأُوْلَـئِكَ مِنكُمْ وَأُوْلُواْ الأَرْحَامِ بَعْضُهُمْ
أَوْلَى بِبَعْضٍ فِي كِتَابِ اللّهِ إِنَّ اللّهَ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ
(75)♂ [الأنفال : 74-75]
قال
تعالى: ▬وَالسَّابِقُونَ السَّابِقُونَ
(10) أُوْلَئِكَ الْمُقَرَّبُونَ
(11) فِي جَنَّاتِ النَّعِيمِ
(12) ثُلَّةٌ مِّنَ الْأَوَّلِينَ
(13) وَقَلِيلٌ مِّنَ الْآخِرِينَ
(14) عَلَى سُرُرٍ مَّوْضُونَةٍ
(15) مُتَّكِئِينَ عَلَيْهَا
مُتَقَابِلِينَ (16)♂ [الواقعة : 10-16]
قال
تعالى: ▬مُّحَمَّدٌ رَّسُولُ اللَّهِ وَالَّذِينَ
مَعَهُ أَشِدَّاء عَلَى الْكُفَّارِ رُحَمَاء بَيْنَهُمْ تَرَاهُمْ رُكَّعاً
سُجَّداً يَبْتَغُونَ فَضْلاً مِّنَ اللَّهِ وَرِضْوَاناً سِيمَاهُمْ فِي
وُجُوهِهِم مِّنْ أَثَرِ السُّجُودِ ذَلِكَ مَثَلُهُمْ فِي التَّوْرَاةِ
وَمَثَلُهُمْ فِي الْإِنجِيلِ كَزَرْعٍ أَخْرَجَ شَطْأَهُ فَآزَرَهُ فَاسْتَغْلَظَ
فَاسْتَوَى عَلَى سُوقِهِ يُعْجِبُ الزُّرَّاعَ لِيَغِيظَ بِهِمُ الْكُفَّارَ
وَعَدَ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ مِنْهُم مَّغْفِرَةً
وَأَجْراً عَظِيماً♂ [الفتح : 29]
قال
تعالى: ▬الَّذِينَ يَتَّبِعُونَ الرَّسُولَ
النَّبِيَّ الأُمِّيَّ الَّذِي يَجِدُونَهُ مَكْتُوباً عِندَهُمْ فِي التَّوْرَاةِ
وَالإِنْجِيلِ يَأْمُرُهُم بِالْمَعْرُوفِ وَيَنْهَاهُمْ عَنِ الْمُنكَرِ وَيُحِلُّ
لَهُمُ الطَّيِّبَاتِ وَيُحَرِّمُ عَلَيْهِمُ الْخَبَآئِثَ وَيَضَعُ عَنْهُمْ إِصْرَهُمْ وَالأَغْلاَلَ
الَّتِي كَانَتْ عَلَيْهِمْ فَالَّذِينَ آمَنُواْ بِهِ وَعَزَّرُوهُ وَنَصَرُوهُ
وَاتَّبَعُواْ النُّورَ الَّذِيَ أُنزِلَ مَعَهُ أُوْلَـئِكَ هُمُ
الْمُفْلِحُونَ♂ [الأعراف : 157]
[95] قال رسول الله ☺: «خَيْرُكُمْ
قَرْنِي، ثُمَّ الَّذِينَ يَلُونَهُمْ، ثُمَّ الَّذِينَ
يَلُونَهُمْ» (صحيح البُخاري 2651)
قال
رسول الله ☺: «النُّجُومُ أَمَنَةٌ لِلسَّمَاءِ،
فَإِذَا ذَهَبَتِ النُّجُومُ أَتَى السَّمَاءَ مَا تُوعَدُ، وَأَنَا أَمَنَةٌ
لِأَصْحَابِي، فَإِذَا ذَهَبْتُ أَتَى أَصْحَابِي مَا يُوعَدُونَ، وَأَصْحَابِي
أَمَنَةٌ لِأُمَّتِي، فَإِذَا ذَهَبَ أَصْحَابِي أَتَى أُمَّتِي مَا
يُوعَدُونَ» (صحيح مُسلم 2531).
قال
رسول الله ☺: «لَيَأْتِيَنَّ عَلَى أُمَّتِي مَا
أَتَى عَلَى بني إسرائيل حَذْوَ النَّعْلِ بِالنَّعْلِ، حَتَّى إِنْ كَانَ مِنْهُمْ
مَنْ أَتَى أُمَّهُ عَلَانِيَةً لَكَانَ فِي أُمَّتِي مَنْ يَصْنَعُ ذَلِكَ،
وَإِنَّ بني إسرائيل تَفَرَّقَتْ عَلَى ثِنْتَيْنِ وَسَبْعِينَ مِلَّةً،
وَتَفْتَرِقُ أُمَّتِي عَلَى ثَلَاثٍ وَسَبْعِينَ مِلَّةً، كُلُّهُمْ فِي النَّارِ
إِلَّا مِلَّةً وَاحِدَةً»، قَالُوا: «وَمَا هِيَ يَا رَسُولَ اللَّهِ؟», قَالَ:
«مَا أَنَا عَلَيْهِ وَأَصْحَابِي»
(سُنَن التّرمذي 2641, حسَّنه الألباني).
قال
رسول الله ☺: «إِنِّي لَسْتُ أَدْرِي مَا قَدْرُ
بَقَائِي فِيكُمْ، فَاقْتَدُوا بِاللَّذَيْنِ مِنْ بَعْدِي - يُشِيرُ إِلَى أَبِي
بَكْرٍ وَعُمَرَ - وَاهْدُوا هَدْيَ عَمَّارٍ وَعَهْدَ ابْنِ أُمِّ
عَبْدٍ» (مُسند أحمد 23386, حديث حَسَن بطُرُقه
وشواهده).
قال
رسول الله ☺: «قَدْ تَرَكْتُكُمْ عَلَى
الْبَيْضَاءِ لَيْلُهَا كَنَهَارِهَا لَا يَزِيغُ عَنْهَا بَعْدِي إِلَّا هَالِكٌ،
وَمَنْ يَعِشْ مِنْكُمْ، فَسَيَرَى اخْتِلَافًا كَثِيرًا، فَعَلَيْكُمْ بِمَا
عَرَفْتُمْ مِنْ سُنَّتِي وَسُنَّةِ الْخُلَفَاءِ الرَّاشِدِينَ الْمَهْدِيِّينَ،
وَعَلَيْكُمْ بِالطَّاعَةِ، وَإِنْ عَبْدًا حَبَشِيًّا عَضُّوا عَلَيْهَا
بِالنَّوَاجِذِ، فَإِنَّمَا الْمُؤْمِنُ كَالْجَمَلِ الْأَنِفِ حَيْثُمَا انْقِيدَ انْقَادَ» (مُسند أحمد 17142, حديث صحيح
بطُرُقه وشواهده، وهذا إسناد حَسَن).
قال
عبد الله بن مسعود ◙: «إِنَّ اللَّهَ نَظَرَ فِي
قُلُوبِ الْعِبَادِ، فَوَجَدَ قَلْبَ مُحَمَّدٍ ☺ خَيْرَ قُلُوبِ الْعِبَادِ،
فَاصْطَفَاهُ لِنَفْسِهِ، فَابْتَعَثَهُ بِرِسَالَتِهِ،
ثُمَّ نَظَرَ فِي قُلُوبِ الْعِبَادِ بَعْدَ قَلْبِ مُحَمَّدٍ، فَوَجَدَ قُلُوبَ
أَصْحَابِهِ خَيْرَ قُلُوبِ الْعِبَادِ، فَجَعَلَهُمْ وُزَرَاءَ نَبِيِّهِ،
يُقَاتِلُونَ عَلَى دِينِهِ، فَمَا رَأَى الْمُسْلِمُونَ حَسَنًا، فَهُوَ عِنْدَ
اللَّهِ حَسَنٌ، وَمَا رَأَوْا سَيِّئًا فَهُوَ عِنْدَ اللَّهِ سَيِّئٌ»
(مُسند أحمد 3600, إسناده حَسَن).
[96] الخُلاصة فيما نُقِلَ عن قال الإمام مالك
رحمه الله أنَّه قال: [وَلَا يُصْلِح آخِر
هَذِه الْأُمَّة إلَّا مَا أصْلَح أوَّلَهَا.]
(أبو
الفضل القاضي عياض بن موسى اليحصبي (ت544هـ): الشِّفا
بتعريف حُقُوق المصطفى, دار الفكر, المُجلَّد الثاني,
صـ88)
[97] عبد العزيز بن عبد الله بن باز
(ت1420هـ): مجموع فتاوى العلَّامة عبد العزيز بن باز رحمه الله, الطَّبعة
الثانية, المُجلَّد الأول, رسالة: وُجُوب تحكيم شرع الله ونبذ ما خالفه,
صـ72-81. http://www.binbaz.org.sa/mat/8747
[98] قال تعالى: ▬فَلا وَرَبِّكَ لا
يُؤْمِنُونَ حَتَّى يُحَكِّمُوكَ فِيمَا شَجَرَ بَيْنَهُمْ ثُمَّ لا يَجِدُوا فِي
أَنْفُسِهِمْ حَرَجًا مِمَّا قَضَيْتَ وَيُسَلِّمُوا تَسْلِيمًا♂
[النساء : 65].
وقال
تعالى: ▬أَفَحُكْمَ الْجَاهِلِيَّةِ يَبْغُونَ
وَمَنْ أَحْسَنُ مِنَ اللَّهِ حُكْمًا لِقَوْمٍ يُوقِنُونَ♂ [المائدة :
50].
[99] قال تعالى: ▬أَلَمْ تَرَ إِلَى
الَّذِينَ يَزْعُمُونَ أَنَّهُمْ آمَنُوا بِمَا أُنْزِلَ إِلَيْكَ وَمَا أُنْزِلَ
مِنْ قَبْلِكَ يُرِيدُونَ أَنْ يَتَحَاكَمُوا إِلَى الطَّاغُوتِ وَقَدْ أُمِرُوا
أَنْ يَكْفُرُوا بِهِ وَيُرِيدُ الشَّيْطَانُ أَنْ يُضِلَّهُمْ ضَلالًا
بَعِيدًا♂ [النساء : 60].
[100] ▬إِنَّا أَنزَلْنَا التَّوْرَاةَ
فِيهَا هُدًى وَنُورٌ يَحْكُمُ بِهَا
النَّبِيُّونَ الَّذِينَ أَسْلَمُواْ لِلَّذِينَ هَادُواْ وَالرَّبَّانِيُّونَ
وَالأَحْبَارُ بِمَا اسْتُحْفِظُواْ مِن كِتَابِ اللّهِ وَكَانُواْ عَلَيْهِ
شُهَدَاء فَلاَ تَخْشَوُاْ النَّاسَ
وَاخْشَوْنِ وَلاَ تَشْتَرُواْ بِآيَاتِي ثَمَناً قَلِيلاً وَمَن لَّمْ يَحْكُم بِمَا أَنزَلَ اللّهُ فَأُوْلَـئِكَ هُمُ
الْكَافِرُونَ (44) وَكَتَبْنَا عَلَيْهِمْ فِيهَا أَنَّ النَّفْسَ بِالنَّفْسِ
وَالْعَيْنَ بِالْعَيْنِ وَالأَنفَ بِالأَنفِ وَالأُذُنَ بِالأُذُنِ وَالسِّنَّ
بِالسِّنِّ وَالْجُرُوحَ قِصَاصٌ فَمَن تَصَدَّقَ بِهِ فَهُوَ كَفَّارَةٌ لَّهُ
وَمَن لَّمْ يَحْكُم بِمَا أنزَلَ اللّهُ
فَأُوْلَـئِكَ هُمُ الظَّالِمُونَ
(45) وَقَفَّيْنَا عَلَى آثَارِهِم
بِعَيسَى ابْنِ مَرْيَمَ مُصَدِّقاً لِّمَا بَيْنَ يَدَيْهِ مِنَ التَّوْرَاةِ
وَآتَيْنَاهُ الإِنجِيلَ فِيهِ هُدًى وَنُورٌ وَمُصَدِّقاً لِّمَا بَيْنَ يَدَيْهِ
مِنَ التَّوْرَاةِ وَهُدًى وَمَوْعِظَةً لِّلْمُتَّقِينَ (46) وَلْيَحْكُمْ
أَهْلُ الإِنجِيلِ بِمَا أَنزَلَ اللّهُ فِيهِ وَمَن لَّمْ يَحْكُم بِمَا أَنزَلَ اللّهُ فَأُوْلَـئِكَ هُمُ
الْفَاسِقُونَ (47) وَأَنزَلْنَا إِلَيْكَ الْكِتَابَ بِالْحَقِّ مُصَدِّقاً
لِّمَا بَيْنَ يَدَيْهِ مِنَ الْكِتَابِ وَمُهَيْمِناً عَلَيْهِ فَاحْكُم بَيْنَهُم بِمَا أَنزَلَ
اللّهُ وَلاَ تَتَّبِعْ أَهْوَاءهُمْ عَمَّا جَاءكَ مِنَ الْحَقِّ لِكُلٍّ جَعَلْنَا مِنكُمْ شِرْعَةً وَمِنْهَاجاً وَلَوْ
شَاء اللّهُ لَجَعَلَكُمْ أُمَّةً وَاحِدَةً وَلَـكِن لِّيَبْلُوَكُمْ فِي مَا
آتَاكُم فَاسْتَبِقُوا الخَيْرَاتِ إِلَى الله مَرْجِعُكُمْ جَمِيعاً
فَيُنَبِّئُكُم بِمَا كُنتُمْ فِيهِ تَخْتَلِفُونَ (48)♂ [سورة المائدة]
هذه
الآيات الكريمات تحكي القصَّة من بداية موسى ♠. فإنَّ الله عزَّ وجلَّ أنزل
التَّوراة وفيها حُكمه وشريعته, واستحفظ بني إسرائيل عليها, فأمرهم أن لا
يُحرِّفوها, وأن يتحاكموا إليها ... إلخ, ولكنَّهم لم يحفظوا التَّوراة ولم يلتزموا
بشريعة الله, فأخبر الله عزَّ وجلَّ أنَّ اليهود كفروا بتركهم شريعة الله عزَّ
وجلَّ وظلموا أنفسهم حينما لجأوا لشرائع وضعية دنيوية حقيرة. ثمَّ حكى الله عزَّ
وجلَّ عن بني إسرائيل في زمن المسيح عيسى ابن مريم ♠, وأنَّ الله عزَّ وجلَّ أنزل
الإنجيل وفيه حُكمه وشريعته, ولكنَّ النَّصارى فسقوا عن أمرٍ ربِّهم, ولم يتَّبعوا
إنجيل المسيح ♠, واخترعوا لأنفسهم أناجيل كتبوها بأيديهم ثمَّ قالوا إنَّها من عند
الله! وفي النِّهاية, أنزل اللهُ عزَّ وجلَّ القرآن
الكريم. الكتاب المُهيمن على كلّ الكُتُب السَّماوية السَّابقة. الكتاب الذي
يُغنينا عن أي كتاب سابق أنزله الله عزَّ وجلَّ على اليهود والنَّصارى, بل إنَّ
القرآن الكريم يفضح ما فعله اليهود والنَّصارى من تحريف وتبديل وتغيير وإضافة وحذف
في الكُتُب السَّماوية السَّابقة, فعلينا أن لا نتَّبع أهواء اليهود والنَّصارى,
وأن نلتزم ما أنزله الله علينا من الحقّ.
[101] قال تعالى: ▬وَأَنِ احْكُم
بَيْنَهُم بِمَآ أَنزَلَ اللّهُ وَلاَ تَتَّبِعْ أَهْوَاءهُمْ وَاحْذَرْهُمْ أَن
يَفْتِنُوكَ عَن بَعْضِ مَا أَنزَلَ اللّهُ إِلَيْكَ فَإِن تَوَلَّوْاْ فَاعْلَمْ
أَنَّمَا يُرِيدُ اللّهُ أَن يُصِيبَهُم بِبَعْضِ ذُنُوبِهِمْ وَإِنَّ كَثِيرًا
مِّنَ النَّاسِ لَفَاسِقُونَ *
أَفَحُكْمَ الْجَاهِلِيَّةِ يَبْغُونَ وَمَنْ
أَحْسَنُ مِنَ اللَّهِ حُكْمًا لِقَوْمٍ يُوقِنُونَ♂ [المائدة :
49-50].
وقال
تعالى: ▬فَلْيَحْذَرِ الَّذِينَ يُخَالِفُونَ عَنْ
أَمْرِهِ أَنْ تُصِيبَهُمْ فِتْنَةٌ أَوْ يُصِيبَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ♂
[النور : 63]
وقال
تعالى: ▬فَلاَ وَرَبِّكَ لاَ يُؤْمِنُونَ حَتَّىَ
يُحَكِّمُوكَ فِيمَا شَجَرَ بَيْنَهُمْ ثُمَّ لاَ يَجِدُواْ فِي أَنفُسِهِمْ
حَرَجاً مِّمَّا قَضَيْتَ وَيُسَلِّمُواْ تَسْلِيماً♂ [النساء :
65]
وقال
تعالى: ▬اتَّبِعُواْ مَا أُنزِلَ إِلَيْكُم مِّن
رَّبِّكُمْ وَلاَ تَتَّبِعُواْ مِن دُونِهِ أَوْلِيَاء قَلِيلاً مَّا
تَذَكَّرُونَ♂ [الأعراف :
3]
وقال
تعالى: ▬وَمَا كَانَ لِمُؤْمِنٍ وَلَا مُؤْمِنَةٍ
إِذَا قَضَى اللَّهُ وَرَسُولُهُ أَمْراً أَن يَكُونَ لَهُمُ الْخِيَرَةُ مِنْ
أَمْرِهِمْ وَمَن يَعْصِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ ضَلَّ ضَلَالاً
مُّبِيناً♂ [الأحزاب :
36]
[102] قال تعالى: ▬والَّذِينَ
يُؤْمِنُونَ بِمَا أُنزِلَ إِلَيْكَ وَمَا
أُنزِلَ مِن قَبْلِكَ وَبِالآخِرَةِ هُمْ
يُوقِنُونَ (4)♂
[البقرة]
قال
تعالى: ▬الم (1) اللّهُ لا
إِلَـهَ إِلاَّ هُوَ الْحَيُّ الْقَيُّومُ
(2) نَزَّلَ عَلَيْكَ الْكِتَابَ
بِالْحَقِّ مُصَدِّقاً لِّمَا بَيْنَ يَدَيْهِ وَأَنزَلَ التَّوْرَاةَ وَالإِنجِيلَ (3) مِن قَبْلُ
هُدًى لِّلنَّاسِ وَأَنزَلَ الْفُرْقَانَ إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُواْ بِآيَاتِ
اللّهِ لَهُمْ عَذَابٌ شَدِيدٌ وَاللّهُ عَزِيزٌ ذُو انتِقَامٍ (4)♂ [آل عمران : 1-4]
قال
تعالى: ▬لَّـكِنِ الرَّاسِخُونَ فِي الْعِلْمِ
مِنْهُمْ وَالْمُؤْمِنُونَ يُؤْمِنُونَ بِمَا أُنزِلَ إِلَيكَ وَمَا أُنزِلَ مِن قَبْلِكَ وَالْمُقِيمِينَ الصَّلاَةَ وَالْمُؤْتُونَ الزَّكَاةَ
وَالْمُؤْمِنُونَ بِاللّهِ وَالْيَوْمِ الآخِرِ أُوْلَـئِكَ سَنُؤْتِيهِمْ أَجْراً
عَظِيماً (162) إِنَّا أَوْحَيْنَا إِلَيْكَ كَمَا أَوْحَيْنَا إِلَى نُوحٍ
وَالنَّبِيِّينَ مِن بَعْدِهِ وَأَوْحَيْنَا إِلَى إِبْرَاهِيمَ وَإِسْمَاعِيلَ
وَإِسْحَاقَ وَيَعْقُوبَ وَالأَسْبَاطِ وَعِيسَى وَأَيُّوبَ وَيُونُسَ وَهَارُونَ
وَسُلَيْمَانَ وَآتَيْنَا دَاوُودَ
زَبُوراً (163)♂
[النساء]
قال
تعالى: ▬وَقَفَّيْنَا عَلَى آثَارِهِم بِعَيسَى
ابْنِ مَرْيَمَ مُصَدِّقاً لِّمَا بَيْنَ
يَدَيْهِ مِنَ التَّوْرَاةِ وَآتَيْنَاهُ الإِنجِيلَ فِيهِ هُدًى
وَنُورٌ وَمُصَدِّقاً لِّمَا بَيْنَ
يَدَيْهِ مِنَ التَّوْرَاةِ وَهُدًى وَمَوْعِظَةً لِّلْمُتَّقِينَ (46)♂ [المائدة]
قال
تعالى: ▬قَالَ يَا مُوسَى إِنِّي اصْطَفَيْتُكَ
عَلَى النَّاسِ بِرِسَالاَتِي وَبِكَلاَمِي فَخُذْ مَا آتَيْتُكَ وَكُن مِّنَ
الشَّاكِرِينَ (144) وَكَتَبْنَا لَهُ فِي الأَلْوَاحِ مِن كُلِّ
شَيْءٍ مَّوْعِظَةً وَتَفْصِيلاً لِّكُلِّ
شَيْءٍ فَخُذْهَا بِقُوَّةٍ وَأْمُرْ قَوْمَكَ يَأْخُذُواْ بِأَحْسَنِهَا
سَأُرِيكُمْ دَارَ الْفَاسِقِينَ
(145)♂ [الأعراف : 144-145]
قال
تعالى: ▬أَفَمَن كَانَ عَلَى بَيِّنَةٍ مِّن
رَّبِّهِ وَيَتْلُوهُ شَاهِدٌ مِّنْهُ وَمِن
قَبْلِهِ كِتَابُ مُوسَى إَمَاماً وَرَحْمَةً أُوْلَـئِكَ يُؤْمِنُونَ بِهِ وَمَن يَكْفُرْ بِهِ مِنَ
الأَحْزَابِ فَالنَّارُ مَوْعِدُهُ فَلاَ تَكُ فِي مِرْيَةٍ مِّنْهُ إِنَّهُ
الْحَقُّ مِن رَّبِّكَ وَلَـكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لاَ
يُؤْمِنُونَ (17)♂
[هود]
قال
تعالى: ▬وَلَقَدْ آتَيْنَا مُوسَى
الْكِتَابَ فَاخْتُلِفَ فِيهِ وَلَوْلاَ
كَلِمَةٌ سَبَقَتْ مِن رَّبِّكَ لَقُضِيَ بَيْنَهُمْ وَإِنَّهُمْ لَفِي شَكٍّ
مِّنْهُ مُرِيبٍ (110)♂
[هود]
قال
تعالى: ▬وَآتَيْنَا مُوسَى
الْكِتَابَ وَجَعَلْنَاهُ هُدًى لِّبَنِي
إِسْرَائِيلَ أَلاَّ تَتَّخِذُواْ مِن دُونِي وَكِيلاً (2)♂ [الإسراء]
قال
تعالى: ▬وَرَبُّكَ أَعْلَمُ بِمَن فِي
السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ وَلَقَدْ فَضَّلْنَا بَعْضَ النَّبِيِّينَ عَلَى بَعْضٍ
وَآتَيْنَا دَاوُودَ زَبُوراً♂
[الإسراء : 55]
قال
تعالى: ▬وَلَقَدْ آتَيْنَا مُوسَى وَهَارُونَ
الْفُرْقَانَ وَضِيَاء وَذِكْراً
لِّلْمُتَّقِينَ (48)♂
[الأنبياء]
قال
تعالى: ▬وَلَقَدْ كَتَبْنَا فِي
الزَّبُورِ مِن بَعْدِ الذِّكْرِ أَنَّ
الْأَرْضَ يَرِثُهَا عِبَادِيَ الصَّالِحُونَ (105)♂ [الأنبياء]
قال
تعالى: ▬وَلَقَدْ آتَيْنَا مُوسَى
الْكِتَابَ وَجَعَلْنَا مَعَهُ أَخَاهُ
هَارُونَ وَزِيراً (35)♂
[الفرقان]
قال
تعالى: ▬وَإِن يُكَذِّبُوكَ فَقَدْ كَذَّبَ
الَّذِينَ مِن قَبْلِهِمْ جَاءتْهُمْ رُسُلُهُم
بِالْبَيِّنَاتِ وَبِالزُّبُرِ وَبِالْكِتَابِ الْمُنِيرِ (25)♂ [فاطر]
قال
تعالى: ▬وَلَقَدْ آتَيْنَا مُوسَى الْهُدَى
وَأَوْرَثْنَا بَنِي إِسْرَائِيلَ
الْكِتَابَ (53)♂
[غافر]
قال
تعالى: ▬وَمِن قَبْلِهِ كِتَابُ مُوسَى إِمَاماً
وَرَحْمَةً وَهَذَا كِتَابٌ مُّصَدِّقٌ
لِّسَاناً عَرَبِيّاً لِّيُنذِرَ الَّذِينَ ظَلَمُوا وَبُشْرَى
لِلْمُحْسِنِينَ (12)♂
[الأحقاف]
قال
تعالى: ▬إِنَّ هَذَا لَفِي الصُّحُفِ
الْأُولَى (18) صُحُفِ إِبْرَاهِيمَ وَمُوسَى (19)♂ [الأعلى :
18-19]
[103] قال تعالى: ▬إِنَّا أَنزَلْنَا
التَّوْرَاةَ فِيهَا هُدًى وَنُورٌ يَحْكُمُ
بِهَا النَّبِيُّونَ الَّذِينَ أَسْلَمُواْ لِلَّذِينَ هَادُواْ
وَالرَّبَّانِيُّونَ وَالأَحْبَارُ بِمَا اسْتُحْفِظُواْ مِن كِتَابِ اللّهِ
وَكَانُواْ عَلَيْهِ شُهَدَاء فَلاَ
تَخْشَوُاْ النَّاسَ وَاخْشَوْنِ وَلاَ تَشْتَرُواْ بِآيَاتِي ثَمَناً قَلِيلاً
وَمَن لَّمْ يَحْكُم بِمَا أَنزَلَ اللّهُ فَأُوْلَـئِكَ هُمُ
الْكَافِرُونَ♂ [المائدة : 44]
هذه
الآية هي العُمدة في بيان أنَّ الله عزَّ وجلَّ لم يتعهَّد بحفظ الكُتُب التي
أنزلها على أنبياء بني إسرائيل, ولكنَّه استحفظهم عليها.
قال
الإمام أبو منصور الماتريدي رحمه الله: [وقوله: ▬بِمَا
اسْتُحْفِظُوا مِنْ كِتَابِ اللَّهِ♂ هو
طَلَب الحِفْظ، أي: بما جعل إليهم الحفظ.]
(أبو
منصور محمد الماتريدي (ت333هـ): تأويلات أهل السُّنَّة, دار الكُتُب العلمية
ببيروت، الطَّبعة الأولى، المُجلَّد الثالث, صـ527).
وقال
أيضاً في موضعٍ آخر: [وأمّا الكُتُب
السَّالفة, فإنَّما جعل حفظها إليهم بقوله: ▬بِمَا اسْتُحْفِظُوا مِنْ كِتَابِ اللَّهِ♂ فهو - واللَّهُ أعلم - لِمَا احتمل شرائعها وأحكامها
نسخها وتبديلها.] (المرجع السابق,
المُجلَّد السادس, صـ189).
قال
الإمام محمد الشنقيطي رحمه الله: [أَخْبَرَ تَعَالَى فِي هَذِهِ الْآيَةِ الْكَرِيمَةِ أَنَّ
الْأَحْبَارَ وَالرُّهْبَانَ اسْتَحْفَظُوا كِتَابَ اللَّهِ يَعْنِي
اسْتَوْدَعُوهُ، وَطَلَبَ مِنْهُمْ حِفْظَهُ، وَلَمْ يُبَيِّنْ هُنَا هَلِ
امْتَثَلُوا الْأَمْرَ فِي ذَلِكَ وَحَفِظُوهُ، أَوْ لَمْ يَمْتَثِلُوا الْأَمْرَ
فِي ذَلِكَ وَضَيَّعُوهُ؟ وَلَكِنَّهُ بَيَّنَ فِي مَوَاضِعَ أُخَرَ أَنَّهُمْ لَمْ
يَمْتَثِلُوا الْأَمْرَ، وَلَمْ يَحْفَظُوا مَا اسْتُحْفِظُوهُ، بَلْ حَرَّفُوهُ وَبَدَّلُوهُ
عَمْدًا.] (محمد الأمين الشنقيطي (ت1393هـ): أضواء البيان في
إيضاح القرآن بالقرآن, دار الفكر ببيروت, المُجلَّد الأوَّل,
صـ404).
قال
الشيخ محمد سيد طنطاوي رحمه الله: [وقوله ▬اسْتُحْفِظُوا♂ من
الاستحفاظ, بمعنى طَلَب الحِفْظ بعناية وفهم، إذ أنَّ «السِّين» و
«التّاء» للطَّلب، والضَّمير في ▬اسْتُحْفِظُوا♂
يعود على النَّبيين والرَّبانيين والأحبار. (...) ويصِحّ أن يكون قوله
▬بِمَا اسْتُحْفِظُوا♂ مُتعلِّقاً بالرَّبانيين والأحبار، وأن يكون الضَّمير
عائداً عليهم وحدهم. أي: على الرَّبانيين والأحبار, ويكون الاستحفاظ بمعنى أنَّ
الأنبياء قد طلبوا منهم حفظه وتطبيق أحكامه.]
(التفسير
الوسيط للقرآن الكريم, دار نهضة مصر بالقاهرة, الطَّبعة الأولى, المُجلَّد الرابع,
صـ165).
وهُناك
من العُلماء من قارن بين حال القرآن الكريم في قوله تعالى: ▬وَإِنَّا لَهُ لَحَافِظُونَ♂ [الحجر :
9],
وحال الكتُبُ الأُخرى في قوله: ▬بِمَا
اسْتُحْفِظُواْ♂
قال
الإمام القرطبي رحمه الله: [▬وَإِنَّا لَهُ لَحَافِظُونَ♂ من أن يزاد فيه أو ينقص منه. قال قتادة وثابت البُنَانيّ: حفِظه الله من أن تزيد فيه الشياطين باطلاً أو
تنقُص منه حقاً؛ فتولّى سبحانه حفظه فلم يزل محفوظاً, وقال في غيره:
▬بِمَا اسْتُحْفِظُواْ♂ [المائدة: 44]، فوَكَل حفظه إليهم فبدّلوا
وغيروا.]
(أبو
عبد الله شمس الدين القرطبي (ت671 هـ): الجامع لأحكام القرآن, دار عالم
الكتب بالرياض, المجلد العاشر, صـ5)
قال
الإمام أبو القاسم الكلبي رحمه الله: [ومعنى
حفظه: حراسته عن التبديل والتغيير، كما جرى في غيره من الكتب، فتولى الله حفظ
القرآن، فلم يقدر أحد على الزيادة فيه ولا النقصان منه ولا تبديله, بخلاف غيره من
الكتب، فإن حفظها موكول إلى أهلها لقوله: ▬بِمَا اسْتُحْفِظُوا مِن كِتَابِ اللهِ♂]
(أبو
القاسم محمد الكلبي (ت741 هـ): التَّسهيل
لعُلُوم التَّنزيل, دار الكتب العلمية ببيروت, الجزء الأول,
صـ450.)
قال
الإمام أبو محمد القيرواني رحمه الله: [وقد أخبرنا الله أنَّهم استحفظوا كتابهم، وأعلمنا أنَّهم
بدَّلوا وغيّروا، وأعلمنا تعالى أنَّه يحفظ علينا ما أنزله من القرآن, فقال:
▬وَإِنَّا لَهُ
لَحَافِظُونَ♂ [الحجر: 9], فغير جائز أن
يُبدِّل أحدٌ, أو يُغيِّر ما حفظه الله علينا، فنحن أُمَّة محمد ☺ برآء من
التَّبديل والتَّغيير لشيء من كتاب الله، إذ الله تولى حفظه علينا، ولم يُسلِّم أهل
التَّوراة من ذلك، إذ الله استحفظهم عليه فخانوا، ولم يحفظه
هو.]
(أبو محمد مكي بن أبي طالب القيرواني (ت437هـ): الهداية إلى
بُلُوغ النِّهاية, كلية الشريعة بجامعة الشَّارقة, الطَّبعة الأولى، المُجلَّد
الثالث, صـ1730)
وقال
أيضاً في موضعٍ آخر: [فأعلم اللهُ جلَّ ذكره
أنَّه المُتولِّي لحفظ كتابه علينا، ولم يكل ذلك إلينا، فَسَلِمَ من التَّغير. ولو
وكلَّه إلينا لم نأمن أن يُغيِّره ويُبدِّله زنادقة هذه الأُمَّة، فالحمد لله على
ذلك، وقد وكَّل اللهُ حِفْظ التَّوراة والإنجيل إلى اليهود والنَّصارى فغيَّروه
وبدَّلوا. وقد سُئل سُفيان بن عُيينة فقيل له: كيف
غُيِّرت التَّوراة والإنجيل وهُما من عند الله؟!, فقال: إنَّ الله جلَّ ثناؤه وكَّل
حفظهما إليهما، فقال جلَّ ذكره: ▬بِمَا
استحفظوا مِن كِتَابِ الله♂, ولم يكل حِفظ
القُرآن إلى أحد، فقال جلَّ ذكره: ▬إِنَّا
نَحْنُ نَزَّلْنَا الذكر وَإِنَّا لَهُ لَحَافِظُونَ♂، فما حفظه الله علينا لم يُغيَّر.] (المرجع السَّابق، المُجلَّد الثاني عشر,
صـ7876).
قال
الإمام القشيري رحمه الله: [يخبر أنَّه
استحفظ بنى إسرائيل التَّوراة فحرَّفوها، فلمَّا وُكِّل إليهم حفظها ضيَّعوها.
وأمَّا هذه الأُمَّة فخصَّهم بالقُرآن، وتولّى سُبحانه حفظه عليهم, فقال:
▬إِنَّا نَحْنُ نَزَّلْنَا الذِّكْرَ
وَإِنَّا لَهُ لَحافِظُونَ♂, فلا جرم لو
غيَّر واحدٌ حركةً أو سُكُوناً من القرآن لنادى الصِّبيان
بتخطيئه.]
(عبد
الكريم بن هوازن القشيري (ت465هـ): لطائف الإشارات, الهيئة المصرية العامة
للكتاب, الطَّبعة الثالثة, المُجلَّد الأوَّل, صـ425).
وقال
أيضاً في موضعٍ آخر: [أنزل التَّوراة وقد
وكَّل حفظها إلى بنى إسرائيل ▬بما استحفظوا
من كتاب الله♂، فحرَّفوا وبدَّلوا، وأنزل
الفُرقان, وأخبر أنَّه حافظه، وإنَّما يحفظه بقُرّائه, فقُلُوب القُرَّاء خزائن
كتابه، وهو لا يُضيِّع كتابه.] (المرجع السَّابق, المُجلَّد الثاني,
صـ264).
وقال
أيضاً: [كذلك فإنَّهم استحفظوا كتابهم
فبدَّلوه تبديلاً، بينما ضمن الحقُّ سُبحانه إعزاز هذا الكتاب بقوله:
▬إِنَّا نَحْنُ نَزَّلْنَا الذِّكْرَ
وَإِنَّا لَهُ لَحافِظُونَ♂.] (المرجع السَّابق, المُجلَّد الثاني,
صـ472).
قال
الإمام ابن عطية الأندلسي رحمه الله: [وقوله تعالى: ▬بِمَا اسْتُحْفِظُوا♂ أي بسبب استحفاظ الله تعالى إيَّاهم أمر التَّوراة, وأخذه
العهد عليهم في العَمَل والقول بها, وعرَّفهم ما فيها, فصاروا شُهداء عليه، وهؤلاء
ضيَّعوا لما استحفظوا حتى تبدَّلت التَّوراة، والقرآن بخلاف هذا لقوله تعالى:
▬وَإِنَّا لَهُ
لَحافِظُونَ♂ والحمد لله.]
(أبو محمد عبد الحق ابن عطية الأندلسي (ت542هـ): المحرر الوجيز في تفسير الكتاب
العزيز, دار الكُتُب العلمية ببيروت, الطَّبعة الأولى, المُجلَّد الثاني,
صـ196).
قال
الشيخ محمد سيد طنطاوي رحمه الله: [قال
بعض العُلماء: سئل القاضي إسماعيل البصري عن السِّر في تطرُّق التَّغيير للكُتُب
السَّالفة، وسلامة القُرآن من ذلك, فأجاب بقوله: إنَّ الله أوكل للأحبار حِفْظ
كُتُبهم فقال: ▬بما استحفظوا من كتاب
الله♂, وتولى سُبحانه حفظ القُرآن بذاته
فقال: ▬إِنَّا نَحْنُ نَزَّلْنَا الذِّكْرَ
وَإِنَّا لَهُ لَحافِظُونَ♂. وقد ذكر
الإمام القرطبي ما يشبه ذلك نقلاً عن سُفيان بن عُيينة
في قصَّة طويلة. والخُلاصة، أنَّ سلامة القُرآن من أي تحريف, رغم حِرْص الأعداء على
تحريفه, ورغم ما أصاب المُسلمين من أحداث جسام، ورغم تطاول القُرُون والدُّهُور,
دليلٌ ساطعٌ على أنَّ هُناك قُوَّة خارقة, خارجة عن قُوَّة البشر, قد تولَّت حفظ
هذا القُرآن، وهذه القُوَّة هي قُوَّة الله عزَّ وجلَّ, ولا يُماري في ذلك إلَّا الجاحد
الجهول.]
(التَّفسير
الوسيط للقرآن الكريم, دار نهضة مصر بالقاهرة, الطَّبعة الأولى, المُجلَّد الثامن,
صـ21)
معنى
الاستحفاظ, وأنَّ بني إسرائيل لم يحفظوا كتاب الله عزَّ وجلَّ من التَّحريف موجود
أيضاً في نُصُوص كثيرة من الكتاب المُقدَّس.
في
التَّثنية 31/25-29
(25 أَمَرَ مُوسَى
اللاوِيِّينَ حَامِلِي تَابُوتِ عَهْدِ الرَّبِّ: 26 «خُذُوا
كِتَابَ التَّوْرَاةِ هَذَا وَضَعُوهُ بِجَانِبِ تَابُوتِ عَهْدِ الرَّبِّ
إِلهِكُمْ لِيَكُونَ هُنَاكَ شَاهِداً عَليْكُمْ. 27 لأَنِّي
أَنَا عَارِفٌ تَمَرُّدَكُمْ وَرِقَابَكُمُ الصُّلبَةَ. هُوَ ذَا وَأَنَا بَعْدُ حَيٌّ مَعَكُمُ اليَوْمَ قَدْ صِرْتُمْ
تُقَاوِمُونَ الرَّبَّ فَكَمْ بِالحَرِيِّ بَعْدَ مَوْتِي! 28
اِجْمَعُوا إِليَّ كُل شُيُوخِ أَسْبَاطِكُمْ وَعُرَفَاءَكُمْ لأَنْطِقَ فِي
مَسَامِعِهِمْ بِهَذِهِ الكَلِمَاتِ وَأُشْهِدَ عَليْهِمِ السَّمَاءَ وَالأَرْضَ.
29 لأَنِّي
عَارِفٌ أَنَّكُمْ بَعْدَ مَوْتِي تَفْسِدُونَ وَتَزِيغُونَ عَنِ الطَّرِيقِ الذِي
أَوْصَيْتُكُمْ بِهِ وَيُصِيبُكُمُ الشَّرُّ فِي آخِرِ الأَيَّامِ لأَنَّكُمْ
تَعْمَلُونَ الشَّرَّ أَمَامَ الرَّبِّ حَتَّى تُغِيظُوهُ بِأَعْمَالِ
أَيْدِيكُمْ»).
في
رومية 3/1-4 (1 إِذاً مَا هُوَ فَضْلُ الْيَهُودِيِّ أَوْ مَا هُوَ نَفْعُ
الْخِتَانِ؟ 2 كَثِيرٌ عَلَى كُلِّ وَجْهٍ!
أَمَّا أَوَّلاً فَلأَنَّهُمُ اسْتُؤْمِنُوا
عَلَى أَقْوَالِ اللهِ.
3 فَمَاذَا إِنْ
كَانَ قَوْمٌ لَمْ يَكُونُوا
أُمَنَاءَ؟ أَفَلَعَلَّ عَدَمَ أَمَانَتِهِمْ يُبْطِلُ أَمَانَةَ
اللهِ؟ 4
حَاشَا! بَلْ لِيَكُنِ اللهُ صَادِقاً
وَكُلُّ إِنْسَانٍ كَاذِباً.),
وفي أعمال الرُّسُل 7/51-53
(51 «يَا قُسَاةَ الرِّقَابِ
وَغَيْرَ الْمَخْتُونِينَ بِالْقُلُوبِ وَالآذَانِ أَنْتُمْ دَائِماً تُقَاوِمُونَ
الرُّوحَ الْقُدُسَ. كَمَا كَانَ آبَاؤُكُمْ كَذَلِكَ أَنْتُمْ. 52 أَيُّ
الأَنْبِيَاءِ لَمْ يَضْطَهِدْهُ آبَاؤُكُمْ وَقَدْ قَتَلُوا الَّذِينَ سَبَقُوا
فَأَنْبَأُوا بِمَجِيءِ الْبَارِّ الَّذِي أَنْتُمُ الآنَ صِرْتُمْ مُسَلِّمِيهِ
وَقَاتِلِيهِ 53
الَّذِينَ أَخَذْتُمُ النَّامُوسَ
بِتَرْتِيبِ مَلاَئِكَةٍ وَلَمْ تَحْفَظُوهُ»).
وهُناك
آيات قُرآنية كثيرة جداً استشهد بها عُلماء المُسلمين
كدليل على أنَّ اليهود والنَّصارى حرَّفوا كُتُبهم.
قال
تعالى: ▬أَفَتَطْمَعُونَ أَن يُؤْمِنُواْ لَكُمْ
وَقَدْ كَانَ فَرِيقٌ مِّنْهُمْ يَسْمَعُونَ
كَلاَمَ اللّهِ ثُمَّ يُحَرِّفُونَهُ مِن بَعْدِ مَا عَقَلُوهُ وَهُمْ
يَعْلَمُونَ (75) وَإِذَا لَقُواْ الَّذِينَ آمَنُواْ قَالُواْ آمَنَّا
وَإِذَا خَلاَ بَعْضُهُمْ إِلَىَ بَعْضٍ قَالُواْ أَتُحَدِّثُونَهُم بِمَا فَتَحَ
اللّهُ عَلَيْكُمْ لِيُحَآجُّوكُم بِهِ عِندَ رَبِّكُمْ أَفَلاَ
تَعْقِلُونَ (76) أَوَلاَ يَعْلَمُونَ أَنَّ اللّهَ يَعْلَمُ مَا يُسِرُّونَ
وَمَا يُعْلِنُونَ (77)
وَمِنْهُمْ أُمِّيُّونَ لاَ يَعْلَمُونَ الْكِتَابَ
إِلاَّ أَمَانِيَّ وَإِنْ هُمْ إِلاَّ يَظُنُّونَ (78) فَوَيْلٌ
لِّلَّذِينَ يَكْتُبُونَ الْكِتَابَ بِأَيْدِيهِمْ ثُمَّ يَقُولُونَ هَـذَا مِنْ
عِندِ اللّهِ لِيَشْتَرُواْ بِهِ ثَمَناً قَلِيلاً فَوَيْلٌ لَّهُم مِّمَّا
كَتَبَتْ أَيْدِيهِمْ وَوَيْلٌ لَّهُمْ مِّمَّا يَكْسِبُونَ (79)♂ [البقرة : 75-79]
قال
تعالى: ▬وَلَمَّا جَاءهُمْ رَسُولٌ مِّنْ عِندِ
اللّهِ مُصَدِّقٌ لِّمَا مَعَهُمْ نَبَذَ
فَرِيقٌ مِّنَ الَّذِينَ أُوتُواْ الْكِتَابَ كِتَابَ اللّهِ وَرَاء ظُهُورِهِمْ
كَأَنَّهُمْ لاَ يَعْلَمُونَ
(101) وَاتَّبَعُواْ مَا تَتْلُواْ
الشَّيَاطِينُ عَلَى مُلْكِ سُلَيْمَانَ
وَمَا كَفَرَ سُلَيْمَانُ وَلَـكِنَّ الشَّيْاطِينَ كَفَرُواْ (102)♂
[البقرة : 101-102]
قال
تعالى: ▬وَإِنَّ مِنْهُمْ لَفَرِيقاً يَلْوُونَ
أَلْسِنَتَهُم بِالْكِتَابِ لِتَحْسَبُوهُ مِنَ الْكِتَابِ وَمَا هُوَ مِنَ
الْكِتَابِ وَيَقُولُونَ هُوَ مِنْ عِندِ اللّهِ وَمَا هُوَ مِنْ عِندِ اللّهِ
وَيَقُولُونَ عَلَى اللّهِ الْكَذِبَ وَهُمْ يَعْلَمُونَ (78)♂ [آل عمران]
قال
تعالى: ▬وَلَقَدْ أَخَذَ اللّهُ مِيثَاقَ بَنِي
إِسْرَائِيلَ وَبَعَثْنَا مِنهُمُ اثْنَيْ عَشَرَ نَقِيباً وَقَالَ اللّهُ إِنِّي
مَعَكُمْ لَئِنْ أَقَمْتُمُ الصَّلاَةَ وَآتَيْتُمُ الزَّكَاةَ وَآمَنتُم بِرُسُلِي
وَعَزَّرْتُمُوهُمْ وَأَقْرَضْتُمُ اللّهَ قَرْضاً حَسَناً لَّأُكَفِّرَنَّ عَنكُمْ
سَيِّئَاتِكُمْ وَلأُدْخِلَنَّكُمْ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِن تَحْتِهَا الأَنْهَارُ
فَمَن كَفَرَ بَعْدَ ذَلِكَ مِنكُمْ فَقَدْ ضَلَّ سَوَاء
السَّبِيلِ (12) فَبِمَا نَقْضِهِم مِّيثَاقَهُمْ لَعنَّاهُمْ وَجَعَلْنَا
قُلُوبَهُمْ قَاسِيَةً يُحَرِّفُونَ الْكَلِمَ
عَن مَّوَاضِعِهِ وَنَسُواْ حَظّاً مِّمَّا ذُكِّرُواْ بِهِ وَلاَ تَزَالُ تَطَّلِعُ عَلَىَ خَآئِنَةٍ مِّنْهُمْ
إِلاَّ قَلِيلاً مِّنْهُمُ فَاعْفُ عَنْهُمْ وَاصْفَحْ إِنَّ اللّهَ يُحِبُّ
الْمُحْسِنِينَ (13)♂ [المائدة :
12-13]
قال
تعالى: ▬وَمِنَ الَّذِينَ قَالُواْ إِنَّا
نَصَارَى أَخَذْنَا مِيثَاقَهُمْ فَنَسُواْ
حَظّاً مِّمَّا ذُكِّرُواْ بِهِ
فَأَغْرَيْنَا بَيْنَهُمُ الْعَدَاوَةَ وَالْبَغْضَاء إِلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ
وَسَوْفَ يُنَبِّئُهُمُ اللّهُ بِمَا كَانُواْ يَصْنَعُونَ (14) يَا أَهْلَ
الْكِتَابِ قَدْ جَاءكُمْ رَسُولُنَا يُبَيِّنُ
لَكُمْ كَثِيراً مِّمَّا كُنتُمْ تُخْفُونَ مِنَ الْكِتَابِ وَيَعْفُو عَن كَثِيرٍ قَدْ جَاءكُم مِّنَ اللّهِ نُورٌ
وَكِتَابٌ مُّبِينٌ (15) يَهْدِي بِهِ اللّهُ مَنِ اتَّبَعَ رِضْوَانَهُ سُبُلَ
السَّلاَمِ وَيُخْرِجُهُم مِّنِ الظُّلُمَاتِ إِلَى النُّورِ بِإِذْنِهِ
وَيَهْدِيهِمْ إِلَى صِرَاطٍ مُّسْتَقِيمٍ
(16)♂ [المائدة : 14-16]
قال
تعالى: ▬يَا أَيُّهَا الرَّسُولُ لاَ يَحْزُنكَ
الَّذِينَ يُسَارِعُونَ فِي الْكُفْرِ مِنَ الَّذِينَ قَالُواْ آمَنَّا
بِأَفْوَاهِهِمْ وَلَمْ تُؤْمِن قُلُوبُهُمْ وَمِنَ الَّذِينَ هِادُواْ سَمَّاعُونَ
لِلْكَذِبِ سَمَّاعُونَ لِقَوْمٍ آخَرِينَ لَمْ يَأْتُوكَ يُحَرِّفُونَ الْكَلِمَ مِن بَعْدِ مَوَاضِعِهِ يَقُولُونَ إِنْ أُوتِيتُمْ هَـذَا فَخُذُوهُ وَإِن لَّمْ
تُؤْتَوْهُ فَاحْذَرُواْ وَمَن يُرِدِ اللّهُ فِتْنَتَهُ فَلَن تَمْلِكَ لَهُ مِنَ
اللّهِ شَيْئاً أُوْلَـئِكَ الَّذِينَ لَمْ يُرِدِ اللّهُ أَن يُطَهِّرَ
قُلُوبَهُمْ لَهُمْ فِي الدُّنْيَا خِزْيٌ وَلَهُمْ فِي الآخِرَةِ عَذَابٌ عَظِيمٌ
(41)♂ [المائدة]
قال
تعالى: ▬وَمَا قَدَرُواْ اللّهَ حَقَّ قَدْرِهِ
إِذْ قَالُواْ مَا أَنزَلَ اللّهُ عَلَى بَشَرٍ مِّن شَيْءٍ قُلْ مَنْ أَنزَلَ
الْكِتَابَ الَّذِي جَاء بِهِ مُوسَى نُوراً وَهُدًى لِّلنَّاسِ تَجْعَلُونَهُ قَرَاطِيسَ تُبْدُونَهَا وَتُخْفُونَ
كَثِيراً وَعُلِّمْتُم مَّا لَمْ
تَعْلَمُواْ أَنتُمْ وَلاَ آبَاؤُكُمْ قُلِ اللّهُ ثُمَّ ذَرْهُمْ فِي خَوْضِهِمْ
يَلْعَبُونَ (91)♂ [الأنعام]
قال
تعالى: ▬مَثَلُ الَّذِينَ حُمِّلُوا التَّوْرَاةَ
ثُمَّ لَمْ يَحْمِلُوهَا كَمَثَلِ الْحِمَارِ يَحْمِلُ أَسْفَاراً بِئْسَ مَثَلُ الْقَوْمِ الَّذِينَ كَذَّبُوا بِآيَاتِ
اللَّهِ وَاللَّهُ لَا يَهْدِي الْقَوْمَ الظَّالِمِينَ (5)♂ [الجمعة]
وعن
ابن عباس ◙ أنَّه قال: «يَا مَعْشَرَ
المُسْلِمِينَ، كَيْفَ تَسْأَلُونَ أَهْلَ الكِتَابِ، وَكِتَابُكُمُ الَّذِي
أُنْزِلَ عَلَى نَبِيِّهِ ☺ أَحْدَثُ الأَخْبَارِ بِاللَّهِ، تَقْرَءُونَهُ لَمْ يُشَبْ،
وَقَدْ حَدَّثَكُمُ اللَّهُ أَنَّ أَهْلَ
الكِتَابِ بَدَّلُوا مَا كَتَبَ اللَّهُ وَغَيَّرُوا بِأَيْدِيهِمُ
الكِتَابَ، فَقَالُوا: هُوَ مِنْ عِنْدِ
اللَّهِ لِيَشْتَرُوا بِهِ ثَمَنًا قَلِيلًا، أَفَلاَ يَنْهَاكُمْ مَا جَاءَكُمْ
مِنَ العِلْمِ عَنْ مُسَاءَلَتِهِمْ، وَلاَ وَاللَّهِ مَا رَأَيْنَا مِنْهُمْ
رَجُلًا قَطُّ يَسْأَلُكُمْ عَنِ الَّذِي أُنْزِلَ عَلَيْكُمْ» (صحيح
البُخاري 2685).
[104] الآيات القُرآنية التي تدلّ على أنَّ
الله عزَّ وجلَّ تعهَّد بحفظ القرآن الكريم:
قال
تعالى: ▬وَقَالُواْ يَا أَيُّهَا الَّذِي نُزِّلَ
عَلَيْهِ الذِّكْرُ إِنَّكَ لَمَجْنُونٌ
(6) لَّوْ مَا تَأْتِينَا بِالْمَلائِكَةِ
إِن كُنتَ مِنَ الصَّادِقِينَ (7)
مَا نُنَزِّلُ الْمَلائِكَةَ إِلاَّ بِالحَقِّ
وَمَا كَانُواْ إِذاً مُّنظَرِينَ
(8) إِنَّا نَحْنُ نَزَّلْنَا الذِّكْرَ
وَإِنَّا لَهُ لَحَافِظُونَ (9)♂
[الحِجْر]
قوله
تعالى: ▬إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا بِالذِّكْرِ
لَمَّا جَاءهُمْ وَإِنَّهُ لَكِتَابٌ عَزِيزٌ (41) لَا
يَأْتِيهِ الْبَاطِلُ مِن بَيْنِ يَدَيْهِ وَلَا مِنْ خَلْفِهِ تَنزِيلٌ مِّنْ
حَكِيمٍ حَمِيدٍ (42)♂
[فُصِّلَتْ]
قوله
تعالى: ▬وَمَا كُنتَ تَتْلُو مِن قَبْلِهِ مِن
كِتَابٍ وَلَا تَخُطُّهُ بِيَمِينِكَ إِذاً لَّارْتَابَ الْمُبْطِلُونَ
(48) بَلْ هُوَ آيَاتٌ بَيِّنَاتٌ فِي
صُدُورِ الَّذِينَ أُوتُوا الْعِلْمَ وَمَا يَجْحَدُ بِآيَاتِنَا إِلَّا
الظَّالِمُونَ (49)♂ [العنكبوت]
وهُناك
أيضاً الحديث القدسي الذي فيه يقول اللهُ عزَّ وجلَّ للنبي محمد ☺: «وَأَنْزَلْتُ عَلَيْكَ كِتَابًا لاَ يَغْسِلُهُ الْمَاءُ
تَقْرَؤُهُ نَائِمًا
وَيَقْظَانَ»
(صحيح مسلم (7386), كتاب الجنة وصفة نعيمها
وأهلها, باب الصفات التي يعرف بها في الدنيا أهل الجنة وأهل
النار).
لقراءة
كمّ كبير من أقوال العُلماء والمُفسِّرين حول هذه الأدلَّة نرجو مُراجعة
التالي:
العِلْم
والمعرفة وتأثيرهما على الأنبا بيشوي,
عقيدة المُسلم في حِفْظ الله للقرآن الكريم من التَّحريف
[105] هذا ثابتٌ عند النَّصارى في كُتُبهم ومن
أقوال علمائهم, فإنَّهم يعترفون أنَّهم كانوا يُحرِّفون كُتُبهم أثناء النَّسخ, أي
عَمَل نُسخ جديدة من كُتُبهم المُقدَّسة.
المهندس
رياض يوسف داود: مدخلٌ إلى النَّقد الكِتابي, دار المشرق ببيروت - صـ 23.
[كان الكِتاب يُنْسَخ نَسْخ اليَد في بداية العَصْر المسيحي, وكانوا يَنْسَخُون
بأدوات كِتابيَّة
بِدائيَّة, عن نُسَخ مَنْسُوخة, ولقد أدْخَل
النُّسّاخ الكثِير من التَّبْدِيل والتَّعْدِيل على النُّصُوص وتَراكَمَ بَعْضُهُ
على بَعْضِهِ الآخر, فكان النُّص الذي
وَصَلَ آخر الأمر مُثْقَلاً بألوان
التَّبْدِيل التي ظَهَرَت في عَدَدٍ كبيرٍ من القِراءات؛ فما إن يُصْدَر كتابٌ جديدٌ حتى تُنْشَر له نُسْخاتٌ مَشْحُونَةٌ
بالأغلاط.]
شنودة
ماهر إسحاق: مخطوطات الكتاب المُقدَّس بلغاتها الأصلية, الأنبا رويس
بالعباسية - صـ20. [وقد أظهر باك
Pack في دراسته عن طريقة أوريجانوس في مُقارنة النُّصُوص الكتابية أنَّ
أوريجانوس
يُرجع الفروق في القراءات إلى أسباب أربعة
هي: 1- أخطاء
أثناء عملية النَّقل بالنَّساخة
نتيجة انخفاض درجة التَّركيز عند النَّاسِخ في بعض الأحيان. 2- النُّسَخ
التي يتلفها الهراطقة
عمداً ببثّ أفكارهم فيها أثناء النَّساخة. 3- التَّعديلات
التي يُجريها بعض النُّسّاخ
عن وعي وبشيء من الاندفاع بهدف تصحيح ما يرون أنَّه أخطاء وقعت من نُسّاخ سابقين أو
اختلاف عن القراءة التي اعتادوا سماعها. 4- تعديلات
بهدف توضيح المعنى المقصود في العبارة.]
رياض
يوسف داود: مدخلٌ إلى النَّقد الكِتابي, دار المشرق ببيروت - صـ25.
[في هذه المخطوطات طائف من الفوارق والاختلافات لا يتناول بعضها سوى قواعد الصَّرف
والنَّحو, أو الألفاظ,
أو ترتيب الكلام, لكن هُناك فوارق
أخرى بين المخطوطات تتناول معنى فقرات برُمَّتها. وهُناك قراءات مُتعدِّدة للآيات. ففي بعض مخطوطات
«أعمال الرُّسُل» قراءات يختلف بعضها عن بعض كثيراً, فمنها مَنْ يُطيل النَّص مُضيفاً إليه جُملاً عديدة تأتي في كل
سطر منه بتفاصيل جديدة ومُهمَّة.]
الكتاب
المُقدَّس: ترجمة الرَّهبانية اليسوعية, مدخل إلى العهد الجديد, دار المشرق
ببيروت - صـ12, 13. [إن نُسَخ العهد
الجديد التي وصلت إلينا ليست كلها
واحدة, بل يمكن المرء أن يرى فيها
فوارق مختلفة الأهمية. ولكن عددها كثير
جداً على كل حال. هناك طائفة من الفوارق لا
تتناول سوى بعض قواعد الصَّرف والنَّحو أو الألفاظ أو ترتيب الكلام. ولكن هناك
فوارق أخرى بين المخطوطات تتناول معنى فقرات
برمتها.
واكتشاف مَصْدَر هذه الفوارق ليس بالأمر العَسِير. فإنَّ
نصَّ العهد الجديد قد نُسِخ ثم نُسِخ طوال قُرُون كثيرة بيد نُسّاخ صلاحهم للعمل متفاوت. وما من واحد منهم
معصوم من مختلف الأخطاء التي تَحُول دون أن تَتَّصِف أية نُسْخَة
كانت - مهما بُذِل فيها من الجهد - بالموافقة
التّامَّة للمثال الذي أخذت عنه.
يُضاف إلى ذلك أن بعض النُّسّاخ حاولوا أحياناً عن حُسْن نيَّة, أن
يُصَوِّبُوا ما جاء في مثالهم وبدا لهم أنه
يحتوي أخطاء واضحة أو قلة دِقَّة في التَّعبِير اللاهوتي. وهكذا أدْخَلُوا إلى النَّص قراءات جديدة تَكاد أن تكون كُلُّها خطأ. ثم يمكن أن يُضاف إلى ذلك كلِّه أن
اسْتِعْمال كثير من الفقرات من العهد الجديد أثناء إقامة العبادة أدّى أحياناً
كثيرة إلى إدخال زخارف غايتها تجميل الطقس أو إلى التوفيق بين نصوص مُختلفة ساعدت
عليه التلاوة بصوتٍ عالٍ. ومن الواضح أن ما
أدخله النُّسّاخ من التَّبْدِيل على مرّ القُرُون تراكم بَعْضُهُ على بَعْضِهِ
الآخر, فكان النَّص الذي وَصَلَ آخر
الأمر إلى عهد الطِّباعَة مُثقلاً بمختلف
ألوان التَّبْدِيل ظَهَرَت في عددٍ كبيرٍ من القراءات. والمثال الأعلى الذي يهدف إليه
علم نقد النُّصُوص هو أن يُمَحِّص هذه الوثائق الـمُخْتَلِفَة لكي يُقِيم نصًّا يكون أقرب ما يُمْكِن من الأصل
الأول. ولا يُرْجى في حال من الأحوال
الوُصُول إلى الأصْل نَفْسِهِ.]
[106] للمزيد من المعلومات حول هذا الموضوع يُرجى
الاطِّلاع على السَّلاسل العلمية التالية:
الدَّورة
التَّعليمية التَّدريبية بمركز الذِّكر الحكيم بالإسكندرية
http://alta3b.wordpress.com/blog/lect/althikr
مدخلٌ
إلى مُقارنة الأديان
http://alta3b.wordpress.com/blog/lect/moqarana
فكرة
شاملة عن الكتاب المُقدَّس
http://alta3b.wordpress.com/2012/04/18/fekra
النقد
النصي - غرفة الحوار الإسلامي المسيحي
http://www.eld3wah.net/catplay.php?catsmktba=277
مشاكل
نصية في العهد الجديد - غرفة إظهار الحق
http://www.eld3wah.net/catplay.php?catsmktba=287
النقد
النصي للعهد الجديد - غرفة محمد رسول الله
http://www.eld3wah.net/catplay.php?catsmktba=310
تحريف
الكتاب المقدس من أقوال علماء المسيحية
http://www.eld3wah.net/catplay.php?catsmktba=368
شرح
كتاب: تحريف أقوال يسوع, لـ بارت إيرمان
http://alta3b.wordpress.com/books/explain/misquoting
النقد
النصي واللغة اليونانية
http://www.youtube.com/playlist?list=PL98693BBE3D1EFDD1
أيضاً
تستطيع تحميل المؤلَّفات التالية من هذا
الرابط
http://alta3b.wordpress.com/faqs/prepare/books-2
الحذف
والتجديد في العهد الجديد للأستاذ
ياسر جبر
تحريف
مخطوطات الكتاب المقدس للأستاذ
علي الريس
دلائل
تحريف الكتاب المقدس: من الذي حرف الكتاب؟ للدكتور
شريف سالم
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق