خُلاصة كتاب وحي الكتاب المُقدَّس
بسم الله الرحمن الرحيم
خُلاصة كتاب: وحي الكتاب المُقدَّس
يوسف رياض: وحي الكتاب المُقدَّس, مكتبة الإخوة – صـ35. [الكتاب المُقدَّس هو وحي الله. ومع أنَّ تعبير «وحي الكتاب المُقدَّس» ليس تعبيراً كتابيًّا بحصر اللفظ؛ إلا أنَّ مضمونه واضح كل الوُضُوح في الكتاب المُقدَّس كله. ولقد نشأ هذا التَّعبير من قول الرسول بولس: «كل الكتاب هو موحى به من الله» (2 تي 3 / 16). هذه الكلمة «موحى به من الله» لم ترد سوى في هذا النَّص, لكن هذه المرَّة الفريدة, مليئة بالمعاني الغنية المُباركة. فهي باليونانية؛ لغة العهد الجديد الأصلية «ثيوبنوستوس» [النُّطق الصَّحيح: ثيئوبنيوستوس] – وتعني حرفيًّا؛ نفس أو نسمة الله. فالكتاب المُقدَّس هو إذاً أنفاس الله أرسلها إلى أواني الوحي.]
يوسف رياض: وحي الكتاب المُقدَّس, مكتبة الإخوة – صـ24. [كما أن شخص المسيح له طبيعتان؛ الطَّبيعة النّاسوتية, والطبيعة اللاهوتية؛ عُنصر بشري استمدَّه من المُطوَّبة مريم, وعنصر إلهي من الرُّوح القُدُس, هكذا أيضاً الكتاب المُقدَّس يتكوَّن من عنصر بشري مُستمدّ من كتبة الوحي؛ علمهم واختباراتهم ولُغتهم … إلخ, وعُنصر إلهي من الرُّوح القُدُس, ونتيجة لذلك فإنَّه كما كان المسيح كلمة الله المُتجسِّد خالياً من الخطِيَّة, هكذا كلمة الله الموحى بها خالية من الخطأ. إن بشريَّة الرَّب يسوع المسيح هي مثل بشريَّتنا تماماً في كل شيء ما خلا الخطِيَّة, وبشريَّة الكتاب هي مثل كل الكُتُب ما خلا الخطأ.]
يوسف رياض: وحي الكتاب المُقدَّس, مكتبة الإخوة – صـ37. [هذه الأمور الثلاثة [أي: ما يتعلَّق بالوحي] هي إذاً كالآتي: الخطوة الأولى: من الله إلى كاتب الوحي, وفيه يصل إلى ذهن كاتب الوحي ما يُريد الله أن يقوله. هذا هو الإعلان. الخطوة الثانية: من أواني الوحي إلى الرُّقُوق أو الورق. وفيه يكتب النَّبي ما يُريده الله أن يكتبه. وهذا هو الوحي. الخطوة الثالثة: من الرُّقُوق أو الورق إلى قلب القارئ, وفيه يتقبَّل الإنسان الاستنارة من جهة ما يُريده الله أن يقوله, وما كتبه الله في الكتاب. وهذا هو الإدراك. هذه هي الخطوات الثلاث لوصول أفكار الله إلى الإنسان. إنَّها تشمل المنبع والمجرى والمصبّ. والكل من عمل روح الله.]
يوسف رياض: وحي الكتاب المُقدَّس, مكتبة الإخوة – صـ36-40. [نظريّات الوحي: حاول اللاهوتيون تفسير الوحي, وقدَّموا لذلك نظريّات نذكر منها: 1- النَّظرِيَّة الطَّبيعية: فاعتبر البعض أنَّ الوحي هو إلهام طبيعي كذلك الإلهام الذي يُصاحب الشُّعراء والأدباء في كتابة قصائدهم وأعمالهم الفنِّية. لكن هذه النَّظرِيَّة مرفوضة لأنَّها تتجاهل العُنصر الإلهي الذي يؤكِّده الكتاب المُقدَّس عندما يقول: "تكلَّم أُناس الله القديسون مَسُوقين من الرُّوح القُدُس" (2 بط 1 / 21). 2- النَّظرِيَّة الميكانيكية أو الإملائيَّة: وفيها قالوا إنَّ الله قام بإملاء كتبة الوحي ما كتبوا, تماماً كما لو كان يُحرِّك آلة كتابة أو إنساناً آليًّا. هذه النَّظرِيَّة على عكس النَّظرِيَّة السّابِقة تتجاهل العُنصر البشري, ولا يوجد أدنى سند لهذه النَّظرِيَّة في الكتاب المُقدَّس, بل على العكس, إنَّ لدينا العديد من الأدلَّة على أن شخصية الكاتب ومشاعره ظاهرة فيما كتب. (…) 3- النَّظرِيَّة الموضوعيَّة: بمعنى أنَّ الله أوحى لأواني الوحي بالفكرة فقط, دون العبارات نفسها, إذ ترك لكل كاتب أن يختار العِبارات التي تروق له دون تدخُّل من جانبه. ولعلَّ الذين اقترحوا هذه النَّظرِيَّة أرادوا بها تفادي أيَّة تناقضات في الكتاب المُقدَّس لا يعرفون حلَّها, أو عدم دقَّة تاريخية أو علمية مزعومة. لكننا أيضاً نرفض هذه النَّظرِيَّة إذ أن الكتاب ينقضها. (…) 4- النَّظرِيَّة الجُزئيَّة: وتعني أن هُناك أجزاء في الكتاب المُقدَّس مُوحى بها,وأخرى غير مُوحى بها. ولكي يُثبت أحد اللاهوتيين هذه النَّظرِيَّة, فإنَّه فسَّر الآية الواردة في فاتحة الرِّسالة إلى العبرانيين "الله … كلَّم الآباء قديماً بأنواع (وفي حاشية الكتاب: بأجزاء أو جُزئيًّا) وطُرُق كثيرة". 5- النَّظرِيَّة الرُّوحيَّة: بمعنى أنَّ الله أعطى الوحي للرُّوحيّات فقط, أمّا الأمور الأخرى التّاريخية أو العلمية .. إلخ, فهي تحتمل الخطأ, شأنها شأن أيَّة كتابات أخرى في ذلك الزَّمان. ويقول صاحب النَّظرِيَّة إنَّ الله تكلَّم إلينا فعلاً عن طريق كتابه المُقدَّس, لكن ليست نُصُوص الكتاب هي كلمة الله, بل فقط الرِّسالة الرُّوحية التي أتت إلينا من خلال هذه الكلمات.]
يوسف رياض: وحي الكتاب المُقدَّس, مكتبة الإخوة – صـ63. [ضياع النُّسَخ الأصلية: أشرنا في الفصل الأول أن الكتاب المُقدَّس هو صاحب أكبر عدد للمخطوطات القديمة. وقد يندهش البعض إذا عرفوا أن هذه المخطوطات جميعها لا تشتمل على النُّسَخ الأصلية والمكتوبة بخط كتبة الوحي أو بخط من تولَّوا كتابتها عنهم. فهذه النُّسَخ الأصلية جميعها فُقِدَت ولا يعرف أحد مصيرها. (…) ونحن نعتقد أن السِّر من وراء سماح الله بفقد جميع النُّسَخ الأصلية للوحي هو أن القلب البشري يميل بطبعه إلى تقديس وعبادة الـمُخلَّفات المُقدَّسة؛ فماذا كان سيفعل أولئك الذين يُقدِّسون مُخلَّفات القديسين لو أن هذه النُّسَخ كان موجودة اليوم بين أيدينا؟ أي عبادة لا تليق إلا بالله كانت ستُقدَّم لتلك المخطوطات التي كتبها أواني الوحي بأنفسهم؟]
يوسف رياض: وحي الكتاب المُقدَّس, مكتبة الإخوة – صـ65, 66. [الأخطاء في أثناء عملية النسخ: لكن ليس فقط أن النُّسَخ الأصلية فُقِدَت، بل إنَّ عملية النَّسخ لم تَخْلُ من الأخطاء. فلم تكن عملية النَّسخ هذه وقتئذ سهلة، بل إنَّ النُّسّاخ كـانوا يلقون الكثير من المشقَّة بالإضافة إلي تعرُّضهم للخطأ في النَّسْخ. وهذا الخطأ كان عُرضة للتَّضاعُف عند تِكرار النَّسخ، وهكذا دواليك. ومع أن كتبة اليهود بذلوا جُهداً خارقاً للمحافظة بكل دقة على أقوال الله، كما رأينـا في الفصل السّابِق، فليس معنى ذلك أن عملية النَّسخ كانت معصومة من الخطأ. وأنواع الأخطاء المحتمل حدوثها في أثناء عملية النسخ كثيرة مثل:
1- حذف حرف أو كلمة أو أحياناً سطر بأكمله حيث تقع العين سهواً على السطر التالي.
2- تكرار كلمة أو سطر عن طريق السهو، وهو عكس الخطأ السابق.
3- أخطاء هجائية لإحدى الكلمات.
4- أخطاء سماعية: عندما يُملي واحد المخطوط على كاتب، فإذا أخطأ الكاتب في سماع الكلمة، فإنه يكتبها كما سمعها. وهو ما حدث فعلا في بعض المخطوطات القديمة أثناء نقل الآية الواردة في متى 19: 24 "دخول جمل من ثقب إبرة" فكتبت في بعض النسخ دخول حبل من ثقب إبرة، لأن كلمة حبل اليونانية قريبة الشبه جدا من كلمة جمل، ولأن الفكرة غير مستبعدة!
5- أخطاء الذاكرة: أي أن يعتمد الكاتب على الذاكرة في كتابة جـزء من الآية، وهو على ما يبدو السبب في أن أحد النساخ كتب الآية الواردة في أفسس5: 9 "ثمر الروح" مع أن الأصل هو ثمر النور. وذلك اعتماداً منه على ذاكرته في حفظ الآية الواردة في غلاطـية 5: 22، وكذلك "يوم الله" في 2بطرس3: 12 كُتب في بعض النسخ "يوم الرب" وذلك لشيوع هذا التعبير في العديد من الأماكن في كلا العهدين القـديم والجديد.
6- إضافة الحواشي المكتوبة كتعليق على جانب الصفحة كأنها من ضمن المتن: وهو على ما يبدو سبب في إضافة بعض الأجزاء التي لم ترد في أقدم النسخ وأدقها مثل عبارة "السالكين ليس حسب الجسد بل حسب الروح" في رومية 8: 1، وأيضاً عبارة "الذين يشهدون في السماء هم ثلاثة…" الواردة في 1يوحنا 5: 7.]
يوسف رياض: وحي الكتاب المُقدَّس, مكتبة الإخوة – صـ68. [الفترة المفقودة: معروف عند الدارسين أنه كلما قلَّ الفاصل الزمني بين كتابة النسخـة الأصلية وبين المخطوط المكتشف فهذا يجعل المخطوط أكثر مدعاة للثقة به. ومما يميز المخطوطات التي للعهد الجديد بصفة خاصة، عن مخطوطات أي كتاب آخر من الأعمـال الأدبية الأخرى، هو أن الفاصل الزمني بين كتابة النسخة الأصلية وبين المخطوطات التي وصلتنا منها قصير نسبياً.]
يوسف رياض: وحي الكتاب المُقدَّس, مكتبة الإخوة – صـ73, 74. [النسخة السينائية (01) S Sinaiticus: اكتشفت صدفة عـام 1844 بدير سانت كاترين في جبل سيناء بواسطة العلامة تشندروف من ليبزج بألمانيا، الذي كرس عمره لاكتشاف مخطوطات الكتاب المُقدَّس القديمة ودراستها. فلقد قـادت العناية الإلهية الكونت تشندروف إلي دير سانت كاترين ليبحث في مكتبتها عن مخطوطات قديمة للكتاب المُقدَّس. وبعد عدة أسابيع من البحث دون جدوى، وجد في سلة للمهملات بعض الرقوق المعدة للحـريق، وكانت مغطاة بمخطوط أنيق ومضبوط أكثر من أي مخطوط آخر رآه من قبل. فأخذ منها 43 قطعة، كما تمكن من نقل سفري إشعياء إرميا. ولما عاد إلي أوربا قام بطبع ما حصل عليه بنفس هيئة أحرفه الأصلية. ثم زار الدير مرة ثانية سنة 1853 فوجد أجزاء لم يكن قد رآها من قبل، وهي جزء من سفر التكوين. وأخيراً عاد مرة ثالثة سنة 1859 مزوداً بأمـر من إمبراطور روسيا الأرثوذكسي مما سهل مأموريته هذه المرة، فعثر علي القسـم المتبقي من هذه النسخ، وهي عبارة عن 346 صفحة مخبأة في قبـو، وكان يشمل معظم أجزاء العهد القديم، والعهد الجديد كله. ولقد طبعت نسخة العهد الجديد التي اكتشفت في روسيا عام 1862. ثم بعد الثورة الشيوعية بيعت هذه الرقوق بما يعادل مبلغ 510,000 دولار أمريكي (أكثر من نصف مليون دولار!) إلي المتحف البريطاني في 24 ديسمبر 1933، وكان هذا يمثل أكبر مبلغ دفع في كتـاب على الإطـلاق لغاية هذا التاريخ. ولازالت تلك المخطوطة موجودة في المتحف البريطاني إلي يومنا الحاضر. ويُعتقَد اليوم أن كلاً من المخطوطة الفاتيكانية والمخطوطـة السينائـية كُتِبتا بناء على أمر الإمبراطور قسطنطين ضمن الخمسين نسخة التي أمـر بكتابتها على نفقة الإمبراطورية (انظر الفصل التاسع).]
يوسف رياض: وحي الكتاب المُقدَّس, مكتبة الإخوة – صـ73. [النسخة الفاتيكانية (03) B Vaticanus: وهى من أقدم المخطوطات المكتشفة. كُتبت في مصر في أوائـل القرن الرابع لكنها نُقِلت في زمن غير معروف إلي الفاتيكان بروما، وذُكِرت ضمن محتويات مكتبتها سنة 1475 م. وهى تحتوى على نحو 700 ورقة، تشمل كل الكتاب، ولو أنه فُقِـدت منها الأجزاء من تكوين 1-46، مزمور 105- 137، وكل الإصحاحات التالية لعبرانيين 9: 14. وقد نقلـت إلي باريس بعد غزو نابليون لإيطاليا ليقوم العلماء بدراستها. وهي موجودة الآن في الفاتيكان.]
يوسف رياض: وحي الكتاب المُقدَّس, مكتبة الإخوة – صـ72, 73. [المخطوط السكندري:(02) A – Alexandrinus : وهو يعتبر أكمل النُّسَخ ويقع في أربع مُجلَّدات ضخمة من الرَّقائق الجلدية. وهو يحتوى تقريباً على كل الكتاب، وقد كُتب أصلاً على 822 ورقة، بقى منها الآن 773 ورقة، وفقد 10 أوراق من العهد القديـم، 25 من إنجيل متى، واثنان من إنجيل يوحنا، وثـلاثة من رسالة كورنثوس. وقد عُثِر عليه في الإسكندرية عام 1624 م.ويرجع تاريخه إلي أوائل القرن الخامس الميلادي. وقد ظل في حوزة بطاركة مصر حتى أهداه البطريرك كيرلس لوكر، بطريرك القسطنطينية سنة 1628 إلى الملك تشارلس الأول ملك إنجلترا، وساهم في إعداد الترجمة الإنجليزية المعتمدة (KJV) ونُقل عام 1853 إلي المتحف البريطاني حيث لازال موجوداً إلي اليوم.]
الحمد لله الذي بنعمته تتمّ الصالحات
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق